جريدة الجرائد

موقع بشّار في تاريخ الاستبداد

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

&حازم صاغية

ليس بشّار الأسد أوّل طاغية في التاريخ، وليس تدمير حلب على فظاعته، وهو ما يُستكمَل بهمّة منقطعة النظير، أوّل تدمير لمدينة عظيمة، عربيّة كانت أو غير عربيّة.

وقد يقال إنّ مستبدّاً كصدّام حسين كان، في شخصه وشكله وتماسكه، أقدر على تمثيل الاستبداد وشخصنته قياساً بالخفّة والبعثرة اللتين تنمّ عنهما شخصيّة المستبدّ السوريّ.

مع ذلك فإنّ مزايا الاستبداد البشّاريّ تنبع من زمنها. فمثلما قيل إنّ الزمن الصناعيّ أكسب المحرقة الهتلريّة خصوصيّتها، يصحّ القول في يومنا الراهن إنّ العولمة وانتهاء الحرب الباردة يكسبان البشّاريّة، بوصفها طريقة في القتل المعمّم، خصوصيّتها وتميّزها.

ذاك أنّ الرئيس العراقيّ السابق دفع مرّتين ثمن عدم التكيّف مع مفاعيل الزمن العالميّ بسلمه وانفتاحه وانتعاش حقوق الإنسان فيه: المرّة الأولى، حين غزا الكويت فيما النظام الدوليّ القديم يتداعى وينهار، فأُخرج منها ضعيفاً ذليلاً يباشر احتضاره. أمّا المرّة الثانية، وهي بمعنى ما استكمال متأخّر لإخراجه من الكويت، فكانت إسقاطه في 2003. أمّا الرئيس السوريّ، في المقابل، فنجح في إخراج بلده من مفاعيل الزمن العالميّ، بقدر ما نجح هذا الزمن العالميّ نفسه في إشاحة وجهه عن مأساة السوريّين والتفلّت من مسؤوليّتها. وفي هذا كُتب للنظام الأسديّ، في امتداده من حافظ إلى نجله، عمران: عمر التوافق مع الحرب الباردة والعزلة الاقتصاديّة والتوتاليتاريّات، ثمّ عمر التوافق مع ما بعد سقوط تلك الحرب وقيام الديموقراطيّات الجديدة وانفتاح الأسواق ممّا وُجد من يسمّيه &"نهاية التاريخ&".

وقد يكون الأقرب إلى بشّار، في هذا المعنى، طوطم كوريا الشماليّة كيم جونغ أون الذي، هو أيضاً، ورث أباه كيم جونغ إيل، الذي ورث بدوره أباه كيم إيل سونغ، أحد أبرز المصادر التي تأثّر بها الأسد الأب. لكنّ الفارق بين بشّار وجونغ أون أنّ الثاني مبدئيّ يقاوم الزمن الجديد وينجح حتّى إشعار آخر في مقاومته، مستنداً إلى التركة الصلبة التي ورثها عن والده وعن جدّه. أمّا بشّار فمارس نوعاً من التكيّف الرخيص ساعده فيه تنظيم &"داعش&"، حيث ترقى وحشيّته إلى شرط ضروريّ لموضعة بشّار في زمن العالم، بقدر ما ساعدته الميوعة الضاربة أطنابها في هذا العالم نتيجةً لظروف انتقاليّة تكاد تطاول كلّ العلاقات والمعاني، بما فيها السياسيّ منها. هكذا يبدو الرئيس السوريّ حصيلة جمع بين قوّة &"داعش&" ومكامن الضعف والتردّد في هذا العالم.

فهو، مثلاً، يدمّر حلب، جرياً على النهج القديم وتطويراً له. إلاّ أنّه، في الوقت ذاته، يُرسَم مدافعاً عن الأقلّيّات والتعدّد، بل عن الحضارة والحضاريّ، لا سيّما بعد استعادته السيطرة العسكريّة على تدمر التي تُرك لحجارتها الرومانيّة أن تحجب سجنها الرهيب.

لكنْ مثلما كانت النازيّة ومحرقتها وصمة على جبين الحضارة الصناعيّة وعقلنتها، وصمةً دفعت بعض أكبر العقول في أوروبا إلى الشكّ بالتقدّم التقنيّ ذاته، فإنّ التساهل مع بشّار الأسد يرقى إلى وصمة على جبين عالم العولمة والانفتاح وما بعد الحروب الكونيّة.

وليس مبالغة بالتالي أن يُعدّ الأسد انتكاسة لإنجازات إنسانيّة رائعة من نوع التدخّل الإنسانيّ ضدّاً على مبدأ السيادة القوميّة. بل ليس مبالغة أن يبدو هذا الطوطم السوريّ سبب يأس بتقدّم العالم وبشفافيّة انعكاس هذا التقدّم على إنسانيّته وعلى وحدة الزمن العالميّ.

فسوريّة اليوم، بعنف الأسد وما يستجرّه من عنف مقابل، هي الامتحان الأوّل لعالميّة العالم. وحتّى إشعار آخر، يبدو أنّ الفشل لا يزال يتفوّق على النجاح.

وفي هذه المعاني جميعاً سوف يحتلّ بشّار موقعاً مؤكّداً في تاريخ ينتابه الخجل بأنّه التاريخ.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مركز “غلوبال ريسرتش”
كريم -

MAY 2, 2016مركز “غلوبال ريسرتش”: بشار برئ من قصف حلب وأمريكا تقتل الأطفال والجماعات المسلحة أرسلت مئات من قذائف الهاون إلى المنطقة الأمر الذي استوجب ردا من الجيش السوري الذي نقلت وسائل الإعلام الأمريكية صورة خاطئة عن تهديده للمدنيينassad666واشنطن ـ “راي اليوم”:أكد مركز “غلوبال ريسرتش” أن الرئيس السوري بشار الأسد برئ من قصف مدينة حلب التى شهدت خلال الأيام القليلة الماضية قصف عشوائي أطاح بالمئات.وكذب المركز الإعلام الأمريكي واستهدافه للجيش السوري والرئيس بشار الأسد وتزييف حقيقة ما يحدث في حلب من معارك راح ضحيتها العشرات.وأكد المركز البحثي في تقريره الذي نشر الأحد مطلع مايو/أيار، أن دعاية إعلامية مغرضة تصاحب المعركة في حلب بين الجيش السوري وحلفائه “روسيا وإيران وحزب الله وبعض الميليشيات الأخرى”، وبين الجماعات الإرهابية المدعومة من حلف الناتو “جبهة النصرة وجيش الإسلام وأحرار الشام وداعش”، على حد تعبيره.وأوضح أن الجماعات المسلحة أرسلت مئات من قذائف الهاون إلى حلب، الأمر الذي استوجب ردا من الجيش السوري الذي نقلت وسائل الإعلام الأمريكية صورة خاطئة عن تهديده للمدنيين هناك.وذكر “غلوبال ريسرتش” أن الإدارة الأمريكية تعتمد على منظمات غير حكومية بالوكالة، إلى جانب بعض الميليشيات لتصدير صورة دائمة عن الجيش السوري بأن قواته لا تفعل شيئا سوى استهداف المدنيين.ومن أبرز تلك المنظمات التي ذكرها التقرير، تلك التي تعتمد “الخوذات البيضاء” أو الدفاع المدني السوري والتي تعد المصدر الرئيسي للصورة التي تؤكد بشكل مستمر استهداف الطائرات السورية والروسية للمستشفيات.وكشف المركز البحثي أن الخوذات البيضاء هي في الأساس تشكيل أمريكي يقوده الجندي البريطاني السابق جيمس لو، بتمويل مشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية و”جبهة النصرة”، فرع تنظيم “القاعدة” بسوريا والعراق.وأوضح أن تلك المنظمة تصور كل هجوم على معاقل “جبهة النصرة” على أنه هجوم على المدنيين ومشافيهم أو على العاملين بمجالات الصحة والطوارئ.وأشار إلى اعتراف مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، وجو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي في وقت لاحق، بتعاون كبار الدول الموالية لأمريكا كقطر وتركيا، مع التنظيمات الإرهابية وتمويلها سرا بهدف إسقاط الأسد.