ألوان الثقافة السعودية .. قوتها الناعمة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تركي التركي
يومان فقط يفصلاننا عن اختتام ملتقى "ألوان السعودية" المخصص على مدى سبعة أيام من قبل هيئة السياحة والتراث الوطني لتشجيع وإبراز المواهب السعودية في مجالي التصوير السينمائي والفوتوغرافي. لكن نهاية هذا النوع من الملتقيات الإبداعية هو في حقيقته إعلان بداية زخم فوتوغرافي ووثائقي وطني لا ينتهي. فالصور والأفلام القصيرة، الفائزة منها والتي لم يحالفها الحظ، لا تموت بنهاية الملتقى، بل تأخذ فرصتها المناسبة ليبدأ تداولها على نطاق أوسع، محليا وعالميا.
صور إبداعية جميلة ومعبرة لجغرافية البلد وألوان تراثه الثقافي بعيون شبابه وشاباته، تتناقلها وسائط الإعلام الفردي والاجتماعي بكثافة وباهتمام بالغين، ليكتشف كثير منا مدى جهله بأماكن كثيرة في هذا الوطن المترامي الأطراف. أماكن تستحق الزيارة والاهتمام، فضلا عن رقصات تراثية وألوان شعبية ما كان لنا نحن أهل البلد أن نتعرف إليها عن قرب لولا الزوايا الإخراجية المختلفة والملهمة التي يجيدها هؤلاء الشباب. فإذا كان هذا هو حالنا، الممهور بالدهشة ومزيد من الفضول، تجاه ما تفاجئنا به هذه الأعمال الشبابية داخل بلادنا. فكيف هو الحال بثقافات من خارج الوطن، منها القريب بحكم الجوار والتاريخ، ومنها البعيد جدا، والمختلف على جميع المستويات؟ لا شك أن هذا ما يوصف بـ "القوة الناعمة"، الباب الواسع للتأثير الثقافي الإيجابي والتقارب الإنساني. وهنا يمكن كمثال قريب استحضار زيارة وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون التي تزامنت وفعاليات ملتقى ألوان السعودية في الرياض فكانت له جولة واسعة اطلع من خلالها على معروضات الملتقى برفقة راعي الحدث ومؤسسه الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس العام لهيئة السياحة والتراث الوطني. ليلحظ الجميع مدى اهتمام الوزير بما شاهد وسؤاله المستمر عن تفاصيل كثير من الصور. وفي جولة أخرى لكن على أرض الواقع هذه المرة تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورا خاصة لوزير الخارجية السعودي الجبير برفقة نظيره البريطاني على هامش الزيارة الرسمية للاطلاع عن كثب على أماكن تاريخية تزدان بها الرياض العاصمة، وتحكي بصمتها المهيب بطولات ماضي التأسيس ورجالاته دون حاجة إلى قليل أو كثير من الخطب المنبرية، الدبلوماسية أو السياسية.
وبالعودة إلى شباب الوطن وإبداعاتهم التي تسخّر أحدث ما أنتجته التقنية لخدمة تراث وثقافة ضاربين في عمقهما الحضاري وأصالتهما الوطنية، فهذا في حد ذاته عمل عظيم يستحق الإشادة والمكافأة ماديا ومعنويا.
أما وقد تجاوزت هذه "الألوان" حدود الوطن، لتعبر عن تنوع ثقافته وتعدد مشاربه، ولتكون قوة ناعمة تسهم في خدمة صورة عامة وسياسات أبعد في أثرها ونتائجها، فهذا ما يلزم الجميع، مسؤولين ومثقفين وفنانين أن يكونوا على مستوى الحدث، بل وسباقين لكل ما من شأنه فنيا وإبداعيا إضفاء مزيد من الفنون والألوان، النادرة والمبدعة والمبهجة على وطن يستحق الأجمل دائما.