طيف ألوان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سمير عطا الله
بدأت «العربية» منذ عقد برنامجًا صباحيًا انضمت إليه مع الوقت فضائيات إخبارية عدة، والفكرة من «صباح العربية»، أو صباح العرب، أن يكون نقيضًا لمسائهم ونهارهم. يبدأ اليوم بالأخبار الفرحة بدل أخبار المتفجرات، وبأنباء المنجزات بدل الركام، وآخر الأغاني بدل الندب، ونصائح الصحة والعافية بدل القتل والموت.
لا يخلو الأمر من موجز لأخبار قاتمة في صباحات العرب، وإلا فكيف نتعرف إلى أنفسنا؟ لكن الإطار العام طيف ألوان بهيجة خالية من ألوان الغبار والموت، وتحويل الحشود الشعبية إلى جيوش نظامية، بعدما أُفرغت هذه من فحواها، وتُركت تُهزم أمام «داعش»، وعرّيت من شرعيتها بحيث توزع الشرعية على الذين لم يدخلوا مدرسة حربية أو وطنية أو عسكرية.
صباحات العرب إعفاء مؤقت للعرب من متابعة أخبار النوازل اليومية في أنحاء الأمة. وقد حذت بعض القنوات هذا حذو في وضع مشهد الخضرة والزهور خلف مذيعي برنامج صباحها. ولا تحمل صيغة الصباح أي قواتم ولا تعلو فيها الأصوات. ولا شجار على الهواء، بل هدوء جميل وأخبار طيبة.
أيام العصر الإذاعي، كانت كل نشرة إخبارية تُستهل بالجملة التالية: «سيداتي، سادتي، طابت أوقاتكم». في هذا العصر يخجل المذيعون من ذكر الأوقات الطيبة أو تمنيها. يخافون أن يعتبرها الضحايا والمصابون والهائمون والسائرون في الجنازات تحت القصف - سخرية منهم وازدراء لأنهار الأحزان. ولكن صباح العرب يدفع من حوله دفعًا سيول العتم ورماد البراكين والبراميل. ويذكّر العالم الناظر إلينا من خلال الشاشات، بأننا أيضا نحب الحياة ونستحقها. وأن أبناءنا يهفون إلى حياة طبيعية مثل سائر البشر، ولا يطيقون أن يشاهدوا أمهاتهم في البراري نادبات نائحات كأنما النواح هو «المسيرة الطويلة» الوحيدة في ديارنا.
كان العراق يقضي أموره القاسية بمراسيم تصدر عن السيد الرئيس ولا يناقشها أحد. الآن تُشرّع القرارات غير الشرعية في البرلمان، مع فارق شكلي بسيط لزوم مساحيق التحسين: ليس بالإجماع المطلق، لأن هيبة الرئيس ليست على المحك.
وطابت أوقاتكم في أي حال. لا خيل عندنا ولا مال، فعلى الأقل التمنيات. وأسعد الله صباحكم.