ابن كيران يسابق الزمن لتشكيل حكومة طال انتظارها في المغرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أمام الوضع المأزوم الذي تعيشه مفاوضات تشكيل التحالف الحكومي، الذي سيقود المغرب خلال السنوات الخمس المقبلة برئاسة عبد الإله ابن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية (مرجعية إسلامية) متصدر نتائج انتخابات 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ما زال ابن كيران يسابق الزمن من أجل تشكيل حكومته التي طال انتظارها، وإخراج البلاد من نفق الأزمة السياسية التي تخيم عليها.
وفي ظل الجمود الذي تعيشه المفاوضات، بعد الخلاف الذي ظهر بين رئيس الحكومة المعين، ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، الذي اشترط استبعاد حزب الاستقلال من التحالف مقابل مشاركته في الحكومة، وهو الأمر الذي رفضه ابن كيران، وعبر في أكثر من مناسبة عن تشبثه بحزب الاستقلال في الحكومة المزمع تشكيلها، بدأت تظهر الكثير من السيناريوهات التي يطرحها الإعلام والمتخصصون في القانون الدستوري للخروج من الأزمة، إذ اقترح البعض تكليف شخص آخر من حزب العدالة والتنمية تشكيل الحكومة، بدل ابن كيران، فيما ذهب آخرون إلى اللجوء للحزب الثاني، أي «الأصالة والمعاصرة»، وهو ما اعتبره مراقبون تأويلات غير ديمقراطية للوثيقة الدستورية والفصل 47، الذي ينص بشكل واضح على اختيار رئيس الحكومة من الحزب المتصدر للانتخابات.
ومما ساهم في تعقيد مهمة ابن كيران، التي بدت بعد ظهور نتائج الانتخابات أنها ستكون سهلة، هو إعلان حزب الاتحاد الدستوري تحالفه مع التجمع الوطني للأحرار، قبل أن يعلن محند العنصر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، الذي احتل المرتبة الخامسة (27 مقعدا) أنه لن يشارك في التحالف الحكومي إلا إذا كان حزب التجمع الوطني للأحرار مشاركا فيه.
ولم تقف متاعب ابن كيران في مسار تشكيل حكومة ولايته الثانية عند هذا الحد، بل أصبحت أكثر تعقيدا بعدما ربط حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بقيادة إدريس لشكر، مصيره هو الآخر بحزب التجمع الوطني للأحرار، رغم إعلان أمينه العام بعد لقائه في الجولة الأولى من المشاورات مع ابن كيران، أن حزبه سييسر مهمة رئيس الحكومة في تشكيل الغالبية المطلوبة.
وحتى الآن، ما زال الغموض سيد الموقف، ولم يحسم بعد أي شيء في المسلسل العسير لتشكيل الحكومة، باستثناء تأكيد حزب التقدم والاشتراكية (الشيوعي سابقا)، الذي لا يملك سوى 14 مقعدا في البرلمان، دخوله في التحالف مع حزب العدالة والتنمية، إلى جانب حزب الاستقلال، الذي حل في المرتبة الثالثة بـ47 مقعدا، حيث يظل ابن كيران، بعيدا عن الأغلبية التي تخول له تشكيل حكومته، بمعدل لا يقل عن 198 مقعدا من أصل 395 نائبا في البرلمان.
ويربط الكثير من المراقبين عدم نجاح ابن كيران في تشكيل أغلبيته الحكومية، بعد مرور أزيد من 45 يوما على تكليفه من طرف الملك محمد السادس، بعدم امتلاك الأحزاب السياسية لاستقلالية قرارها السياسي، وتنفيذها تعليمات ما يسميه ابن كيران «قوى التحكم»، ويعتبر كثيرون، بما فيهم حزب العدالة والتنمية، أن حزب الأصالة والمعاصرة يشكل واجهة «التحكم» السياسية، بل إن رئيس الحكومة المعين من طرف العاهل المغربي الملك محمد السادس في 10 من أكتوبر الماضي، اتهم «الأصالة والمعاصرة» بتدبير محاولة «انقلاب فاشلة» على نتائج انتخابات 7 أكتوبر التي تصدرها حزبه بـ125 مقعدا، مباشرة بعد إعلان النتائج، إذ كشف في كلمة أمام اللجنة الوطنية لحزبه أن حزب الاستقلال أفشلها بعد رفضه المشاركة فيها.
وفي آخر التطورات التقى ابن كيران الخميس الأمينين العامين لحزبي التقدم والاشتراكية والاستقلال، وتباحثوا في مسار مفاوضات تشكيل الحكومة، حيث أكدوا جميعا على تشبثهم بتحالفهم القائم، الأمر الذي يعد رسالة واضحة لرئيس التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش بأن طلب استبعاد الاستقلال من التحالف أمر مرفوض، ولن يستجيب له ابن كيران. وصباح أمس الجمعة، أعلن حزب العدالة والتنمية عبر بوابته الإلكترونية، أن ابن كيران استقبل إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وأكد أن الطرفين تباحثا بشأن مسار تشكيل الحكومة، وأن اللقاء مر في أجواء إيجابية.
وحرص إعلام حزب رئيس الحكومة المكلف على التأكيد بأن اللقاء دعا له ابن كيران، و«توج بتسجيل تقدم مهم في مواقف الطرفين، حيث أصبحت اليوم أكثر تقاربا، كما أن الوضعية بخصوص المشاركة في الحكومة تحسنت عن السابق»، وهو ما يمثل رسالة من الحزب إلى الرأي العام، تفيد بأن انفراجا وشيكا يلوح في أفق تشكيل الحكومة.
ورغم هذه اللقاءات التي يعقدها رئيس الحكومة مع الأحزاب الممثلة في البرلمان، فإن مراقبين يتوقعون بأن حسم تشكيل الحكومة الجديدة، سيبقى مؤجلا حتى عودة الملك محمد السادس، من جولته الأفريقية التي رافقه فيها عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ووزير الفلاحة والصيد البحري، الذي يظل رقما صعبا في مسار مفاوضات تشكيل الحكومة المنتظرة. وفي حال استمرار الوضع القائم وفشل رئيس الحكومة المعين في تشكيل أغلبيته الحكومية، تبقى الأمور مفتوحة على جميع الخيارات، والتي من بينها اللجوء إلى إعادة الانتخابات، غير أن هذا السيناريو يعتبر مكلفا من الناحية السياسية والاقتصادية للبلاد، وهو ما يستبعده المراقبون، ويتوقعون دخول المؤسسة الملكية على الخط، وتقريب وجهات النظر بين الأطراف الحزبية، وتسهيل مهمة رئيس الحكومة المعين في تشكيل الغالبية الحكومية المطلوبة.