القمة الرابعة.. تتويج الثقة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&أيمـن الـحـمـاد
&الثقة في السياسات مؤداها فعالية النتائج، ونجاح الرؤية الاستراتيجية، وصدقيّتها، بدا ذلك واضحاً في مقدار وحجم الموثوقية التي تنظر لها أنقرة تجاه الرياض، وتفسرها حالة الانسجام الكبيرة التي تظهر عليها الاجتماعات السعودية - التركية.. فكانت القمة الرابعة يوم أمس في أقل من 12 شهراً بين الملك سلمان والرئيس إردوغان دلالة على ائتمان القيادة التركية واطمئنانها للمنهج السعودي في التعامل مع الأحداث والقضايا والأزمات التي تمر بها المنطقة ما أفقدها موجهاً يدفع بسياساتها نحو الاستقرار من بوابة الحزم.
عندما يصف الرئيس رجب طيب إردوغان الملك سلمان صمام أمان المنطقة، فإننا أمام تصريح جدير بالاهتمام.. فالرئيس التركي يقف اليوم في مواجهة تحديات صعبة تجعله مرتاباً في الكثير ممن حوله بما فيهم شركاؤه في "الناتو" الذين يضغطون عليه باتجاه تسوية الأزمة السورية وتحمل تبعاتها على حساب المصالح التركية، وهذا ما ترفضه الرياض قبل أنقرة.. كما أن تركيا من جهة أخرى تعاني أزمة حقيقية مع روسيا المزود الأهم لها بالطاقة؛ ما يجعلها أمام تحديات تنموية غاية في الحرج.
إن المصالح المشتركة والإيمان بالدور التركي وضرورته حتّم على المملكة تفهّم القلق الاستراتيجي الذي تبديه أنقرة جراء الأزمة التي تلقي بظلال الإرهاب على مدنها العامرة، والتي هي في واقع الأمر إنجاز عقد من حكم "العدالة والتنمية" الذي لا تريد أن يتداعى نتيجة تخبّط السياسات الغربية.. كما أن الرئيس التركي مدرك لحجم ما يحيق بالمنطقة، ويتفهم أن تركيا كدولة أوروبية ليست في مأمن عما يجري في نطاقها الحيوي والأساسي المتمثل في العالم الإسلامي، بل إن أوروبا نفسها -التي باتت اليوم هدفاً للتنظيمات الإرهابية- تحاول صد الهجمات استباقاً من بوابة تركيا حيث الحدود مع سورية.
نهج التقارب السعودي - التركي اللافت وثّقه إنشاء مجلس التعاون الاستراتيجي المشترك، الذي يهدف إلى مواجهة التحديات والتعاون السياسي والأمني والعسكري.. وبالأمس القريب عندما حطت طائرة خادم الحرمين في مطار أنقرة كان مجلس الوزراء في الرياض يفوّض وزير الخارجية عادل الجبير التوقيع على إنشاء مجلس التنسيق السعودي - التركي، تلكم الخطوات ليست عرضية أو نتيجة ردة فعل بقدر ما هي تأسيس لمرحلة تصف شكل العلاقات بين البلدين التي تلامس القمة اليوم، وهي إشارات لا بد وأن يفهم من خلالها أن الجانبين في حالة من التفاهم والتماهي الكاملين، وأنهما بصدد إطلاق قدراتهما السياسية والاقتصادية والعسكرية في خدمة منطقة أحوج ما تكون لأطراف تعمل للحفاظ على توازناتها في ظل محاولات فرض سياسات خطيرة من شأنها إلحاق الضرر ببنية المنطقة المتأثرة من حالة الاضطراب التاريخية.