الموارنة والشيعة والصراع على لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نديم قطيش
لوهلة أولى بدا أن شيئًا من خطاب الشيعة في لبنان، عاد إلى لحظة العام 1984، أي ذروة الاشتباك بين الشيعية الصاعدة بشخص الشاب نبيه بري ونظام المارونية السياسية ممثلاً بالرئيس أمين الجميل والجيش اللبناني.
6 فبراير (شباط) 1984، كانت اللحظة الأبرز في صناعة زعامة بري، ولحظة الانهيار الأخير في بنية المارونية السياسية، مع انقسام الجيش مصحوبًا باحتدام الصراع الماروني الماروني، المستمر لسنوات بعدها. وكان قد توسط ذلك عام 1987 دخول حافظ الأسد إلى بيروت مجددًا، وتجريده حملة تصفيات مركزية في جسد الطائفة السنية.
رسم هذا السياق الموجز سياق تخلع الدولة ومؤسساتها، والأهم انهيار «الصيغة» التعاقدية بين اللبنانيين المعروفة بميثاق 1943، ثم الوصول إلى اتفاق الطائف الذي ولدت من رحمه الجمهورية اللبنانية الثانية، بتوازنات جديدة قوامها المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وتعديل عميق في صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح مؤسسة مجلس الوزراء مجتمعة، وليس رئيس الحكومة كما يشاع خطأً. تعامل «الطائف» مع المسلمين كتلة واحدة في حسبة تشارك السلطة وتوزيع حصصها، وظل التنافس الشيعي - السني ضمن حصة المسلمين مطمورًا تحت طبقات تنوعت وتعددت. تارةً طمرت تحت الاستنجاد بالذراع السورية في مواجهة رفيق الحريري، وتارة بالتفاهم مع الحريري نفسه، من دون أن يشعر الشيعة أنهم مضطرون لما هو أكثر من ذلك «لضمان حصتهم». وبعد عام 2005، شكل التفاهم الماروني - الشيعي بين عون و«حزب الله» رافعة في مواجهة قيادة السنة لمشروع الاستقلال الثاني، أو ما عرف بانتفاضة الاستقلال. مع ذلك بقيت علاقة الرئيس بري بالموارنة محكومة بذاكرة العام 1984 ودروسها وخلاصاتها.
لم تعرف له علاقة مستقرة في إيجابيتها بأي من رموز العصب الموارني. ظل عون حليف حليفه، حزب الله. وظلت علاقته بسمير جعجع باردة، ما لم تكن سلبية. وميزت ندرة الود علاقته ببكركي، لا سيما أيام البطريرك مار نصر الله بطرس صفير. أما علاقته بالوزير سليمان فرنجية، فهي تأكيد على ضعف صلته بالعصب الماروني. فالوزير فرنجية هو حفيد الرئيس الذي يحمل اسمه، والذي يمثل عمليًا في التجربة المسيحية البديل عن الرئيس القوي يوم لم ينجح الأقوياء الثلاثة، أي بيار الجميل وريمون إده وكميل شمعون، في ضمان وصول أي منهم للرئاسة. صلة بري ضعيفة بالأصل الماروني، وقوية ببدلائه، وهذه ملاحظة لافتة بحد ذاتها!
بهذا المعنى، جاءت لحظة انتخاب عون رئيسًا، وما تلاه من مسار تشكيل أولى حكومات العهد، ليضع الشيعة مجددًا أمام أسئلة الشراكة، ليس مع السنة وحدهم هذه المرة، بل مع السنة والموارنة معًا.
وبالتالي فنحن بإزاء سجال حول النظام السياسي، وليس سجالاً سياسيًا وحسب. وقد عبر عنه الرئيس بري بأعلى درجات الوضوح في أكثر من مناسبة أخيرًا. يقول بري: «أنا لا أريد بتاتًا أن أحكم مجلس الوزراء، أو أتحكّم به، ولكنني في الوقت ذاته أرفض أن يحكمني أو يتحكّم بي أحد.. هذا الزمن ولّى، ولن يعود، وأنا سأفعل كل ما هو ضروري لمنع عودته».
إنها لغة العام 1984، ولغة الذاكرة العميقة للصراع على صيغة الشراكة، وليس على توزيع الحصص السلطوية فقط.
ينطلق الرئيس بري من مرتكزات هذه الذاكرة وهذه «المعركة الأصلية» ليجدد خوضها على كل مسرح متاح، وآخره تعديل آليات تشكيل الحكومة، وتكبيل المسار الدستوري بأعراف ولياقات وافتراضات مسبقة تقع في صلب تعديل النظام. الدستور أناط بالرئيس المكلف تشكيل الحكومة بعد استمزاج آراء القوى السياسية، ووضع في عهدة رئيس الجمهورية، بما هو مؤتمن على الدستور وسلامة العيش المشترك، أن يوقع أو لا يوقع مراسيم تشكيلها. أما ما يتعزز حاليًا، فهو مسار مختلف تمامًا، يجعل من رئيس المجلس شريكًا في التشكيل، مساويًا لرئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، ما يجعل من الحكومة في الحقيقة تجمعًا لحكومات مصغرة قابلة للانفجار أو التعطل في أي لحظة، ويجعل من مجلس الوزراء مختبرًا لتحميض الأفلام، لصور اتخذت خارجه من عدة مصورين، ليس بالضرورة بينهم صاحب مختبر التحميض!
أما مطلب الشيعة التمسك بوزارة المال، فيندرج في سياق الصراع على السلطة التنفيذية نفسه. فوزارة المال تعني التوقيع الرابع على المراسيم، بعد توقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المختص بموضوع المرسوم. وبالتالي فإن امتناع وزير المال عن التوقيع، في غياب أي قانون يلزمه بالتوقيع، يعني قدرة وزير المال على التحكم بمصير مراسيم الحكومة، أي قوة فيتو داخل السلطة التنفيذية!
إنه إذن صراع على النظام وداخله، وليس صراعًا سياسيًا وحسب. وهو صراع مستمر يُعاد اليوم إنتاجه بصورة هي الأوضح منذ مداولات الطائف، وقبلها لوزان. وهو صراع على عقد الشراكة بين اللبنانيين، من دون توريات أو استعارات. قد لا يذهب الرئيس بري الآن إلى مطلب تعديل الطائف، لكنه سيسعى لتعديله من داخله، كما أن عون يسعى للاستعاضة بالسلوك والموقف عن ضعف الصلاحيات. بري يشد لحظة 1984 إلى ما بعدها، فيما يشدها عون إلى ما قبل.
التعليقات
أسف على لبنان العلماني
خليجي-لا ينافق -الان تدخلات دول اضرت المجتمع والبلد---وخصوصا التدخل الايراني الخميني--الخامئنيمن يوم ما جاءت ثورة الدجل دمروا لبنان واصبح جزء منه كضاحية قم المتخلفة --انه الارهاب الفكري----الحل منع الاحزاب الدينية منعا تاما--والسيادة والجيش هم الحل--ولايمكن بلد به جيشان --يستقر --ولبنان البلد الوحيد بالعالم هكذا---ولابد من وقفهم من هذه السلوكيات والسبب هو مخرجات ايران وسلوكياتها--الفوضى بالمنطقة سببته ايران--نتمنى زوال النظام لحكم الملالي ورجوع رضا محمد شاه--امبرطور لأيران--اريامهر
رقم 1--معك حق
.حسين كمال -نعم انها الحقيقة---اذا استمر تدخل ايران---لا مفر من حكومة ودولة فيدرالية--للسنة والمسيحيين والشيعة والدروز----انصح المغتربين وهم 14 مليون بالمهجر واغلبهم من المسيحيين الرجوع--لأنقاذ لبنان لتاريخ والحضارة من تسلط الدجالين من ايران----على فكرة ال 14 مليون لبناني قاله السيد نبيه بري