هزيمة الإرهاب واجب عربي عاجل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أحمد المرشد
من المؤلم أن نصبح ونمسي على أعمال إرهابية في كل مكان في العالم، إن لم يكن في أوروبا تكون أمريكا ساحة لواقعة إرهابية، وإن لم تكن مدينة أمريكية نصبح على حادث في أحد المدن الأوروبية، هذا ناهيك عما تشهده المنطقة العربية من حوادث إرهابية أصبحت يومية، فلا يكاد يمر يوم إلا ونرى فيه قتلى وضحايا أبرياء، وكانت مصر هي الضحية نفسها لمثل تلك الأحداث الشيطانية الأسبوع الماضي حيث استشهد 6 ضباط وجنود بجوار أحد الأكمنة الشرطية بالقرب مسجد بشارع الهرم الشهير بمدينة الجيزة المصرية. وكان من المفترض أن يتحدث إمام مسج السلام بالمناسبة، عن كيف يطمئن المؤمن ويعيش آمنًا في حياته، هذا بجانب تركيز خطبة يوم الجمعة يوم عيد المسلمين في كل أرجاء الأرض، عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وكيف نتأسى بأخلاق سيدنا محمد وصفاته الحميدة..إلا أن إمام المسجد خطب في المصلين عن مخاطر الإرهاب وكيف أن الإرهابيين لا دين لهم.
وبينما كان المصريون يحتفلون بذكرى المولد النبوي الشريف في يوم إجازة رسمية لعموم العاملين بمصر، لم يتورع الإرهابيون عن اقتحام كنيسة وقتل 25 شخصًا كل ذنبهم أنهم كانوا يؤدون شعائرهم الدينية يوم الأحد كالمعتاد، ولكن الإرهابيين كان لهم رأيًا آخر، فهم لا ينطلقون من تعاليم الأديان، فضربوا المسجد والكنيسة وكان الضحايا مصريين، وكان ذنب الضباط والجنود أنهم يحرسون حرم مسجد السلام، فلم يتورع الإرهابيان اللذان فجرا قنبلة فيهم وهم جالسون عن إزهاق أرواحهم البريئة، وقد ذهب هؤلاء الشهداء الى مقر عملهم ليؤمنوا غيرهم من الغدر، فكان أن غدر الإرهابيون بهم، ليموت من يموت ويبقى الناجون بعاهات وإصابات خطيرة.
ولم تمر سوى ساعات، من الجمعة الى الأحد، وكلاهما عيد، لدى المسلمين جمعتهم وهو خير الأيام عند الله، ولدى المسيحيين أحدهم وصلاتهم الإسبوعية، ليتسلل أحد الإرهابيين وينسف نفسه وسط المصليات.. هؤلاء الإرهابيون لم يراعوا حرمة المسجد أو الكنيسة، وكلاهما معبد للصلاة والخشوع والسكينة والسلام، فهذا هو عنوان أي مكان عبادة، ولكن الفجرة الأشرار الذين يدينون بدين غير الإسلام، يسابقون الزمن لقتل النفس التي حرم الله قتلها، فمن قتل مؤمنًا كمن قتل العالم كله، ولكن هؤلاء الذين يسلمون أرواحهم وعقولهم لأمراء الشر والكفر ينفذون كل ما يطلب منهم حتى وإن كان إزهاق النفس التي حرم الله قتلها.
وبحكم قربي من المصريين وصداقتي بالعديد منهم، فكلهم بلا استثناء يروون حكايات رائعة عن المساجد والكنائس، فكثيرًا ما يوجد المسجد بجوار الكنيسة حتى يخيل للناظر لهما عن بعد أن الهلال يعانق الصليب، وهذا في الواقع هو حال كل المصريين، لا تفرق بينهم الديانة ولا المنطقة. ويحكي لي أصدقائي أن العائلة المسلمة تهدي جيرانها المسيحيين حلوى العيد، وكذلك المسيحيون يردون الهدية بهدية، ويكفي أن أحكي عن مشهد يؤكد فعلاً كيف يعيش المصريون في وئام وود وسلام، فعندما تذهب الى أي مطعم في رمضان قبل موعد الإفطار لا تجد المسيحي وعائلته يأكلون إلا بعد آذان المغرب مراعاة لمشاعر المسلمين الصائمين وليشاركوهم فرحتهم بإفطارهم.
وإذا كنا تحدثنا أو تحدثت كل العالم عن تفجيري مسجد السلام والكنيسة البطرسية في قلب القاهرة على مدى فاصل زمني لا يزيد عن 48 ساعة تقريبًا، فثمة حدثين إرهابيين آخريين لم يتحدث عنهما سوى المصريين بحكم اعتيادهم على مثل هذه العمليات الآثمة، الأول في قلب منطقة الدلتا والثاني في صعيد مصر.. وكأن لسان حال المصريين يقول: «دع الإرهابيين يفعلون ما يريدون.. ونحن لن ننكسر وستمضي حياتنا كما نريد».
وإذا كان الإرهابيون يختارون أوقاتًا محددة لتنفيذ عملياتهم الدنيئة، فهم يريدون قتل أكبر عدد ممكن من الضحايا، فهم يساوون بين أبناء المسلمين وأبناء المسيحيين، فمثلاً في حادث مسجد السلام، استعجل الإرهابيون قنص الهدف فجاء في الضباط والجنود، ولكن التعليمات الصادرة لهم كانت قتل المصلين أنفسهم، خاصة وأن معظم مساجد مصر تفرش خارجها ما يسمي بـ «الحصير» وهو فرش بديل بلاستيكي عن السجاجيد التي تفرش بها المساجد في العادة، وقد يكون هناك مئات المصلين خارج المسجد في صلاة الجمعة، وهنا يتأكد لنا أن الهدف واحد، وهو النيل من أرواح المسلمين والمسيحيين معًا.
من المؤلم حقًا، أن يتعرض مصلٍ أيًا كان دينه، للقتل وهو يؤدي شعائره في معبده، لم نرَ هذا سوى في الحروب، أما أن ينتظر الإرهابي ضحاياه وهم في لحظة سلام مع النفس، لحظة يخاطبون فيها ربهم، فهذا فعل جبان.
كتبت منذ فترة، أن الاستعمار البريطاني في الهند كان يتعمد قتل الأبقار حتى يشعل نار الفتنة الطائفية بين أبناء الهند، حيث يشك الهندوس الذين يعبدون البقر في غيرهم من بقية الأديان وخاصة المسلمين هناك، فتشتعل الحرب والفتنة بينهم، ولكنهم سرعان ما فطنوا لتلك المكيدة التي دبرها المستعمر البريطاني وحذرهم منها زعيمهم الروحي غاندي، وتغلب الهنود على هذه المكائد وذهب الاستعمار واستمر شعب الهند يعيش في وئام.
وعلى ذكر حكاية البقرة الهندية، لا زلنا نحن أبناء المنطقة العربية نتعرض لمكائد ومؤامرات المستعمر القديم، ربما خرج من منطقتنا بسلاحه وعتاده وجنوده، ولكنه لا يزال يحرض على الفتنة والمؤامرات، ليفتتنا، دينيًا وعرقيًا وسياسيًا، حتى لا نعود وطنًا عربيًا متجانسًا يجمعه التاريخ واللغة، وإنما مجموعة من الفئات المقسمة المفتتة. حقًا إنها مؤامرة كبرى، فالذي يمول الإرهاب هو الخارج، والذي يسلح الإرهابي هو الخارج، والذي يؤوي الإرهابي إذا تمكنوا من الهرب من بلده هو الخارج. فنرى هذا الخارج وقد موَّل وسلَّح واحتضن في بلاده موطنًا لهؤلاء.. ليس موطنًا دائمًا، وإنما لفترة محددة يعلمه فيها أحدث أسلحة الإرهاب ثم يوجهه مرة أخرى لبلاده لكي يخرب فيها ويدمرها، فهذا يفجر مسجدًا، وذاك يدمر كنيسة، لتكون النتيجة وطنًا طاردًا لأبنائه.
لا أجافي الحقيقة إذا قلت إن المؤامرة كونية، إنها حقيقة لا يجب أن نغفلها، ومصر هدف أكيد لهذه المؤامرات، لإسقاطها في فخ الفتنة الطائفية والحرب الأهلية، ولكن نحمد الله أن شعبها يعي كل ما يكيده له الكائدون، ويعلم هذا الشعب حجم المؤامرات التي تحاك في عواصم أوروبية وغيرها من المدن الأمريكية، ونعلم نحن العرب أن مصر كـ «شاهد المسبحة» إذا إنفك تناثرت المسبحة بكاملها، وإذا تمكن الغرب من الإطاحة بمصر فقد سقط العرب جميعًا.. فلا تزال مصر أبية على الكسر والسقوط، وكفى ما نراه من ترسيم حدود جديدة في دول مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا.. وهنا لابد أن ننتبه الى حجم هذه المؤامرة الكونية التي تحاك ضد العرب جميعًا، وتريد أن تكون مصر في المقدمة ليكون كسر بقية العرب عملية سهلة فيما بعد. ولكن هيهات.. ستبقى مصر أبد الأبدين قوية عصية على الكسر.. ستبقى مصر رائدة سباقة الى حماية كل العرب.. ستبقى مصر مصر التي عرفناها، بلدًا لكل العرب.
وليس غريبًا أن يوم الأحد الماضي كان يومًا دمويًا وسوداويًا، ليس في مصر فقط، فكانت مدينة عدن اليمنية على موعد مع عملية إرهابية راح ضحيتها نحو 50 شرطيًا، هذا مقابل 40 عراقياً في العاصمة بغداد في تفجير أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه، فيما كانت مدينة إسطنبول التركية على موعد مع الإرهاب أيضا الذي حصد أرواح 38 شخصًا وأصاب 155 آخرين في تفجيرين بالقرب من أحد الملاعب. وفي القارة الإفريقية، وعربيًا، لم تكون العاصمة الصومالية مقديشو بعيدة عن الإرهاب، وكان لحركة الشباب المتطرفة رأيًا آخر في مثل هذا اليوم آلا وهو شن عملية انتحارية بالقرب من ميناء العاصمة مما أودى بحياة 29 شخصًا وجرح 50 آخرين، والسلاح هنا كان سيارة مفخخة تقتحم منطقة الميناء لتزهق أرواح بريئة بدون ذنب جنته سوى أن الإرهاب قرر القيام بعملية في هذا اليوم وفي هذا المكان.. وفي قلب القارة السمراء، تعرضت مدينة نيجيرية لعملية إرهابية كانت بعنوان حركة «بوكو حرام» الإرهابية، ولكننا سنحزن إذا علمنا أن طفلتين هما منفذتا التفجير الانتحاري.. الى هذه الدرجة من الدناءة يستخدم الإرهابيون الأطفال الأبرياء في تنفيذ عملياتهم.
ومما يؤسف له أن وسائل الإعلام الغربية تصف كل هذه العمليات الإرهابية بأنها عمليات قام بها مسلمون، ولكن ردنا على هؤلاء أن الإرهاب لا دين أو هوية له، فهؤلاء الأشرار من البشر ليسوا بمؤمنين حتى وإن كانت أسماؤهم تصفهم بالمسلمين، ولكنهم رهن الشيطان الذي سلب عقولهم وأرواحهم، وكلفهم بحصد أرواح المصريين واليمنيين والعراقيين والأتراك والصوماليين والنيجيريين.. كل هذا في يوم واحد.. ألم نقل إننا نواجه مؤامرة كونية يتعين علينا كعرب أن نواجهها جميعًا حتى نسلم من شرورها.
قبل الأخير..
هنيئًا للبحرين بعيدها الوطني
في تاريخنا نحن البحرينيين أيامًا مجيدة، علامات مضيئة في حياتنا، لا تغيب عن قلوبنا، فهي تجري مجرى الدم في الشرايين..أيام لا نتذكرها، فهي تعيش بداخلنا، لا تغيب عن ذاكرتنا، فهي أيام شكلت وجداننا وحبنا لهذا الوطن الخالد، وطن يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يشتت، وطن نعيش فيه ويعيش بداخلنا، وطن حقق إنجازات حضارية عظيمة، وبنى صروحًا شامخة في شتى مجالات الحياة، فكان بؤرة ضوء لكل مواطن يعيش فيه مهما غربته الأيام واضطر للابتعاد عنه، فهو يرجع له ولو بعد حين، ليجد الأرض وقد اخضرت، والشوارع وقد تزينت، والدروب والمراسي وقد أضيئت.. إنه وطن يسمونه «البحرين»، ونسميه نحن «المملكة».. وكلاهما خالد مثل الحياة، مملكة البحرين العظيمة، بعظمة قادتها، جلالة الملك حمد بن عيسي آل خليفة حفظه الله وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين.
الأيام الخالدة التي تعيشها مملكتنا في هذه الأيام سنظل نحتفل بعيدنا الوطني المجيد وذكرى تولي جلالة الملك المفدى مقاليد الحكم، سنظل نحتفل بالملحمة الوطنية التي أصبحت عنوانًا للوطن، وعنوانًا لكل مراحل تاريخنا الحديث، فنحن نعيش عصرًا مزدهرًا نحقق فيه الإنجازات العملاقة وترتفع فيه رايات الرفاهية العزة.
فهنيئًا لنا شعب البحرين بإنجازاتنا، بحضارتنا، بتاريخنا المضيء، بقيادتنا الرشيدة.