جريدة الجرائد

تحليل لمضمون خطاب البغدادي!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

 سعد بن عبدالقادر القويعي

 بعد آخر رسالة صوتية للبغدادي في ديسمبر 2015 م، ظهر - خليفة تنظيم داعش الإرهابي - أبوبكر البغدادي في تسجيل صوتي حديث، امتد لنصف ساعة، وبث على الإنترنت بمظهر الذي يشد عزيمة مقاتليه، مستنهضاً الانتحاريين، وداعياً من سمّاهم: «قوافل الاستشهاديين» إلى تحويل الدماء أنهاراً، معلناً الحرب ضد تركيا، - إضافة - إلى مهاجمته السعودية، وتحريض شبابها الذين أثبتوا أنهم لا يثقون بالبغدادي، ولا بجماعته الإرهابية.

أستاذ الإرهاب، والخراب، أراد - هذه المرة - أن يتلوّن وفق رياح المصلحة؛ ليؤثر على الوعي الجمعي للشعوب، ويعزز بشكل منهجي من القدرة على التأثير على الناس؛ من أجل الاستحواذ، أو الحفاظ على الشرعية السياسية، أو الدينية؛ فتلقَّف اليد الإيرانية الممدودة إليه؛ ليخلق عدواً وهمياً؛ ومن أجل تحفيز أتباعه بوجود معسكر الإسلام في مواجهة معسكر الكفر، في محاولة استمالة العقول لقضيته، ومحاولة صناعة التعبئة الشعبية.

إن إيجاد شكل من أشكال التعاون بين - الإرهابي - البغدادي، ودولة إيران على الهدف المشترك، سيجعل من التقاء المصالح بينهما وفق اتفاق ضمني على تأجيل الخلافات في كل مرة، أو تناسيها إلى حين، وذلك من خلال العمل على إيجاد تخريجات، تتيح له التعاون مع إيران بالتأييد غير المباشر، والدعم اللوجيستي، والتمويل، والدعم المخابراتي؛ من أجل تبرير مشروعه الإرهابي، ورؤيته لدولة الخلافة الإسلامية، - ومع الأسف - فقد نجحت هذه الأطراف في تحقيق مكاسب تصبّ في صالحهما، على المديين - القصير والمتوسط -.

هناك تساؤلات عدة يصعب فهمها، وتحليلها إلا في إطار مركَّب؛ فتحيلنا هذه المفارقات إلى استنتاج، أن تنظيم داعش ترك البلاد العربية التي نشأ فيها أضعف، وأكثر قابلية للاختراق؛ لتكون عنصراً فاعلاً في هذا المخطط القبيح، والقائم على فكرة أن دولته حدودها ليست أبدًا سوريا، والعراق - فقط -؛ ولكنها تشمل - أيضًا - كل مساحة جغرافية ممكنة، يمتد إليها تنظيم داعش، حيث تضع - في خارطتها التي تستهدفها - دول بعض مجلس التعاون الخليجي، مع أنه ظهر من التصريحات الأمريكية، والإيرانية بوضوح، أن هناك تفاهماً - أمريكياً إيرانياً - قد استوى حول المرحلة المقبلة في العراق؛ تبدأ بالمشاركة العسكرية الأمريكية ضد تمدد داعش، ولا تنتهي إلا باستعادة كامل الشراكة السياسية مع الإيرانيين في العراق.

بعيداً عن نظرية المؤامرة، أو قريباً منها، فإن التحليل النقدي يستدعي تفكيك الخطاب الدعائي للبغدادي المعتمد على العنف، فطريقة عرض الرسائل للجماعات الإرهابية، وطريقة ترويجهم للبروبجندا التي تروّج للجماعة، وأهدافها فشلت في استمالة العقول، والقلوب، وهذا ما يجعلني أؤكد على أن التنظيم آخذ في الانكماش، ولم تعد تتمدد كما كان شعارها في السابق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف