دبي .. والتفوق السياحي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
رشود بن محمد الخريف
تطورت مدينة دبي كغيرها من مدن الخليج، نتيجة تدفق النفط، والاستفادة من عوائده في بداية سبعينيات القرن الميلادي الماضي، ولكنها تفوقت على كثير من المدن الخليجية في بناء اقتصاد مستدام لا يعتمد على النفط، بل إن الأعجوبة هي قدرة هذه المدينة الحالمة الطموحة على حفر موقعها على خريطة العالم، ورسم مكانتها في أذهان الناس في أصقاع الأرض كافة، لدرجة أن الناس لا يعرفون دول الشرق الأوسط إلا من خلال الإشارة إلى مجاورتها لدبي.
لقد بدأ دور دبي وشهرتها ميناء صغيرا في بداية القرن العشرين لا يتجاوز عدد سكانه 20 ألف نسمة، ثم تضاعف عدد سكان هذه المدينة عقدا بعد آخر إلى أن تجاوز 2.5 مليون نسمة في عام 2016.
وواكب هذا النمو السكاني والتوسع العمراني توسع هائل في مرافقها وخدماتها، وأصبح مطار دبي يستقبل ملايين المسافرين سنويا سواء من السياح القاصدين لمدينة دبي والإمارات أو المسافرين العابرين لكثير من أرجاء المعمورة والقادمين من مختلف دول العالم الجديد وأوروبا وإفريقيا في طريقهم إلى الهند وتايلاند وإندونيسيا وأستراليا وغيرها. وقد اختطفت هذا الدور من بيروت التي كانت تقدم خدمات العبور (ترانزيت) لمختلف شركات الطيران، ثم انتقل هذا الدور للبحرين نتيجة الاضطرابات في لبنان، ولكن الكرة استقرت في النهاية عند دبي لتلغي جميع عوامل الجذب التي كانت تتمتع بها مدن شرق أوسطية كثيرة، وتستقبل أكثر من 78 مليون مسافر في 2016، ومن ثم تحتل المرتبة الثالثة من بين مطارات العالم، وبذلك تتفوق على مطارات معروفة مثل مطار مدريد وكينيدي في نيويورك، ومطار سنغافورة، ومطار روما، ومطار إسطنبول. ولا يكاد الإنسان يصدق أن يرى دبي تزدحم بالسياح من أوروبا وأمريكا وروسيا والسعودية والكويت ومصر، أي من أماكن كانت ولا تزال مقصدا مفضلا للسياح العرب!
والسؤال الذي يبرز في الذهن: كيف تمكنت إمارة دبي من إنجازات اقتصادية عظيمة وبناء سمعة رائعة في وقت وجيز نسبيا وجاذبية كبيرة؟ والإجابة تكمن في الأمور التالية:
1) تبني نمط التخطيط الاستراتيجي الإبداعي البعيد عن النمطية والتقليدية من قبل الشيخ المبدع محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة حاكم دبي، ما أدى إلى وضع استراتيجية مدروسة وطموحة تسعى إلى اجتذاب جميع فئات الناس، من خلال تلبية رغباتهم ونقل أجواء الترفيه من المدن الأمريكية وأماكن الآثار والمتاحف من أماكن وجودها.
2) توفير الشعور بالارتياح لدى زوار دبي وعدم التمييز بين مختلف الجنسيات والطوائف؛ ما أدى إلى تدفق الملايين سنويا لقضاء إجازاتهم السنوية.
3) الحد من الهدر والفساد في المؤسسات العامة والمشروعات التنموية.
4) الاستفادة من الممارسات الدولية الناجحة في وضع أنظمة عقارية ومرورية وأمنية وتطبيقها بصرامة وحزم وعدالة.
5) الاهتمام بالأمن الذي قد لا يوجد في أي مدينة أخرى على المستوى العالمي، ما يشعر الزائر والسائح بالأمان والارتياح.
6) تسهيل إجراءات السفر والحصول على التأشيرات وجميع الخدمات والاستفادة منها دون تمييز أو تأخير.
لذلك نجحت إمارة دبي في تنويع مصادر دخلها وعدم الاعتماد على مورد واحد يعاني التناقص والنضوب، وأتمنى أن تستفيد المدن العربية من هذه التجربة، خاصة بيروت والقاهرة اللتين فقدتا بريقهما وتعثرت السياحة فيهما.