السلام يصنعه الأقوياء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&أيمن الحماد
توارت عملية السلام في الشرق الأوسط خلف الفوضى الكبيرة التي خلّفتها الاضطرابات العربية، فبعد أن كانت القضية الفلسطينية تتصدر مشهد العمل السياسي الدولي والإقليمي؛ أصبح الحديث عنها في ظل الأزمة السورية وقبلها الملف النووي الإيراني يأخذ منحنى أقل أهمية، بالرغم من احتلالها مكان الصدارة في الخطاب العربي الرسمي.
والحقيقة أن المستفيد الأكبر من ذلك التواري هو الاحتلال الإسرائيلي الذي وجد تحولات المنطقة وتداعياتها، وعلى رأسها صعود الإرهاب، فرصة لتعزيز مخططاته الاستيطانية والإمعان في تطرّفه ورفضه كل دعاوى السلام؛ والتي ذهبت معها رحلات وزير الخارجية الأميركي جون كيري المكوكية أدراج الرياح، فما كان منه إلا أن غيّر وجهته من تل أبيب إلى طهران لينجز الاتفاق النووي مع إيران، فمن الواضح أن واشنطن وجدت أن إبرامها اتفاقاً نووياً أسهل بكثير من التوصل إلى اتفاق سلام لا تتوفر أهم شروطه وهو الإرادة السياسية.
تطورات تطفو على مشهد عملية السلام؛ إقليمية ودولية.. فالأولى كانت الإشارات التي بعثها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قبل أيام وأشار فيها إلى أن إيجاد حل للقضية الفلسطينية سيحقق سلاماً أكثر دفئاً مع إسرائيل، وأن هناك فرصة حقيقية لتحقيق السلام في ظل وجود عدة مبادرات.. أما الأخرى فكانت من خلال الجهد الفرنسي الذي يهدف إلى عقد اجتماع يوم الثلاثين من الشهر الجاري في باريس بمشاركة عدد من الدول، ليس بينها فلسطين وإسرائيل، لبحث عقد مؤتمر دولي للسلام في النصف الثاني من العام الجاري، إلا أن فرنسا أعلنت في وقت لاحق تأجيله.. هذا الحراك واجهته إسرائيل التي تشهد هي الأخرى صراعاً بين جيش الاحتلال ورئيس الحكومة على خلفية تلميحات يائير جولان نائب قائد الجيش، بأن في المجتمع الإسرائيلي سلوكيات تشبه سلوك النازيين، وذلك في معرض حديثه عن تعامل عناصر أمنية إسرائيلية مع الشبان الفلسطينيين.
هذا المشهد بما فيه من تطورات إقليمية ودولية وداخلية - إسرائيلية رد عليه بنيامين نتنياهو بتعيين أفيغدور ليبرمان -أكثر الشخصيات السياسية الإسرائيلية اليمينية المتطرفة- على رأس وزارة الحرب، ومن خلال هذا الفعل السياسي يرد نتنياهو بطريقته على مبادرات السلام، وعلى مناهضي سلوكه المتطرف في الداخل الإسرائيلي بإمعانه في جعل حكومته أكثر تطرفاً.
إن تلك التوجهات المتطرفة جزء من رهان نتنياهو على التوجهات اليمينية المزدهرة في إسرائيل على المستوى الشعبي والتي أبقته منذ فترة طويلة رئيساً للحكومة.. لكن هل يعكس ذلك في المقابل قدرة نتنياهو على فرض السلام؟ نشك في ذلك؛ فالأمر يتطلب قوة وشجاعة لا تتوفران لديه.