قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&يشن نائب الرئيس الأمريكي الأسبق ديك تشيني، وابنته ليز، التي شغلت منصب نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في إدارة جورج دبليو بوش، في كتابهما الصادر أخيرا، هجوما حادا على إدارة الرئيس باراك أوباما، وسياستها الخارجية، التي أسهمت في رأيهما في تراجع الدور الأمريكي عالميا. ويستعرضان في هذا السياق طبيعة القوة الأمريكية الفريدة في العالم، ويوضحان حجم الضرر الذي ألحقته إدارة أوباما بهذه القوة وتراجعها عن مبدأ قيادة العالم. ويختمان كتابهما وفقا لما يعرضه باسم راشد الباحث في العلوم السياسية بتوضيح السبل التي يمكن من خلالها استعادة القيادة الأمريكية مرة أخرى.&تاريخ القوة الأمريكية&يستعرض الكاتبان خلال القسم الأول من كتابهما ملامح القوة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، بهدف تعريف الأجيال الجديدة بأنهم "ينتمون إلى أعظم وأقوى أمة في التاريخ الإنساني" كما يصفها تشيني. إذ يشيران إلى تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية، والنجاحات العسكرية منذ إدارة فرانكلين روزفلت، ويصفان دور الولايات المتحدة منذ تلك الفترة بأنه دور "استثنائي" في الدفاع عن الحرية على مستوى العالم، حيث اعتمد أمن وحرية ملايين الناس حول العالم على القوة العسكرية، والاقتصادية، والسياسية والدبلوماسية للولايات المتحدة الأمريكية.&&"القوة الاستثنائية" .. لماذا يحتاج العالم إلى أمريكا قوية؟&ويوضح الكتاب تاريخ التفرد الأمريكي في التعامل مع التهديدات المختلفة منذ الحرب العالمية الثانية، والقضاء على النازية، مرورا بالحرب الباردة، وتفكيك الاتحاد السوفياتي، المنافس الأكثر قوة للولايات المتحدة، وتحرير أوروبا الشرقية، إضافة إلى الدخول في حربي فيتنام وأفغانستان، ونشر مبادئ الديمقراطية حول العالم، فضلا عن الحرب على الإرهاب التي قادتها إدارة بوش الابن بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر).
&وقد وجهت بعض الانتقادات للكاتبين في إطار استعراضهما لذلك التاريخ، خصوصا حربي فيتنام والعراق، بحسبان أن أسلوبهما في التعاطي معهما كان انتقائيا أكثر منه موضوعيا، حيث يخدم وجهة نظرهما في إطار انتقادهما لسياسات الإدارة الحالية، التي يعدانها السبب الرئيسي في تحول القوة الأمريكية من القيادة الواضحة للعالم إلى الاكتفاء بدور القيادة من الخلف، وما لذلك من تداعيات على طبيعة السياسة الخارجية الأمريكية، وحجم قوتها، وعلاقاتها مع الحلفاء.&تراجع القوة الأمريكية&يري الكاتبان في القسم الثاني من كتابهما أن القوة الأمريكية المعهودة في العالم قد تراجعت في عهد إدارة أوباما، بما أدى إلى زيادة التهديدات الموجهة للأمن القومي الأمريكي. بل إن فشله في إدارة العديد من ملفات السياسة الخارجية، بسبب اتباعه "مبدأ استرضاء الخصوم، والتخلي عن الحلفاء"، قوض الدور والتأثير الأمريكيين في التطورات التي تحدث في العالم.&وقد اتهم المؤلفان إدارة أوباما مرارا بتضليل الرأي العام الأمريكي، خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني الأخير، وبالهجمات التي وقعت في بنغازي في ليبيا، فضلا عن انتقادهما الاستراتيجية التي يتبعها الرئيس أوباما على الصعيد الخارجي، التي اختلفت عن استراتيجيات الإدارات السابقة، سواء أكانت ديمقراطية أم جمهورية، للتهديدات التي تواجهها الولايات المتحدة خارجيا.&ولم يتوقف الكاتبان عند هذا الحد، بل أشارا إلى أنه في عهد أوباما، فقدت الولايات المتحدة قدرتها على التأثير في مجريات الأحداث، بل تضاءل حجم نفوذها عالميا، وعلى الخصوص في منطقة الشرق الأوسط، بعد الانسحاب من العراق، تاركة فراغا كبيرا ملأته إيران بميليشياتها المسلحة من ناحية، وساعدت في ظهور تنظيم "داعش" الإرهابي من ناحية أخري، إضافة إلى فقدان قيادتها للأوضاع في سورية، وليبيا، واليمن.&ويشير الكاتبان إلى أن القوة الأمريكية ضعفت في مواجهة كل من روسيا، وإيران، وكوريا الجنوبية، والصين، حيث أصبحت تعتمد أكثر على المواءمات السياسية والدبلوماسية غير المدعومة بقوة عسكرية قادرة على الردع، نتيجة للاقتطاعات التي حدثت مرة تلو الأخرى في ميزانيات الإنفاق الدفاعي على الجيش الأمريكي. وهكذا، يحمل الكاتبان إدارة أوباما مسؤولية تراجع القوة والقيادة الأمريكية على مستوى العالم، برغم احتياج هذا الأخير لها، في ظل تنامي التهديدات العالمية العابرة للحدود كالإرهاب وغيره، وفي ضوء تنامي الصراعات في العديد من الأقاليم الحيوية التي لدي الولايات المتحدة مصالح استراتيجية فيها، واتفاقات شراكة ودفاع مشترك مع بعض الحلفاء فيها.&الطريق لاستعادة القوة&في القسم الثالث من الكتاب، يستعرض الكاتبان الآليات والسبل التي يمكن من خلالها استعادة القوة والقيادة الأمريكيتين في العالم، في إطار مجموعة من التوصيات التي ينبغي للرئيس القادم أخذها في الحسبان من أجل تحقيق هذا الهدف، وأبرزها:&أولا- فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران، يرى الكاتبان أن الاتفاق النووي الأخير سيقود إلى سباق نووي في الشرق الأوسط، ويرفع سقف الخطر في تلك المنطقة، ويدفع دول الخليج هي الأخرى لتعزيز قدرتها النووية. ومن ثم، ينبغي للرئيس القادم بعد أوباما أن يلغي تلك الصفقة، لأن أضرارها على الأمن الأمريكي من ناحية، وعلي حلفاء الولايات المتحدة من ناحية أخري، أكبر من فوائدها، خاصة أنها لن تؤدي إلى تحقيق السلام في الشرق الأوسط بما قد يهدد المصالح الاستراتيجية الأمريكية هناك.&ثانيا- إعادة النظر في الميزانية العسكرية والإنفاق الدفاعي للولايات المتحدة، والعمل على تزويد الجيش الأمريكي بأنظمة صواريخ دفاعية جديدة، وقوة نووية أكبر لتحقيق هدف شن حرب على أكثر من منطقة جغرافية في العالم في وقت واحد، إضافة إلى تعزيز القدرات الدفاعية والهجومية الإلكترونية (السيبرانية)، وإرسال القوات الأمريكية المقاتلة إلى مناطق النزاع.&ثالثا- المواجهة العسكرية الحاسمة ضد إرهاب تنظيم "داعش"، حيث يوصي الكاتبان بضرورة تقديم الدعم المسلح المباشر لقوات البيشمركة الكردية في العراق، والعمل في الوقت نفسه على توسيع الحملة الجوية في العراق وسورية، إضافة إلى بناء تحالفات أكثر قوة مع الحلفاء المحوريين في المنطقة.&رابعا- كبح جماح الطموح الروسي على الساحة الدولية، عن طريق استعادة أنظمة الصواريخ الدفاعية التي كانت إدارة أوباما قد ألغتها في بولندا وجمهورية التشيك، والالتزام بالمادة الخامسة من اتفاقية حلف الناتو، التي تقر بالدفاع المشترك عند تعرض أي دولة عضو لهجوم من قوة خارجية، بحيث تقوم الولايات المتحدة بإرسال مساعدات وقوات لبعض دول حلف الناتو، التي لديها حدود مشتركة مع روسيا، حتى تكون بمنزلة رسالة قوية للدب الروسي بأن الولايات المتحدة حاضرة، ولن تتخلي عن حلفائها في المنطقة، حتى إذا وصل الأمر إلى مواجهة مسلحة.&وخلاصة ما توصل إليه الكاتبان أنه يجب على الرئيس القادم أن يعي جيدا ضرورة استعادة القيادة الأمريكية في العالم من خلال هزيمة الأعداء، وطمأنة الحلفاء، لأن العالم، كما يراه تشيني وابنته، يحتاج إلى الولايات المتحدة الآن أكثر من أي وقت مضي. وقد أكد الكاتبان أن الرئيس القادم ستواجهه بعض القرارات الصعبة، التي يجب اتخاذها في وقت محدود، لكن الأمر سيعتمد في النهاية على درجة إيمان هذا الرئيس القادم بأهمية ومحورية الدور القيادي للولايات المتحدة الأمريكية في العالم.&