جريدة الجرائد

ميشال عون رئيساً ولو بعد حين

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

جهاد الخازن

العماد ميشال عون أخيراً دخل قصر بعبدا. ليس لي موقف معه أو ضده، وإن كنت أتمنى لو أنه رشّح أحد أعضاء كتلته للرئاسة بدلاً منه، فهو تجاوز الثمانين وسيترك الرئاسة، إذا عاش، في حوالى التسعين.

هو أراد الرئاسة بأي ثمن فأتذكر «طالب الإمارة لا يُولّى». لبنان في حاجة إلى رئيس بين الأربعين من العمر والخمسين، لا إلى شيخ لا يستطيع العمل 18 ساعة في اليوم. هو انتُخِبَ بـ 83 صوتاً أعتبرها 83 خطأ.

وسواء كان الرئيس الجديد العماد أم غيره، فنحن لن نحظى برئيس من نوع الجنرال فؤاد شهاب، أو بشارة الخوري قبله، أو زعيم في مستوى العميد ريمون إده وكمال جنبلاط وصائب سلام ورشيد كرامي، أو مفكر من نوع غسّان تويني، أو رجل دين بحجم الإمام موسى الصدر.

الرئاسة لم تشغلني كثيراً وأنا صغير، وإنما الانتخابات النيابية. الرئاسة لم تكن تعني أي كسب للمواطن العادي مثلي، غير أن النيابة كانت تشمل دفع مئة ليرة أو أكثر للناخب، ما يعني ثروة في تلك الأيام.

كنت أنتخب، ولا أزال، في المتن الجنوبي، وكنت أحلم بوحدة عربية لم تكن ضمن برنامج أي مرشح في منطقتي فالاهتمامات كانت محلية قبل أي شيء آخر. ثم إن الدكتور بيار دكاش كان طبيب العائلة في مستشفى سانت تيريز، قبل أن يفتتح مستشفاه. وكان واجبنا جميعاً أن ننتخبه. هو جمع من الأصوات وحده ما جعل الرئيس كميل شمعون يضمه إلى قائمته الانتخابية ليدخل البرلمان. كان بين المرشحين الآخرين في المتن الجنوبي رجل الأعمال نجيب صالحة، إلا أن ابنيه مازن ومروان كانا صديقَيْن وبالتالي انتخابه واجب.

قنعت من غنيمة الانتخابات النيابية بالسلامة، فقد كان يقع قتلى وجرحى، ورأيت من النوع الأول كثيرين سقطوا بطعنة سكين أو خنجر. كان هناك مصابون أيضاً في انتخابات رئاسة بلدية حدت بيروت، مع أن رئيس البلدية ماروني دائماً ونائبه أرثوذكسي، ولم يكن في البلدة من المسلمين سوى عائلة المشلاوي الفلسطينية، ومنها الصديق الراحل توفيق فقد عملنا معاً في «الديلي ستار».

كنت بالتالي أهتم بالانتخابات في الدوائر الأخرى، وأذكر في الأشرفية الشعار «زي الحديد، هوه الوحيد. ميشال ساسين. حي السريان». في المصيطبة قرأت شعار: عمثان الدنا منّا ولنا. والكلمتان الأخيرتان كان يمكن أن تقرآ «مناوِلنا» أي يعطينا الفلوس، إلا أن السيد الدنا، رحمه الله، كان نزيهاً.

كانت جبيل محسومة للعميد ريمون إده، وهو ربما كان أنزه سياسي لبناني عرفته، وقد حاولت مرتين أن أقنعه، بعد انتقاله إلى باريس، بقبول مرتب من دولة عربية صديقة، فرفض وهو يقول: مش محتاج.

غسّان تويني كان المثل أو المثال للصغار أمثالي في تلك الأيام. بعد انتخاب سليمان فرنجية رئيساً أصبح غسّان تويني نائب رئيس وزراء وتولى ثلاث وزارات، ثم استقال بعد مئة يوم، وتعرضت «النهار» لحملة من «الزغرتاويّة» منعت الإعلانات عنها. كنت أعمل معه في إصدار تقرير أسبوعي بالإنكليزية أشرف عليه أخونا رياض الريس. وعندما قال لي: غلطنا، اعتقدت بأنه يتحدث عن التقرير، إلا أنه كان يتحدث عن انتخاب سليمان فرنجية رئيساً، فما نسمي «التطبيقات» جرى في مكتبه في الطابق الأعلى من مبنى النهار قرب البنك المركزي، والنواب يدخلون ويخرجون والسكرتيرة الحبيبة سامية الشامي تشرف على الصغيرة والكبيرة، وأنا أراقب الجميع وأتعلم.

كان في لبنان مقدار كبير من الديموقراطية، وكان الناس يعرفون الشريف العفيف النظيف، والنصاب الكذاب النهّاب. ولا أنسى عضو الكتلة الوطنية إدوار حنين فقد كان يسكن دارة جميلة قرب نهر الغدير بين الحدت وكفرشيما، ويفوز بمقعد نيابي من دون رشوة أحد.

اليوم أسمع أن كلاً من الذين اتفقوا على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء يريد تحسين وضعه المالي. أعرف سعد الحريري كما عرفت والده رفيق، ولا أعتقد بأنه يريد الحكم ليستفيد. هناك آخرون وهم لا يستطيعون الاختباء، وبعضهم لا يريد. رحم الله أبطال الاستقلال فقد سبقوا جيلي، ورجال خمسينات وستينات القرن العشرين الذين عرفت.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف