جريدة الجرائد

أوباما والاستهانة بخطر الإرهاب

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

مارك إيه. تايسين

بعد أن بدأ تنظيم &"داعش&" في بث شرائط مصورة لعمليات قطع رؤوس مواطنين أميركيين، قال &"فاليري جاريت&" كبير مستشاري البيت الأبيض- لأوباما إن الأميركيين قلقون من احتمال أن ينتقل هذا العنف خلال وقت وجيز للولايات المتحدة ذاتها، ولكن الرئيس لم يبدِ انزعاجاً، ووعد مستشاره بأن هؤلاء&"لن يأتوا إلى هنا لقطع رؤوسنا&". ولكن ها نحن الآن نرى إرهابيا، أعلن مبايعته لـ&"داعش&"، يقتل 49 أميركياً في أورلاندو في مجزرة مروعة. وأول سؤال قد يتبادر للذهن: من استلهم هذا الإرهابي في هجومه؟ حسب &"سي. إن. إن&"، فإن (تحليل أجهزة &"عمر متين&" الإلكترونية أظهر أنه كان مهتماً بالبحث عن مواقع الدعايات الجهادية، بما في ذلك عمليات قطع الرؤوس.

أما أوباما، فقد وصف &"متين&" بأنه &"إرهابي محلي&"، وأنه أعلن ولاءه لـ&"داعش&" في اللحظة الأخيرة. وقال إنه &"ليس ثمة دليل حتى الآن على أنه كان موجهاً من قبل داعش&". التفريق بين ما إذا كان &"متين&" إرهابياً محلياً أو خارجياً غير ذي شأن. ففي الشهر الماضي، ألقى &"محمد العدناني&" المسؤول عن تخطيط الهجمات الخارجية في &"داعش&" كلمة، طالب فيها المؤيدين للتنظيم بتنفيذ عمليات قتل في الولايات المتحدة، خلال شهر رمضان المعظم وقال موجهاً كلامه لهؤلاء:&"إن أصغر عمل تقومون به في عقر دارهم، لهو أعز إلينا من أكبر عمل نقوم به، وأكثر فعالية، وأكثر ضرراً لهم&". وقد أجاب &"متين&" نداء العدناني، وأغرق أورلاندو بالدماء، وأعلن تنظيم &"داعش&" مسؤوليته عن الهجوم، وقال إن متين&" جندي من جنود الخلافة&".

إذن متين إرهابي منتمٍ لـ&"داعش&"، وما فعله كان هجوماً للتنظيم، أما رفض أوباما العنيد لرؤية هذا، فيمثل في رأيي، جزءاً من نمط أكبر نطاقاً للتقليل من حجم، والتهوين من شأن، الأخطار الإرهابية.

وفقاً لـ&"جيفري جولدبرج&"، الكاتب في مجلة &"ذي أتلانتيك&" الأسبوعية، الذي أجرى مقابلة مطولة مع أوباما لمناقشة عقيدته في مجال السياسة الخارجية، فإن الرئيس كما قال له &"لم يعتقد أبداً أن الإرهاب يمثل خطراً على الولايات المتحدة يتساوى مع الفزع الذي يولده&". وأنه &"كثيراً ما يُذكر طاقم موظفيه بأن الإرهاب يكلف الأميركيين ضحايا أقل مما تسببه الأسلحة النارية، وحوادث السيارات، والسقوط في الحمام&".

ووصف أوباما في خطابه عن حالة الاتحاد 2016 داعش بأنها عبارة عن &"مقاتلين على ظهور شاحنات&"، وأنهم&"لا يهددون أمننا القومي&". وبعد أن تعرضت استراتيجيته المضادة لـ&"داعش&"، لهجوم شديد عقب هجمات بروكسل الإرهابية في شهر مارس الماضي، اضطر الرئيس الأميركي أن يدلي بتصريح قال فيه: &"إن أولويتي القصوى هي هزيمة داعش&". ولكنه اعترف في موضع آخر بأن ذلك ليس صحيحاً.

وفي الواقع إن أوباما، وكما كتب جولدبرج: &"بات يشعر بالإحباط لأن الإرهاب يواصل غمر أجندته الأكبر&". وقال جولدبرج: &"أيضاً إن مستشاري الرئيس يخوضون معركة يائسة، لمنعه من وضع الإرهاب في ما يراه (إطاره الصحيح) خوفاً من أن يبدو عديم الإحساس بمخاوف الشعب الأميركي&".

الإطار&" الصحيح&"!. ليس هناك ما يدعو للعجب إذن، إن الرئيس يواصل فهم التهديد الإرهابي على النحو الخطأ، وليس هناك ما يدعو للعجب إنه قال قبل أن يستولي &"داعش&" على مساحات واسعة من العراق، إن إيقاف التنظيم &"ليس شيئاً نجد أنفسنا مضطرين للتورط فيه&"، لأنه &"لا يمثل تهديداً مباشراً لنا&". وليس هناك ما يدعو للعجب كذلك أن أوباما قد تباهى - قبل أن ينفذ داعش هجمات باريس- بقوله &"لقد نجحنا في احتوائهم&" وليس هناك ما يدعو للعجب في خاتمة المطاف، أنه قبل وقوع مذبحة سان بيرناردينو، كاليفورينا، أكد الرئيس للأميركيين أنهم &"قد باتوا آمنين من التعرض لهجمات على نمط الهجمات التي وقعت في باريس&".

&

حسناً إن 49 أميركياً في أورلاندو كانوا يمارسون حياتهم العادية، قد اغتيلوا الآن على يد إرهابي من داعش، قتلهم بدم بارد، وكما قال لي زميلي في معهد أميركان انتربرايز &"دانييل بليتكا &":&" على عكس القول المأثور الذي يقول: &"(إننا نكسب عندما نعيش حياتنا)، فإن الرد الموجز على كل ذلك هو أننا لا نكسب&". أما بالنسبة لأوباما، فإن كسب المعركة ضد الإرهاب لا يمثل&" أولويته القصوى&" وإنما هو صرفٌ لاهتمامه عن أولوياته القصوى الأخرى.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف