حوار المذاهب أولى يا جامعاتنا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سلمى الشهري
علينا أن نولي جهدنا وقدراتنا لإصلاح الذات الداخلي، وأعني هنا تعزيز الحوار المذهبي واحترام الآخر، مهما كان مذهبه، ومعالجة آثار الخطاب الديني المتشدد وما تركه أسياد منابر الصحوة
طبيعي أن تشغلنا فكرة الحوار الحضاري وتشغل مراكز الأبحاث المختلفة والمؤسسات التابعة للدولة، وعلى رأسها الجامعات، إيمانا من مسؤوليها بأن التعدد والتنوع الثقافي سنة كونية وضرورة اجتماعية، كما أنه ضمانة للنهوض الإنساني ولارتقاء حياة الفرد، بالإضافة إلى أهمية المكون الثقافي والحضاري في حياة الشعوب من رفاهية المجتمع وحل إشكالياته والإقرار بالتباين الثقافي والديني والاجتماعي والسياسي بين الشعوب، وذلك عبر حوار الحضارات.
لذلك نجد جامعاتنا تتجه نحو تبني البرامج والندوات لتعزيز الحوار الحضاري في محاولة منها لتوعية جيل الشباب الذي عليه تستند أركان البلاد في تقدمها وتطورها نحو الأفضل مستقبلا.
الآن نحن نتفق على أهمية الحوار الحضاري وحاجتنا الماسة له، ولكن السؤال هنا، كيف لنا أن نحقق الحوار الحضاري بالشكل المطلوب ثم بعد ذلك نعززه؟
لا يمكن للحوار الحضاري أن يتحقق أو ينجح ما لم تطبق شروطه، والتي أهمها الاعتراف بالآخر، وبوجوده، وبحقه في هذا الوجود، والاعتراف بالتعددية، والخصوصية للطرف الآخر، وبحقه أيضا في المحافظة على خصوصيته وممارساته وأساليبه.
المتأمل في حالنا الآن وما نعيشه من صراع مذهبي ليس فقط محليا، بل إقليميا يعلم أن هذا الشرط لدينا شبه مستحيل أن يتحقق، لأن فكرة احترام معتقدات الآخر، وما يؤمن به دينيا تكاد تكون معدومة. والعجيب في الأمر أننا نتفق في الإله الذي نعبد، وفي الدين الذي نؤمن به، وفي رسولنا الكريم وكتابنا المقدس، ونتناحر ونتقاتل لمجرد اختلافنا في بعض المعتقدات، فيذهب البعض لتكفير الآخر ورمي التهم والسب والقتل والتجريم وتحريم مصافحته وتحليل دمه.
الملك عبدالله "رحمة الله" في 2012 رأى ضرورة التقارب والتصالح بين مذاهبنا الإسلامية، لذلك بادر باقتراح إنشاء مركز للحوار بينها، ومع هذا - وللأسف- حتى الآن لا توجد نسبة مرضية على الوعي نحو ثقافة واحترام توجه الآخر وآرائه ومعتقداته الدينية، فكيف لنا أن نعزز الحوار الحضاري؟
منطقيا وعقلانيا وحتى لا نهدر الوقت والجهد علينا أولا أن نولي جهدنا وقدراتنا لإصلاح الذات الداخلي. وأعني بالذات الداخلي هنا تعزيز الحوار المذهبي واحترام الآخر، مهما كان مذهبه، ومعالجة آثار الخطاب الديني المتشدد، وما تركه أسياد منابر الصحوة من أفكار غيبت عقول بعض الشباب، وذلك يكون عبر إنشاء البرامج والندوات حول تعزيز حوار المذاهب والتسامح الديني، وإيضاح النقطة الأهم بأن الله وحده العالم والمحاسب ولسنا نحن ولا شأن لنا في حسابه، مهما اعتقد ومهما اتجه، علينا فقط بتعامله وأسلوب هذا التعامل معنا.