جريدة الجرائد

الصراع على عقل ترمب

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

 عبد الرحمن الراشد  

 لأن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب من دون سجل سياسي سابق يُبين بشكل واضح مواقفه مما يحدث في العالم، فإن الأطراف المختلفة تحاول أن تقارب بين مواقفها وأفكاره العامة التي سبق أن تحدث بها.
وهذا امتحان أكاديمي ليس سهلاً. مثلاً سبق له أن تحدث عن أنه يعتبر نظام إيران مسؤولاً عن المشكلات في المنطقة، ولام الإدارة الحالية على تركه يتحدى الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه يقول إنه سيتعاون مع روسيا لمحاربة الإرهاب في سوريا. ويظهر التناقض في المقولتين لمن يعرف أن روسيا حليفة إيران ومع نظام الأسد وراء الفوضى في سوريا ومسؤولون عن قتل أكثر من نصف مليون إنسان هناك، غالبيتهم مدنيون، وتشريد اثني عشر مليون سوري آخر.
يمكن أن يكون موقف ترمب سليمًا لو أنه اعتبر مكافحة تنظيمات إرهابية، مثل «داعش» و«جبهة النصرة»، جزءًا من عملية كبيرة تساوي بين القتلة، أي النظام والجماعات الإرهابية.
كانت، ولا تزال، مشكلة إدارة الرئيس باراك أوباما أنه فصل بين السبب والنتيجة. فقد اعتبر مهمته الوحيدة في المنطقة مكافحة تنظيمات الإرهاب وترك الفوضى والقتل والتشريد والدمار ينتشر في مناطق النزاع مثل سوريا وليبيا والعراق، التي هي المغذي الأساسي للإرهاب. النظام السوري وحلفاؤه سهلوا على «داعش» التمدد في مناطق النزاع في سبيل محاربة المعارضة السورية. وقد اعترف الرئيس المنتهية ولايته، أوباما، بأنه أخطأ في تقديره حجم الخطر وألقى باللوم، كعادة الرؤساء، على معلومات الأجهزة الأمنية، في حين كان كل من تابع الأخبار على التلفزيون وشاهد أفعال «داعش» لا يحتاج إلى رأي «السي آي إيه» ليدرك أن الجماعات الإرهابية تنمو بشكل مخيف ومطرد. سبب تهاون أوباما وامتناعه عن التعاطي مع مغذيات الإرهاب، مثل الفوضى، أنه كان حريصًا على مشروعه السياسي الوحيد في المنطقة، وهو التصالح مع إيران، وعدم إغضابها في الوقت الذي كانت تستعين بالميليشيات في سوريا والعراق.
ورغم أن توجهات ترمب في المنطقة ليست معلنة ولا واضحة، فليس صعبًا أن تجد دول المنطقة معه أرضية مشتركة في محاربة الإرهاب، فهذا الداء الخطير يتطلب موقفًا حازمًا من الدول الكبرى ضد الفوضى. فالإرهاب موجود في العراق، وسينمو طالما أن إيران ترعى، وتصر على وجود الميليشيات الشيعية المتطرفة على حساب استقلال قرار الدولة العراقية وسيادة أجهزتها العسكرية على أراضيها. التدخل والأسلوب الذي تتبناه إيران سيدفع بمزيد من التناحر الطائفي، وسيلتحق الغاضبون بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وهي نتيجة متوقعة في ظل ضعف الدولة المركزية، واستيلاء جماعات إيران على مفاتيح الحكم.
أما في سوريا، فإن الوضع أكثر تعقيدًا وصعوبة من العراق، حيث لا توجد سلطة مركزية معترف بها شعبيًا. وما دام هناك أكثر من سبعة ملايين سوري مشرد داخل سوريا نفسها، وخمسة ملايين آخرين لجأوا للخارج، فإن الحاضنة شبه الوحيدة للأغلبية من الشعب السوري الراغبة في مواجهة النظام ستكون التنظيمات المتطرفة. والحل سياسي لهذه المعضلة، الذي يتطلب إقصاء المتطرفين على جانبي الحرب. ومن دون حل عادل ستستثمر «داعش» في الخزان البشري الكبير لتعبّ منه للقيام بنشاطاتها الإرهابية. ترمب سيدرك أنه من دون سلام مقبول في سوريا لن يكون العالم في مأمن من شرور الإرهاب نتيجة الفوضى والضياع.
وفِي ليبيا، فإن البحث عن مشترك مع ترمب لن يكون صعبًا مقارنة بسوريا. فالفوضى هنا أيضًا مصدر الإرهاب، إلا أن قوى الصراع يمكن التأثير عليها ويمكن حصر الجماعات المتطرفة ومحاصرتها، التي يفترض ألا تكون طرفًا في الحكم، لأن إدخالها الدولة يعني إعطاءها شرعية وسيطيل دوامة العنف. ولأنه لا توجد في قضية ليبيا قوى كبرى معارضة فإن إدارة ترمب تستطيع بالتعاون مع حلفائها الأوروبيين والإقليميين ترجيح كفة الشرعية هناك وفرض مرحلة جديدة تنهي الفوضى وتقضي على الإرهاب.
هذه القضايا مرتبطة بموضوع الإرهاب، الذي تعهد ترمب «بمحوه من على وجه الأرض»، وإن كان تنفيذ وعده هذا شبه مستحيل. إنما متى ما رأى الرابط بين الفوضى والإرهاب فلن يكون صعبًا على إدارته أن تتبنى سياسة أكثر حسمًا وشجاعة وستجد أغلبية الدول في المنطقة والعالم استعدادا لدعمها.
 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
نراكم في استانا
jj -

بالرغم من كل ويلات الحرب في سوريا التنسيق مستمر ما بين سوريا امريكا ايران وروسيا و تركيا,اما فكرة ابوبكرالبغدادي الجهنمية فهي محاربة حاملي افكار الخلافة من المغفلين وجرهم الى ساحات القتل, وما راحة الا على معارضي الخارج الذين انضحك عليهم بالدولارات, و دونالد ترمب مثل باقي الرؤساء الامريكيين لا حول لهم ولا قوة ......