علي خليفة بن ثالث: شكلنا مجتمعاً فوتوغرافياً محلياً وعربياً
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
رنا نجار
أطفأت جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، هذا العام، شمعتها السادسة بنجاح شارك فيه عشرات الآلاف من المصورين و193 دولة. وأعلنت الأمانة العامة إغلاق المشاركات في محاور دورتها السادسة «التحدي»، أخيراً، والتي شَهِدَ الأسبوع الأخير منها نسبة تسارع مفاجئة في عدد المشاركات تجاوزت سقف التوقعات وهوامش النموّ السنوية، الأمر الذي أدّى إلى تقطّعات متكرّرة للخوادم وظهور تحديات تقنية في استقبال بعض المشاركات. هذه الجائزة الأول من نوعها في العالم العربي، والتي توّجت العام الماضي بمتحف موقت عرض فيه أكثر من 850 صورة لـ129 مصوّراً، لخّصت المفاهيم والتيارات التي مرّت بها الصورة الفوتوغرافية في القرنين العشرين والحادي والعشرين عبر أعمال مميزة ونادرة. حول هذه التظاهرة السنوية وتأثيرها في تطوير مجتمع الصورة العربية، التقت «الحياة» الأمين العام للجائزة علي بن ثالث الذي فاز أخيراً بجائزة القيادة في التصوير الاحترافي التي يمنحها المجلس الدولي للتصوير «أي بي سي». وهو أول عربي يفوز بهذه الجائزة.
> هل يمكننا القول إنكم شكّلتم من خلال الجائزة والمعرض الضخم الذي نظّمتموه العام الماضي، والدورات التدريبية وورشات العمل المستمرة على طول العام، مجتمعاً فوتوغرافياً إماراتياً أو عربياً؟ وهل أصبحت دبي هي منصة تفاعلية لهذا الفن العريق؟
- النجاح معادلة متكاملة لا تعتمد على الأرقام فقط رغم أهميتها، نعم لقد نجحنا في تشكيل مجتمع فوتوغرافي محلي وعربي وقدّمنا له المعرفة والمعلومة وخلاصات الخبرة، إلى أن أصبح مجتمعاً ذا طاقة عالية وعملٍ جاد وتطوّر مستمر. أما التفاعلية فتكمن في تبادل الخبرات وتنوّع التوجهات الفنية وتلاقح الأفكار. نعم بفضل الله وبرؤية راعي الجائزة الثاقبة، نجحنا في تعزيز مكانة دبي كمركزٍ فنيّ وثقافيّ رائد في مجال الفوتوغرافيا، وهذا ليس غريباً على دبي الرائدة في العديد من المجالات المتنوّعة.
> قال أحد أبرز المصورين البرازيلي سيبستياو سالغادو عندما تسلم جائزة أفضل شخصية في غرفة التجارة الفرنسية- البرازيلية في ريو دي جانيرو، قبل مدّة قصيرة: «لا أظن أن الصورة الفوتوغرافية ستستمر لأكثر من 20 إلى 30 عاماً، سننتقل إلى شيء آخر... الصورة الفوتوغرافية ستنتهي قريباً لأن ما نراه على الهواتف المحمولة ليس صورة. وفن التصوير يجب أن يتجسد، يجب أن نطبعه ونراه ونلمسه كما في السابق عندما كان الأهل يعدون ألبومات صور لأطفاله... لقد دخلنا في عملية إلغاء الصورة». ما رأيكم بهذا الكلام؟ وأي مستقبل للصورة الضوئية تراه في العالم العربي وفي الإمارات تحديداً؟
- الصورة كمبدأ تبقى هي الصورة، لكنّها تتشكّل في أطوارٍ مختلفة وأحوالٍ متباينة وفق مستجدات العصر وتطوّر أساليب استخدامها وتوظيفها والتعامل معها. أنا أوافقه الرأي في أن الصورة كما تطوّرت بسرعةٍ فائقة في السنوات العشر الأخيرة، لن تبقى كما هي بعد 30 سنة، ستعيش طوراً آخر. وأنا أؤكد لكم أنها ستلعب دوراً أكثر أهمية من الآن. لكن لا شيء قادراً على إلغاء الصورة في حياتنا، إنما أسلوب حضورها في يومياتنا قد يتغيّر. مستقبل الصورة مشرق من حيث الكمّ والكيف فالهواة العرب يرتقون كل يوم خطوات إلى الأعلى وعدد المبدعين يتزايد والوعي بقيمة الصورة وتأثيرها يتصاعد، جميع المؤشرات تدل على أننا في الاتجاه الصحيح في الإمارات وفي العالم العربي عموماً.
> هناك دراسات تكتب اليوم عن تحوّلات الصورة الفوتوغرافية في العالم مع ظهور العالم الرقمي والديجيتال وكاميرات الهواتف الذكية التي توثّق يومياتنا وهواياتنا وهويّاتنا وأفكارنا وأدق تفاصيل حياتنا، فقد أصبحت الصورة هي وسيلة تعبيرنا الأولى. ويتكل الناس على آلة التصوير لتسجيل حدث، فلا يعيشون اللحظة الراهنة». فهل تجعل الصور أدمغتنا خاملة اليوم وفي المستقبل؟ أم هي بديل لحفظ ذكرياتنا كالكتب والوثائق؟ ولكن هذه الذكريات لها ملايين الصور، وبالتالي الوصول إليها صعب ويحتاج إلى بحث مطولاً في أدراج الكومبيوتر والإنترنت ووسائل الحفظ؟
- من يرى عالم التصوير من الخارج ليس كمن يعيش فيه. لم تكن الصورة ولن تكون مبرّراً لخمول العقل، بل هي دوماً محرّض على التفكير والتخيّل والتحليل. عندما يُفرط البعض في التصوير يخسرون نبض حياتهم اليومي هذا صحيح وهذا أمر يخصّهم لكن التوظيف المثالي للكاميرا في الحياة اليومية لا يقبل الإخلال بالتوازن بين الوظائف المختلفة. للتصوير وقته وللحياة بعيداً من الكاميرا وقتها. الصورة الرقمية ليست بديلاً مكتملاً للصورة المحسوسة من حيث الأرشفة، لكنها وجهات نظر تختلف بين الناس، أيضاً ذاكرة الكاميرا ليست بديلاً من الذاكرة البشرية وليس هناك مجال للمقارنة في الوظائف والمهمات والقدرات بينها.
> علي خليفة بن ثالث واحد من أشهر المصوّرين اليوم، خصوصاً بعدما فزتم بجائزة القيادة في التصوير الاحترافي التي يمنحها المجلس الدولي للتصوير «أي بي سي». أولاً، ما قيمة هذه الجائزة معنوياً؟ وماذا قدمت لكم شخصياً؟ وماذا تقدم للإمارات التي أصبحت وجهة المصورين، خصوصاً أنكم المصور العربي الأول الذي يحوزها؟
- القيمة المعنوية ثمينة جداً بالطبع. بالنسبة إلى جائزة حمدان بن محمد الدولية للتصوير وجميع كوادرها، فقد كان لهم أكبر الأثر فيها من خلال تسخير الصورة الفوتوغرافية لخدمة القضايا الإنسانية. لقد مُنِحَت الجائزة لنا من المجلس الدولي للتصوير التابع للأمم المتحدة، تقديراً لدور الجائزة في رصد الواقع المؤلم للاجئين السوريين في الأردن وتدريب عدد منهم على التصوير وإقامة ثلاثة معارض للصور الملتقطة من المخيم للفت نظر العالم لهذه المأساة. نحن في جائزة حمدان بن محمد الدولية للتصوير لم نقم إلا بواجبنا لخدمة الإنسانية من خلال فن التصوير، بالطبع كان لهذه الجائزة دور في لفت أنظار المجتمع الدولي لدولة الإمارات العربية المتحدة كدولة لها ثقل إقليمي ودولي على الصُعُد الفني والثقافي والإنساني أيضاً.
> بعد هذه الجائزة العالمية وبعد نجاح «HIPA» ومجموعتكم تحت الماء، ما هي خطط علي بن ثالث؟ وماذا عن الكتاب الذي وعدتنا بنشره حول تجربتك تحت الماء؟
- وفيت بوعدي وأطلقتُ الكتاب الأول لي باللغة الإنكليزية بعنوان «ترولي مادلي ديبلي»، وستصدر النسخة العربية في كانون الثاني (يناير) المقبل. أما خططي على صعيد التصوير فهي عديدة، وقد عدتُ قبل أيام من رحلة غوص في إندونيسيا واكتشفتُ خلالها عوالم جديدة تحت الماء من خلال الكاميرا. وفي ما يخص الجائزة فالآتي جميل وستعلمون به في حينه.
> تغلقون اليوم «التحدي» كثيمة للدورة السادسة، هل كان هذا التحدي في مجال الصورة الضوئية نفسها التي تخوض مخاضاً عسيراً وتحوّلات كثيرة، خصوصاً أنه لم تعد هناك علاقة مادية بين الإنسان العصري والصورة الورقية المؤطرة في كادر أو المجلدة في ألبوم؟ أم انه التحدي بشكل عام وفي شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟
- نحن في مجال الفوتوغراف ننتمي إلى مدرسة حرية الإبداع والفهم والتأويل، لو كانت لدينا نية لتأطير المعنى لقمنا بذلك، ولكننا فضّلنا إبقاء المصطلح مفتوحاً كي تتناوله العقول بحسب فهمها له وتقدّم الأعمال الفوتوغرافية التي تجسّد رؤيتها له. التحدي بعمومه فكرة مستفزة للقريحة الإبداعية لتُظهر أفضل ما لديها تحت هذا المعنى.
> هناك محاور أخرى في الدورة السادسة، مثل «ملف مصوّر» و «التلاعب الرقمي» و «الأبيض والأسود والملوّن»، هل هي محاور مختلفة عن التحدي، أم تندرج ضمن الثيمة العامة؟
- كل سنة نطلق محوراً رئيسياً ومحاور فرعية، التحدي هو عنوان الموسم السادس والذي أُغلق أخيراً. أما المحاور الأخرى فهي فرعية مستقلة بذاتها، إضافة لمحور «العام» والذي ينقسم للملوّن والأبيض والأسود.
> هذه السنة وصلت قيمة الجائزة النقدية إلى 423 ألف دولار، لماذا ارتفعت قيمة الجائزة؟ وهل الأموال تحفّز الإبداع؟
- أعلنا سابقاً أن عدد الفائزين في المحاور المطروحة زاد كنتيجة طبيعية لمسيرة التطور والارتقاء وسعياً لتعزيز التنافس بين المشاركين وتوسيع فرص الفوز وتقدير عدد أكبر من المبدعين في فن التصوير الفوتوغرافي. الجوائز المادية لها تأثيرها المحفّز بالطبع على المشاركين، إنما ثمة أسباب أخرى قد تكون أكثر أهمية لبعض المصورين.