ترامب سيفتح صفحة جديدة لمكافحة الإرهاب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
وليد عبد الرحمن
هل يدخل مخطط مكافحة الإرهاب في عهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مرحلة جديدة من الحسم أم سيظل على وتيرته كما كان في عهد بارك أوباما؟ هذا السؤال بات ملحا الآن عقب انتهاء انتخابات الرئاسة الأميركية، ودخول الإرهاب مرحلة خطيرة في أغلب دول العالم. خبراء أمنيون في مكافحة التطرف، وقيادات منشقة عن جماعة الإخوان المسلمين، أكدوا لـ«الشرق الأوسط» صعوبة توقع ما سيقوم به ترامب في ملف التنظيمات المتشددة؛ لكن الخبراء أوضحوا أن ترامب سيفتح صفحة جديدة تماما لمكافحة الإرهاب «نظريا» ومصلحة بلاده ستكون أولويته الكبرى.
أصبح دونالد ترامب منذ الآن سيد البيت الأبيض، وكان قد تعهد قبل فوزه في الانتخابات بالإبقاء على معتقل غوانتانامو مفتوحا، بعد إعلان بارك أوباما عزمه على إغلاق المعتقل قبل نهاية ولايته؛ بل تعهد بأن يملأ هذا المعتقل بمن وصفهم بـ«الأشرار». ويذكر أن ترامب كان اقترح فتح معتقل غوانتانامو أمام المواطنين الأميركيين المشتبه بعلاقاتهم بالأنشطة الإرهابية لمحاكمتهم عسكريا أيضا.
ويشار أيضًا إلى أن الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن كان قد تعهد، بدوره، بالقضاء على الإرهاب في العالم أثناء حملته الانتخابية؛ ولكن حتى الآن، بعد سنوات من الحرب على الإرهاب، ما زال العالم بشكل عام، والشرق الأوسط على نحو التحديد، يعانيان من هذه الظاهرة، التي تعهد بوش بالقضاء عليها آنذاك.
العميد خالد عكاشة، الخبير الأمني والاستراتيجي، مدير المركز الوطني للدراسات الأمنية في مصر، قال: «أعتقد أن ترامب سوف يأخذ مسارا مختلفا عما سبق، خصوصا بعد توجيه ترامب انتقادات لاذعة لإدارة أوباما وهيلاري كلينتون عن إدارتهما الملف الأمني والعسكري، الذي أدى، بحسب ترامب، إلى تنامي ظاهرة الإرهاب، وأنهما السبب في ظهور تنظيم داعش الإرهابي، وأن هذه الأخطاء كانت السبب في تنامي الإرهاب العالمي سواء عربيا أو أفريقيا أو في أوروبا». وفيما يخص مصر، قال مراقبون إن ترامب أعلن تعاونه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مواجهة الإرهاب، ما يعنى ضمنيا حظر جماعة الإخوان، وكل التنظيمات الإرهابية المنبثقة عنها، وتجميد أرصدتها، وسحب الغطاء السياسي عنها. وكلام المراقبين المصريين أكده الدكتور وليد فارس، مستشار ترامب، في أول تصريح له عقب فوز الأخير برئاسة الولايات المتحدة، إذ قال فارس إن ترامب سيمرر مشروع اعتبار الإخوان «جماعة إرهابية»، مضيفًا أن «المشروع ظل معلقا داخل الكونغرس لعدة سنوات بسبب رفض البيت الأبيض المصادقة عليه، نظرا لأن أوباما كان يدعمهم». وأوضح فارس أن «ترامب يرى أن الإخوان من أخطر الجماعات التي تغذّي الفكر المتطرف. لذا، فهو يريد توجيه ضربة عسكرية للتنظيم الإخواني وليس احتواءه سياسيا، مثلما فعل أوباما وهيلاري كلينتون».
عكاشة أضاف لـ«الشرق الأوسط»، خلال لقاء معه: «من الناحية النظرية ترامب سيفتح صفحة مواجهة جديدة تماما وبصورة مختلفة؛ لكن يبقى الفعل. فتصريحات ترامب عن رفضه الإرهاب جاءت في سياق حملته الانتخابية قبل فوزه بالانتخابات الأميركية، لكن وقت التنفيذ له اعتبارات أخرى».
وسبق أن ذكر ترامب في تصريحات سابقة أن «المحاكم المدنية في الولايات المتحدة لا تؤيد أو تحب فكرة نقل مواطنين أميركيين مشتبه بهم إلى معتقل غوانتانامو؛ لكن أرى أنه من الأفضل إرسالهم إلى خليج المكسيك لمحاكمتهم عسكريا»، مضيفا: «من المرجح أن تكون فكرة فتح معتقل غوانتانامو للزج بالمشتبه بهم إلى جانب المعتقلين الأجانب خطوة غير دستورية؛ إلا أنها تعد تحديا بالنسبة لنا».
وحول تشديد ترامب على ضرورة وضع المتشددين في مكان آمن، وانتقاده القرار الذي اتخذه أوباما بالسماح لعدد من المعتقلين الأجانب «الذين يشكلون خطرا» بالخروج من المعتقل، أو إرسالهم إلى دولة ثالثة كما فعل من قبل، عقب عكاشة قائلا إن «توقع ما سيقوم به ترامب في ملف الإرهاب سيكون الحديث عنه سابقًا لأوانه»، لكنه في السابق لمح إلى توجيه النقد لأوباما لإدارته هذا الملف، ولافتا إلى أنه يصعب التنبؤ بموقف ترامب لأنه لم يكن له تجربة سياسية قبل ذلك مثل هيلاري مثلا. واستطرد الخبير الأمني المصري: «إن سبب صعوبة التنبؤ بما سيقوم به ترامب، أنه سوف يفتح صفحة جديدة مختلفة في حكمه. وهذا الكلام ليس له علاقة بمكافحة الإرهاب فقط، بل في جميع العناوين السياسية الأخرى الخطيرة التي تخيم عليها مساحة كبيرة من الغموض، فمثلا حلفاؤه في حلف شمال الأطلسي (نات) يسألون عن مصيرهم مع الرئيس الجديد لأميركا، وهكذا فإن مساحة الغموض في مواقف ترامب تفصح عن نفسها، ولا أحد يمتلك إجابة عنها».
من ناحية أخرى، في حين يرى مراقبون أن «ما يتم إعلانه في الحملات الانتخابية لا يعني بالضرورة أنه قابل للتحقيق، لأن الحملات هي دعاية لا غير، وقد يتحقق جزء من تلك الحملة أو لا يتحقق»، قال عكاشة معلقًا إن «مشهد مكافحة الإرهاب بالعالم في مرحلة متفاقمة جدا، ولا يتوقع لإدارة ترامب أن تلتف حوله أو تتجاهله، ولا بد أن تتعامل معه سواء بالسلب أو بالإيجاب». ويذكر أن حملة الرئيس أوباما الرئاسية كانت قد بدأت بمداعبة مشاعر العرب والمسلمين، عندما ألقى خطابه الشهير للعالم الإسلامي من تحت قبة جامعة القاهرة. ومن خلاله أطلق سلسلة من الوعود لم يعرف أي منها التحقيق، وبالتالي، نجد أن ليس كل ما يتم الإعلان عنه ينفذ. ومع أنه يشار إلى أن أبرز محطات أوباما خلال تاريخه في البيت الأبيض كانت القضاء على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، المسؤول عن تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول)، فإن مراقبين يرون أن «قتل بن لادن لم يمنع ظهور تنظيم أكثر شراسة بعد مرور 3 سنوات وهو «(داعش)».
في السياق ذاته، قال اللواء ممدوح عطية، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا في مصر، لـ«الشرق الأوسط»، خلال حوار معه إن «ترامب أرقى من أوباما، وخطواته ستكون جادة، وسوف يوفر الدعم لمن يحاربون الإرهاب من هذه الدول»، لافتا إلى أن «العلاقة مع الولايات المتحدة تكفي للحرب على الإرهاب. لكنه يبقى السؤال هل ستحارب أميركا الإرهاب فعلا.. أم ستظل كما يردد كثيرون أنها داعمة أساسية للإرهاب خصوصا «(داعش)»؟ لكي يستمر القتال في مناطق متعددة حول العالم. وهذا، خصوصا، ما تطرّق إليه ياسر السري «أبو عمار المصري»، مدير المرصد الإسلامي، وهو هيئة حقوقية تهتم بأخيار المتطرفين حول العالم، إذ قال السري: «ترامب أظهر عداوته للإسلام صراحة بتصريحاته السابقة المثيرة للجدل حول منع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، أما أوباما فقد شن الحرب على الإرهاب بقفازات ناعمة وغارات من طائرات الدرون الأميركية من دون طيار، أدت إلى قتل العشرات من المتشددين من (القاعدة) في الشريط القبلي بين باكستان وأفغانستان وكذلك آخرين من (داعش) في سوريا والعراق».
ومن جهته، قال الدكتور كمال الهلباوي، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، إن «مكافحة الإرهاب في عهد ترامب، سوف تتحدد حسب المصلحة الأميركية»، مضيفا: «المكان الذي تريده أميركا أن يكون هادئا سوف تدعمه وتتدخل فيه لمحاصرة الإرهاب، والمكان الذي تريده أميركا أن يصبح فوضى سوف تتركه للإرهاب. وعن استراتيجية أميركا حال دفاعها عن الإرهاب في الدول، قال الهلباوي لـ«الشرق الأوسط» إن «في جزء من الاستراتيجية العامة أو المصلحة الأميركية، يوجد شيء لديهم يطلق عليه البدائل، فمثلا نجد دولتين اتفقتا على محاربة الإرهاب، وتقومان بتدريب أشخاص على محاربة الإرهاب؛ لكننا نجد الإرهاب للأسف يتزايد في هاتين الدولتين».