4 خطوات لتحقيق التكامل الثقافي العربي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تحت رعاية الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، تواصلت أمس أعمال اليوم الثاني من مناشط مؤتمر "فكر15" الذي تقام فعالياته في أبوظبي، تحت عنوان "التكامل العربي: مجلس التعاون ودولة الإمارات العربية المتحدة"، وتضمنت الفعاليات أربع جلسات متخصصة شارك فيها ممثلون عن مؤسسات وهيئات متخصصة في الوطن العربي، تداولت أوراقهم محور التكامل اقتصاديا وأمنيا تنمويا وثقافيا، إلى جانب محور مؤسسات التكامل العربي.
الانفتاح وقبول الآخر
كيف يُمكن للتكامل الثقافي تعزيز ثقافة المواطنة والانفتاح والتسامح وقبول الآخر في المجتمعات العربية؟ هو السؤال الذي وجهته مؤسسة الفكر العربي إلى عدد من الهيئات والمؤسسات العربية المتخصصة، وهي: المجلس الأعلى للثقافة في مصر، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والنادي الثقافي العربي في بيروت، والمركز الثقافي الملكي في الأردن.
أدار الجلسة الأستاذ نبيل عبدالفتاح، وتحدث فيها الدكتور ماجد الصعيدي ممثلاً للمجلس الأعلى للثقافة في مصر عن مستويات التكامل الثقافي، ومن بينها القومي والوطني، واعتبر أن التكامل الثقافي هو إحدى الوسائل الفعالة في المشروع الحضاري العربي، وداعيا إلى التعددية الثقافية والتعايش السلمي مع الآخر، مؤكدا على دور الفنون في إرساء التكامل الثقافي والنهوض بالمجتمعات العربية. وعارضا بعض الاقتراحات والتوصيات التي توصل إليها المجلس الأعلى للثقافة، ومنها الاتفاق على صياغة جديدة ومحددة لمفهوم الثقافة، وإقامة تعاون مشترك بين مجامع اللغة العربية، وإنشاء مراكز قومية لتحقيق التراث ونشره، إضافة إلى وضع خطة لرعاية الموهوبين العرب والاهتمام بالترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية.
وعقّب الدكتور عبدالعزيز السبيل الأمين العام لجائزة الملك الفيصل على ورقة المجلس الأعلى للثقافة، ورأى أنه لا يمكن تحقيق تكامل ثقافي منشود من دون قرار سياسي، داعيا إلى تفعيل الوحدة الثقافيّة وتجديد معنى العروبة وإيلاء اللغة العربية الاهتمام والرعاية.
فيما قدّم محمد أبو سمّاقة مدير عام المركز الثقافي الملكي بالأردن رؤية المركز حول التكامل الثقافي، ورأى أن الوسائل الناجعة في تكريس حالة التكامل الثقافي والرؤية المشتركة هي المهرجانات وتبادل الفرق الفولكلورية والعروض الموسيقية.
وقدم ورقة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الدكتور محمد الطناحي، عارضا الوسائل والأدوات التي يمكن من خلالها للتكامل الثقافي أن يعزز ثقافة المواطنة والانفتاح والتسامح وقبول الآخر، ومن بينها الأسرة والمدرسة والأفضية العامة ومؤسسات الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة واللغة العربية.
ثمّ عقّب الدكتور عبد الهادي العجمي على ورقة المنظمة، مثنيا على ما ورد فيها، واعتبرها مطالب حقيقية للمجتمع، محذرا من فقدان التعددية في الخطاب الثقافي، وعلى أهمية الحرية ودورها في إطار المشاريع الثقافية. الورقة الأخيرة للنادي الثقافي العربي في بيروت قدمتها الأستاذة نرمين الخنسا التي أشارت إلى دور التكامل الثقافي في ممارسة المواطنة العربية ضمن مفهوم الدولة، فضلا عن دور المرأة المأمول بالقطاعات الإنسانية والتربوية والسياسية والأدبية المختلفة في أرجاء الوطن العربي.
تكامل تنموي
عقدت جلسة التكامل الاقتصادي والتنمية، برئاسة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة، والتي تحدث فيها خبراء وباحثون حول: "كيف تسهم الحكومات العربية والقطاع الخاص ومؤسسات التمويل العربية في رسم إستراتيجية للثقافة البشرية وتنمية الاقتصاد؟".
وتحدث السنيورة عن حجم المشاكل الظاهرة في المجتمع العربي، وارتباط بعضها بالهويات والصدامات الداخلية العنيفة غير الديمقراطية، مؤكدا أن المنطقة في حالٍ من الخواء الإستراتيجي.
وذكر أن المنطقة تحولت إلى منطقة تجارب لأسلحة بعض الدول وساحة لصراعات الكبار، نتج عنها تدمير المدن العربية، وتهجير العرب على يد العرب وغيرهم، ولا حساب على الجريمة، مما جعل منطقة الشرق الأوسط تعيش حالة التشرذم العربي. وتناولت الجلسة محاور الاهتمام بالإنسان كونه الركن الأساسي في عملية التنمية وبناء الاقتصاد، إلى جانب مطالبات بإعادة النظر في المسؤولية تجاه المواطن العربي، ورد الظلم والطغيان الذي يتعرض له.
تكامل أمني
اتفق المشاركون في جلسة "التكامل الأمني" على أهمية دور مجلس وزراء الداخلية العرب، وتفعيل مجلس السلم والأمن العربي، في ظل التحديات والمخاطر التي تواجه الدول العربية، وفي مقدمتها التطرف والإرهاب.
وتحدث رئيس مركز الخليج للأبحاث عبدالعزيز بن صقر عن مهددات الأمن القومي العربي، وفي مقدمتها القوى الإقليمية الخارجية وتدخلاتها في الشأن العربي، وافتقاد الدول العربية للقوى الموحدة القادرة على التصدي لأي محاولة تسعى إلى عرقلة تحقيق مصالح العرب. فيما تناولت بقية الأوراق محاور بناء شبكة أمنية عربية تتصدى للتهديدات المحيطة بالمنطقة، وأهمية تحسين مستوى المعيشة وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتخلص من البطالة، إضافة إلى تعزيز حماية دول المنطقة وأنظمتها المعلوماتية.
طموح كبير
قال ولي عهد ونائب القائد الأعلى لرئيس مجلس الوزراء في مملكة البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، إن مجلس التعاون يدرس إصدار تأشيرة سفر موحدة للدول الست، إلى جانب العمل على تطوير مشروع قطار مشترك بين دول المجلس في غضون 10 سنوات، وذكر أن المجلس يعمل على إنجاز الربط المائي بين دول المجلس في السنوات المقبلة، إضافة إلى استكمال إصدار عملة خليجية موحدة، رغم بعض التحديات التي تواجهها مثل تأسيس بنك مركزي واحد.
وأن دول مجلس التعاون قدمت مساعدات إنسانية تجاوزت 50 مليار دولار في السنوات الأخيرة، كما يعمل أكثر من 5 ملايين عربي في منطقة الخليج العربي، وبلغت تحويلات الأجانب 100 مليار دولار منها 20 مليار للدول العربية.
وأكد ولي عهد البحرين رضاه عن المرحلة التي بلغتها دول مجلس التعاون الست حتى الآن: "الشعوب الخليجية تتمنى الأكثر وتطلب المزيد من المجلس وأتفق معها".
موضحا، أن حجم الطموح يتجسد في إدراك أهمية العمل بوتيرة متسارعة لتحقيق المنجزات التي يتطلع لها الجميع في المستقبل، خاصة في ظل المتغيرات الدولية، مشيرا إلى أن ذلك ما جسدته الرؤية المستقبلية لقادة دول مجلس التعاون للتكامل الاقتصادي، وأن ذلك سيتم عبر وضع الأسس لمواصلة تنسيق الجهود وتطوير التشريعات والتنظيمات المحفزة للأعمال والإسراع في تنويع الاقتصاد وزيادة حجم الصادرات، وتوحيد السياسات المالية والاستثمارات المشتركة، مع التطلع إلى تفعيل اتحاد جمركي حقيقي بما يعزز فتح وتكامل أسواق المال.
مؤسسات التكامل العربي
بدأت جلسة مؤسسات التكامل العربي بالمتحدث الإعلامي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية محمود عفيفي، الذي استعار عبارة الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجية "الوطن العربي لا تنقصه مؤسسات التكامل العربي، بل الإرادة الحقيقية لكي تعمل هذه المؤسسات بشكل يربط ما بين الجهد المبذول واحتياجات المواطن العربي".
وتنوعت بقية العروض التي قدمت بين كيفية تحقيق رؤية للتكامل العربي في قطاع الربط الكهربائي العربي الشامل، والصعوبات التي تواجهها منظمات العمل العربي المشترك في ظل الظروف السياسية الحالية.
وطرحت في الجلسة آراء حول أهمية التخطيط بين المجالس الوزارية المتخصصة لتشمل أولويات الأمن القومي العربي.
فيما أشار عبدالعزيز حمد العويشق الأمين العام المساعد للشؤون السياسية، ومدير عام العلاقات الاقتصادية الدولية في الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، إلى دور مجلس التعاون الخليجي، وتوقف عند رفع مستوى دخل الفرد بين الماضي واليوم، حيث تضاعف معدل الدخل الفردي لدى العاملين في دول مجلس التعاون الخليجي، لافتا إلى توسيع هامش الوظائف والتحويلات المالية للعاملين فيها. كما طرحت مسألتي الثقافة والهوية في مجتمعات الخليج العربية تحت عنوان "أزمة ثقافة.. وثقافة أزمة".
بندر بن خالد: فكر ليست حزبية
أكد رئيس مجلس إدارة مؤسسة الفكر العربي الأمير بندر بن خالد الفيصل، أن دور المثقفين في الوطن العربي لم يتراجع بل تضاعف صوت الجهل وارتفع، داعيا القيادات إلى دعم الحركات الفكرية الثقافية كونها ضمير الأمة وأساسها، مشيرا إلى أنه لا يوجد وقت في التاريخ المعاصر يستعرض دور المثقف والمفكر العربي أكثر من الوقت الجاري. مثمنا الحراك الثقافي في الإمارات واصفا إياه بالثري، مشيرا إلى اهتمام الإمارات بالبرامج الفكرية والفنية والمسرحية والمتاحف والمعارض والكتب والأمسيات الشعرية. ودعا كل القيادات إلى تصفح ما يخص تجربة الإمارات للحراك الثقافي في التقرير العربي التاسع للتنمية الثقافية والإسهامات الكبيرة التي حققتها دولة الإمارات.
وتابع أن مجلس التعاون استطاع على المستوى الإقليمي أن يبني لنفسه منظومة لها عمق اجتماعي وسياسي واقتصادي وفكري على الساحة العربية والعالمية.
موضحا أن المرحلة الحالية تعتبر مرحلة انتقالية، وفي أي مرحلة انتقالية يظهر تراجع في معايير معينة، ولكن نتمنى من المثقف والمفكر والعالم في عالمنا العربي أن يلعبوا الدور المنشود لهم كونه ضمير الأمة وصوت العقل. وفي شأن الهوية العربية، نوه الأمير بندر، إلى أن الهوية العربية جزء أساسي من رسالة مؤسسة الفكر العربي، مشيرا إلى أن الهوية العربية لها تاريخ عميق مستندة لعمق حضاري قل مثله على مستوى العالم. وأشار إلى أن المؤسسة تعمل دائما على دعم المبدعين الموهوبين والمثقفين والمفكرين من أبناء الأمة العربية بمختلف ديناتهم، وتفعيل التواصل مع العقول والمؤسسات العربية المهاجرة والاستفادة من خبراتها. وذكر أن المؤسسة فكرية ليست حزبية ولا طائفية أسست من قبل عرب من مختلف الأقطار العربية لا تنتمي لتيار معين أو موقف معين، فيها العربي المسيحي والسني والعربي الشيعي وفيها كل الأديان في مجلس الأمناء.