الخليج والإصلاح
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&&شملان يوسف العيسى&
&أدركت دول الخليج العربية أنه لا مفر من الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وغير ذلك، إذا كانوا جادين في مواجهة الأزمات القادمة والمتغيرات السريعة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.
لذلك تسابقت هذه الدول، كل دولة على طريقتها، في طرح أفكارها ورؤيتها للإصلاح، حسب إمكانياتها وطبيعة نظام كل دولة، وكيف ستتعامل مع الواقع الجديد بعد انخفاض أسعار النفط. الأمر المشترك بين هذه الدول، هو شعورها بأنه لا يمكن الاستمرار في الاعتماد على النفط مصدرا رئيسيا للدخل، وإن على هذه الدول اتخاذ قرارات سريعة وشاملة، لتغيير مسار الاقتصاد في السنوات المقبلة.
هنالك درجات متفاوتة بين دول الخليج وكيفية التعامل مع المتغيرات الجديدة، فبعض دول الخليج لا تزال تحاذي إجراءات التغيير بطيئة ومتعثرة... فهم يكثرون من تشكيل اللجان الاستشارية، ويتحدثون عن الإصلاح دون اتخاذ أي إجراءات حقيقية وفعلية لتنفيذ الخطط التي وضعوها.
هذه الدول لديها أمل في عودة أسعار النفط إلى ما كانت عليه سابقًا، وإن عامل الوقت سوف يخرجها من أزماتها المالية وغيرها من الأزمات، كما حدث في الثمانينات من القرن الماضي، وفي مقابل ذلك، نلمس في إمارة دبي ودولة الإمارات العربية اتخاذ خطوات سريعة وجريئة ومتكاملة أذهلت كل المراقبين الاقتصاديين بخطواتهما بتخفيض الاعتماد على النفط، وتنويع مصادر الدخل.
حديث الساعة اليوم في الخليج، هو التغيرات التي يقودها الأمير الشاب محمد بن سلمان بن عبد العزيز، التي تتلخص في رؤيته لسنة 2030. تفاصيل الرؤية طويلة ومفصلة لا يتسع المجال لذكرها في هذا المقال، لكن تأتي أهمية الرؤية في عدة عوامل نذكر أهمها وهي:
أولاً: إنها خطة جريئة وطموحة ومتكاملة العناصر وبعيدة عن النمط التقليدي، الذي عهدناه في الخطط السابقة في المنطقة.
ثانيًا: عنصر الشفافية والوضوح واحترام عقول الشعوب وإشراك الشباب السعودي من أكاديميين وخبراء ورجال أعمال في الحوارات المهمة التي دارت قبل صياغة &"الرؤية الجديدة&".
ثالثًا: التحرك السريع الذي رافق هذه المبادرة، بمعنى أن هنالك اعترافًا وإقرارا بأن هنالك أخطاء سابقة، لا يمكن الاستمرار فيها أو تغطيتها، مثل حجم الاستهلاك والإنفاق على التسلح، الأمر المؤكد في الخليج أن التغيير حتمي وضروري ومستحق، ولا يمكن التراجع عنه.
لكن يبقى السؤال: كيف يمكن إحداث التغيير بأقل تكلفة سياسية واجتماعية واقتصادية؟ فالتغيير في أي مكان عملية شاقة ومتعبة، وستواجه من يحارب التغيير ويرفضه من أصحاب النفوذ والمصالح، ولا بد أن يكون هنالك أخطاء، ومن لا يعمل لا يخطئ.
نشدّ على أيدي القيادات الخليجية الشابة ذات النهج الإصلاحي الطموح، ونؤكد أن عملية الإصلاح ليست سهلة... فدور القيادة في التغيير مهم جدًا بحيث لا تنقاد إلى الأهواء والمطالب المثبطة.
دول الخليج العربية تهيمن على دخل النفط، وبيدها القوة والنفوذ والمال... فقد عودت شعوبها على توفير الخدمات المجانية من كهرباء وماء وتعليم وصحة وغيرها من دون مقابل، والهدف كان إتاحة الفرص للناس في ظل الوفرة النفطية... لكن هذا العصر يتطلب تفكيرا آخر لإدامة الرخاء.
اليوم، الصورة تغيرت بعد انخفاض أسعار النفط، وعجز هذه الدول عن تقديم كل الخدمات لشعوبها من دون مقابل... كما ازدادت أعداد السكان بأرقام فلكية، وزادت معها مطالبهم المستحقة من تعليمية وصحية وغيرهما.
تزايد عدد المتعلمين من أصحاب الشهادات الجامعية في الخليج، يفرض على دول الخليج إيجاد وظائف لهم في سوق العمل خارج القطاع العام، لأن القطاع الحكومي أصبح متضخمًا، ولا بد من مواكبة المتغيرات السريعة في الإدارة... ويبقى الحل الوحيد أو البديل الوحيد هو تشجيع العمالة الوطنية من شباب وشابات بالعمل في القطاع الخاص، وهذا يتطلب بدروه فتح مجال المنافسة أمام القطاع الخاص، حتى يقوم بدوره في التنمية، فلا يمكن تحقيق التنمية الحقيقية في أي دولة دون مشاركة جميع شرائح المجتمع فيها من رجال ونساء، وهذا يتطلب تأهيل الكوادر الوطنية من خلال تعليم جيد ومنافس، يجعل شبابنا قادرين على منافسة الآخرين في سوق العمل.
&