جريدة الجرائد

آلة القانون ومقامات عربية لمواجهة الفكر المتشدد في بروكسل

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

رغم الأجواء السلبية بسبب نغمة الإرهاب.. بلجيكيون ومسلمون معًا في فصول دراسية مشتركة

 عبد الله مصطفى

إلى أول أكاديمية موسيقية في بروكسل لتدريس آلة القانون من خلال مقامات عربية، تحرص البلجيكية لوس ديبوسيغ طالبة الدكتوراه، على المجيء أسبوعيًا لتعلم العزف على هذه الآلة العربية الأصيلة، رغم الأجواء السلبية المتزايدة تجاه العالم العربي والإسلامي، بسبب نغمة التطرف والإرهاب. 

وزارت «الشرق الأوسط» مقر الأكاديمية بأحد أحياء بروكسل، للتعرف أكثر على الأجواء داخل الفصل الدراسي بالمعهد، الذي يقع بالقرب من ميدان لابورس في مركز العاصمة، وهو الميدان الذي استقبل الآلاف من باقات الورود والشموع للتعبير عن التضامن مع ضحايا الهجمات الإرهابية، كما عرف أيضا كثيرًا من الوقفات الاحتجاجية ضد التشدد والعنف، وللمطالبة بالسلام والتعايش السلمي.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قالت لوس ديبوسيغ، طالبة الدكتوراه في جامعة «جنت» البلجيكية: «أدرس الدكتوراه في جامعة (جنت) البلجيكية، وجزء من دراستي تطلب السفر إلى تونس، وهناك تعرفت على الموسيقى العربية وبخاصة آلة القانون، وبحثت عن فرصة لدراستها في بروكسل، وأخيرا توفرت لي هنا في هذه الأكاديمية، وأتمنى توسيع التجربة لتشمل عددًا أكبر من البلجيكيين. وأنا أعتقد أنه بعد الأحداث الأخيرة في بلجيكا، من الخطأ أن نحكم على ثقافة بأكملها بسبب تصرفات قلة ممن ينتمون إليها، وأنا سأسجل هذا الأمر في رسالة الدكتوراه التي أقوم بتحضيرها الآن». وبدأت أكاديمية بروكسل أول دورة موسيقية لتدريس آلة القانون بمشاركة 10 من الطلاب من مراحل سنية مختلفة، من 6 سنوات إلى منتصف العشرينات، ويشرف على القسم، الفنان العراقي سهاد نجم، عاشق هذه الآلة الموسيقية، ويسعى من خلالها إلى نشر الموسيقى العربية بين الأوروبيين، والذي حاول نشرها عبر مراكز ثقافية عربية في بروكسل، ولكنها تقاعست فوجد تشجيعا من البلجيكيين. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» يقول الفنان العراقي: «واجهنا ظروفا صعبة بسبب الإساءة للمهاجر العربي والمسلم، على اعتبار أنه إنسان متطرف ويحب العنف، ولكن من خلال الموسيقى ومن خلال تلاميذي أردت توجيه رسالة للعالم أجمع، وهي أن المهاجر العربي يمتلك كل مقومات الإنسانية».
وأضاف الموسيقي العراقي: «هذه أول مرة في بروكسل، بل ربما في أوروبا، أن تكون هناك مدرسة لتعليم آلة القانون بمنهجية عربية، ونحمل رسالة السلام عبر أهم العلوم الإنسانية وهي الموسيقى، ونريد تكوين جيل جديد يعشق الموسيقى ويحب الحياة، وجيل بعيد عن التطرف، وبدأنا مع أطفال صغار، عندما يكبرون ومن خلال الموسيقى سيعشقون الحياة».
وحسب القائمين على التجربة، فإن وجود عدد من البلجيكيين إلى جانب الدارسين من أصول عربية وإسلامية، يعكس مدى الإقبال من الطرفين على الثقافة الشرق أوسطية، فالبلجيكيون يريدون معرفة الآخر عن طريق الموسيقى، وأما أبناء الجالية المهاجرة فيبحثون عن مزيد من الارتباط بالثقافة التي ينتمون إليها. ولاقت نغمات آلة القانون، صدى وعشقا في نفوس البلجيكيين والمهاجرين من العرب والمسلمين، وغطت على نغمات التطرف والتشدد، وفي ظل قناعة لدى البعض أن الموسيقى يمكن أن تساهم في التعايش السلمي بين اتباع الثقافات المختلفة. ويمكن القول إن الرغبة في تعلم العزف على آلة القانون جمعت بين البلجيكيين والمهاجرين من أصول عربية وإسلامية، داخل الأكاديمية التي توفر الفرصة للتعرف على الموسيقى من أنحاء مختلفة من العالم، وفي ظل قناعة أن الموسيقى لها دور في فهم الآخر، وبخاصة في المجتمعات المعروفة بتعدد الثقافات.
من جهته، قال بارت فان بيزن، مدير المعهد العالمي للموسيقى في بروكسل: «هذا مركز ثقافي يضم أكاديمية لتعليم الموسيقى من 40 لغة، ونعمل منذ 15 عاما، ونتلقى الدعم من السلطات الحكومية، وبروكسل متعددة الثقافات، ولهذا فإن الثقافة العربية في بؤرة اهتمامنا؛ لأنها غنية وجذابة، ولا بد من التعرف على ثقافة الآخر، ومن الخطأ الربط بين الثقافة العربية وبين التشدد والأشياء السلبية التي وقعت مؤخرا»، في إشارة إلى تفجيرات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، وأحداث بروكسل خلال مارس (آذار) الماضي.

 

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف