جريدة الجرائد

كمين صديق خان

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

&&سمير عطا الله&&

فيما ترتعد أوصال أوروبا وروسيا وأميركا من ذكر &"داعش&"، توجه مئات الألوف من اللندنيين لانتخاب أول عمدة مسلم لعاصمة غربية كبرى. في الثقافة الشعبية البريطانية، يروون الكثير من النكات على الهنود والباكستانيين.

لكن في لحظة الخيار الجدّي، فاز ابن سائق باكستاني على مرشح يهودي ثري، آسيوي على أوروبي.

نظر المفسرون إلى فوز صديق خان من نواح كثيرة، أهمها رقي الناخب البريطاني، ورقي النظام الديمقراطي في مهده. وآخرون رأوا فيه برهانًا على سهولة التعايش واحتماله. واسمحوا لي بوجهة نظر أخرى: المجتمع &- وليس فقط الدولة أو المؤسسة &- الأوروبي نصبَ لنا كمينًا. قدم لنا سلفة كبرى، لكن غير مجانية. إنه ينتظر التسديد. ليس طبعًا في أن يصبح بريطاني عمدة لعاصمة عربية، أو لكراتشي، ولا حتى أن يسمح لأوروبي بالسياحة في أي دولة عربية من دون تأشيرة، بل ليس حتى التوقف عن اعتبار كل ذي بشرة بيضاء &"خواجا&" أو &"جاسوسًا&". والأولى أكثر تحقيرًا، وتقال في معرض الإهانة الحادة.

فوز صديق خان هو الأول، وليس الأخير. وقد يكون عمدة برلين المقبل شابًا فلسطينيًا، ربما قلت فرصه الآن بسبب أزمة اللاجئين في المدينة. تجربة لندن الهدف المبطن منها نقل أوروبا إلى مرحلة الوئام الديني، بدل أن يظل عامة الناس في انتظار تفجير في مطار بروكسل، أو في ملعب كرة فرنسي، أو في قطار مدريد المسائي.

الهدف المبطن هو نقل شيء من لندن إلى كراتشي، حيث يقتل كل أسبوع ناشط مدني بتهمة الدعوة إلى الانفتاح. وأن يكون يهودي ومسلم قد تنافسا على عمدة عاصمة الأنكلوسكسونية التاريخية، فهذا دليل على ما وصلت إليه لندن، التي تمتلئ مجالسها المحلية وبرلمانها بالمسلمين، أما أغنياء بريطانيا الخمسة الأوائل فمن الهنود. دع النكات جانبًا الآن.

العالم بعد صديق خان، أمام خيارين: إما المضي نحو المزيد من التحضر، وإما التراجع نحو عنصريات دونالد ترامب. وسوف ينظر الخليفة المزعوم أبو بكر البغدادي إلى هذا الحدث على أنه شذوذ كبير، ومخالف لثقافة حرق الطيارين في الأقفاص. انتخاب صديق خان مفصل حضاري في البلاد التي كانت تفاخر في ماضيها الهمجي بقيادة الحروب الصليبية. لكن ها هي الآن لا تطلب عمدة القدس، بل تنصّب عمدة مسلمًا على ضفاف التيمز.

&

&

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف