ألغام الحوثي خطوات على طريق الهلاك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&هادي اليامي&
لم تكتف ميليشيات الحوثيين الانقلابية، وحليفها المخلوع، علي عبدالله صالح، بكل ما تسببت فيه من مآس وكوارث وأضرار للمدنيين في المدن اليمنية التي اجتاحوها، ولم تشبع رغبة عناصرها المتعطشة للدماء مناظر الأطفال القتلى والأمهات الثكلى والنساء الأرامل، ولم تكفها دموع الأيتام وآهاتهم، بل عمدت في حالات كثيرة إلى زرع ألغام وعبوات ناسفة في المدن التي اضطرت للانسحاب منها، تحت ضربات المقاومة الشعبية والجيش الوطني، لتحقيق عدة أهداف في مقدمتها إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا وسط المدنيين، تنفيذا لمشروعها الدموي الذي يركز على إقعاد البلاد وإضعاف احتمالات نهوضها، وهو المشروع الذي ترعاه إيران لإشغال الدول العربية، وإبقائها في حالة وهن دائم وضعف مستمر، توطئة للانقضاض عليها وإدراجها في فلكها، لإحياء مشروع إمبراطوريتها الغابرة التي دكتها جحافل الفتح الإسلامي، وجعلتها أثرا بعد عين.
ومما يؤكد ضلوع إيران في مخططات الإضرار بالمدنيين في اليمن، ما أكدته الحكومة الشرعية أكثر من مرة، بأن الغالبية العظمى من الألغام التي تم ضبطها في العديد من المدن والمحافظات، كانت إيرانية الصنع، وهو ما يؤكد أن طهران لا تستثمر إلا في مشاريع الموت والدمار، وتسارع إلى إمداد عناصرها بكل ما يحتاجونه لتأجيج الحروب، ومدهم بالذخائر والأسلحة، لكنها تحجم وتتلاشى حماستها عندما يتعلق الأمر بمساعدات إنسانية أو أدوية أو أغذية، لأنها لا تستثمر في مشروعات الحياة والإعمار، ولم تحاول تقديم يد العون للمدنيين، ولم تسارع لنجدتهم، إلا مرة واحدة أرسلت فيها سفينة محملة بالأرز، اتضح أن مدة صلاحيتها انتهت وهي في عرض البحر، وإن كانت أهداف إيران مفهومة ومعلومة منذ قيام هذا النظام عام 1979 حيث رفعت شعار معاداة العرب، لدوافع ومبررات عنصرية ومذهبية، تجاوزتها الأمم الحديثة، ورماها العالم المتحضر وراء ظهره، إلا أن الحيرة ترتسم على الشفاه عند محاولة تفسير أسباب إصرار الحوثيين على زيادة عدد ضحاياهم في المناطق التي ينسحبون منها، إذ إن ذلك لن يحقق لهم أي كسب عسكري. وتزداد علامات الاستفهام بسبب تركيزهم على أن يكون الضحايا من الأطفال والنساء، وما يدل على ذلك هو إقدامهم على زرع عدد من الألغام والعبوات الناسفة بطرق غير تقليدية، ووضعها في أماكن يرتادها الأطفال، مثل المدارس والحدائق، ووضع بعضها على جدران نوافذ المباني، أو دفنها تحت الأشجار، أو قرب آبار المياه.
ومع أن كثيرا من الحروب عرفت استخدام الألغام كسلاح لإعاقة تقدم الخصوم والأعداء، إلا أن ما تفردت به هذه الجماعة الانقلابية هو استخدام تلك الألغام في مناطق سكنية، ضد أشخاص مدنيين، لم يكونوا جزءا من المواجهات العسكرية، وهو الفعل الذي تحرمه القوانين الدولية، وتعاقب عليه الجهات الحقوقية المختصة، ويصل توصيفه إلى اعتباره جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. خصوصا أن اليمن صادق في سبتمبر 1998 على معاهدة حظر الألغام التي دخلت حيز التنفيذ في مارس 1999، وألزمت الدول الأطراف بعدم استخدام الألغام المضادة للأفراد تحت أي ظرف.
تؤكد نظرة بسيطة إلى أرقام الضحايا الذين سقطوا بسبب تلك العبوات القاتلة خلال العام الماضي فقط، الحاجة إلى تحرك دولي عاجل، يرغم الانقلابيين على التوقف عن جرائمهم البشعة، وإلزامهم بتقديم خرائط تفصيلية توضح أماكن زراعتها، ومعاقبة النظام الإيراني الذي أمدهم بها، ولم يقف دوره عند هذا الحد، بل أرسل عددا من عناصره لتعليم الحوثيين طرقا جديدة لزراعتها، وتؤكد إحصاءات يمنية رسمية أن عدد الذين سقطوا بسبب انفجار الألغام تجاوز خلال العام الماضي ألفي قتيل، معظمهم من الأطفال والنساء، فيما بلغ عدد المصابين خلال الفترة ذاتها، 229 شخصا، غالبيتهم مدنيون.
وبلغ من كثافة تلك العبوات القاتلة أن أرجأت السلطات المسؤولة في اليمن عودة النازحين الذين اضطروا تحت ضغط العدوان لمغادرة منازلهم، وبعد أن فرحوا بتحرير مدنهم وقراهم، صدموا بعدم قدرتهم على العودة لبيوتهم، واسترجاع ذكرياتهم ودقائق حياتهم، لكن الغاية التي دفعت الشرعية لاتخاذ ذلك القرار المؤلم في غاية النبل، وهي ضمان سلامة السكان وصون حياتهم، وعدم تعريضها للخطر.
إن كان من نقطة مشرقة في وسط العتمة التي صنعتها ميليشيات الموت والدمار، فهي التضحيات الكبيرة التي تقدمها السلطات الشرعية لإزالة تلك العبوات الناسفة، والعمل المتواصل الدؤوب الذي تقوم به، حقنا لدماء الأبرياء، وحفظا لحياتهم، وحماية ممتلكاتهم، وكذلك الجهود الكبيرة التي يقدمها التحالف العربي بقيادة مملكة الإنسانية، الذي أمد السلطة الشرعية بالآليات المطلوبة، والخبراء، لمساعدة أشقائهم في اليمن على تنظيف أرضهم الطاهرة من مخلفات المعتدين.