جريدة الجرائد

تقارير في المغرب عن حذف الآيات القرآنية المتعلقة بـ«الجهاد» من الدروس

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

محمود معروف 

  نفت الحكومة المغربية تغيير اسم مادة «التربية الاسلامية» إلى «التربية الدينية» في المناهج ألدراسية في الوقت الذي تتحدث في تقارير عن حذف الآيات القرآنية المتعلقة بالجهاد من هذه المادة.

وأثارت وثيقة موزعة على ممثلي لجان التأليف المدرسي، ورد فيها اسم مادة «التربية الدينية» بدل مادة «التربية الإسلامية»، وكتب مادة «التربية الدينية» بدل كتب مادة «التربية الإسلامية»، نقاشاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي وعبروا عن رفضهم المطلق لإجراء أي تغيير في هذه المادة وأكدت الحكومة «عدم وجود أي قرار يهم تغيير إسم مادة التربية الإسلامية».

وقال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة الخميس، إنه ليس هناك أي قرار بخصوص تغيير اسم مادة التربية الإسلامية»، وأكد أنه «لا وجود لأي قرار بهذا الخصوص».

وراسلت الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، رشيد بلمختار، بعد الحديث عن التغيير بدءًا من الموسم الدراسي المقبل.

وقالت جمعية أساتذة التربية الإسلامية ان «التربية الإسلامية تعبير صريح وبليغ عن تشبث المغاربة بالإسلام على مدى أربعة عشر قرناً، وممارسة كاملة لسيادتهم وترسيخ متواصل للهوية الإسلامية للشعب المغربي في إطار وحدة المذهب المالكي في الفقه والمذهب الأشعري في العقيدة، وإمارة المؤمنين، ومن ثم فلا بد من الانتصار للدستور المغربي بالاستناد إلى مرجعياته والالتزام بمبادئ وبنوده في مراجعة وصياغة المناهج خاصة على مستوى القيم والثوابت الوطنية والدينية في مقدمتها العقيدة الإسلامية».

وقالت تقارير نشرت في المغرب امس الجمعة ان وزارة التربية الوطنية حذفت حفظ وفهم سورة الفتح من مقررات دراسية تهم مادة «التربية الإسلامية» في التعليم الإعدادي الثانوي، وعوضتها بدراسة سورة الحشر، وهو الحذف الذي برر بكون سورة الفتح تضم آيات الجهاد، فيما سورة الحشر مليئة بآيات «التزكية». وقال موقع «هسبرس» ان أساتذة مادة «التربية الدينية»، تفاجأوا في التغييرات التي جاءت في الإصلاح الجديد بدلاً عن تسمية «التربية الإسلامية»، بتعويض سورة الفتح في مقرر المادة لمستوى الثالثة إعدادي، بسورة الحشر في مدخل «التزكية»، وهو أحد خمسة مداخل رئيسة لتدريس «التربية الدينية» وفق قرار وزارة التربية الوطنية.

وقال تعريف الوزارة لمادة «التربية الدينية» انها مادة دراسية تروم تلبية الحاجيات الدينية للمتعلم حسب سنه وزمانه ونموه العقلي والنفسي والسياق الاجتماعي، غايتها اكتساب القيم الأساسية للدين حول قيمة التوحيد، ومداخلها التزكية والاقتداء والاستجابة والقسط والحكمة. وتتمحور سورة الفتح، «المحذوفة» من مقررات التربية الدينية، حول الجهاد من خلال إحدى غزوات الرسول (ص)، وموقف بيعة الثبات والموت تحت ظل الشجرة، وحفلت بالعديد من الآيات الكريمات التي تتحدث عن النفير والقتال والجهاد والمغانم.

وقال سعيد لكحل إن هذا التغيير في مقررات التربية الدينية أمر مطلوب وإيجابي من ناحيتين؛ الأولى أن تسمية المادة بالتربية الدينية تتماشى مع الدستور الذي يقر بأن الدولة تكفل ممارسة المواطنين من مختلف الديانات لشعائرهم، ما يعني الإقرار بتعدد الديانات في المغرب.

ويؤكد الباحث في الحركات الإسلامية، حسب «هسبريس»، أن من مزايا هذا التغيير المُحدث في مناهج التعليم الديني أنه يجعل التلاميذ منفتحين على الديانات السماوية الأخرى، غير نافرين منها، ويدركون أن الإسلام ليس هو الدين الوحيد السائد في المغرب.

واضاف لكحل، ان في حذف كل ما يمجد الجهاد ويحرض عليه، من شأنه «أن يرقى بوعي التلاميذ إلى أن احترام معتقدات الآخرين من صميم الدين وحقوق الإنسان بعيداً عن ثقافة الكراهية وازدراء الأديان»، مبرزاً أن مفهوم التربية الدينية أكثر شمولية وانفتاحاً من مفهوم التربية الإسلامية الذي يحيل فقط على الإسلام».

وقال الدكتور محمد بولوز، أستاذ باحث في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، بتسرع البعض في وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني في استخدام عبارة «التربية الدينية»، باعتبار أن الأنسب تربوياً ومسطرياً استعمال مصطلح التربية الإسلامية والتعليم الأصيل.

واوضح أن «من يراجع الوثائق الرسمية، بدءًا من الدستور إلى ميثاق التربية والتكوين إلى الكتاب الأبيض بمختلف أجزائه التي دخلت في تفاصيل المواد ومناهجها والذي وقعه أكثر من 500 شخصية، لن يجد شيئاً اسمه التربية الدينية، وإنما يجد التربية الإسلامية».

واضاف بولوز، أن كلمة «الدينية» في الدستور، مثلاً، ترد في سياق الحفاظ على حرية غير المسلمين في ممارسة شؤونهم الدينية. ففي الفصل الثالث من الدستور: «الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية»، وفي الفصل 41: «الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية».

وقال إن تغيير الأسماء وعبارات المواد الدراسية «لا يأتي بهذه السهولة والارتجال، فالأمر بحاجة إلى توسيع المشورة ودراسة الجدوى وإتباع المساطر القانونية والمراسيم المعتمدة واحترام عمل المؤسسات، لأن الشأن التعليمي أحوج القطاعات إلى التريث والإنصات والإشراك».

واوضح أن تسمية المادة بالتربية الدينية «تفرض التساؤل: أي دين سوف ندرس؟»، ومصطلحات «التزكية، الاقتداء، الاستجابة، القسط، الحكمة»، تفرض الحديث عن ماهية ومعنى وتعدد التأويل، وتحوّل الأساتذة إلى مريدين ينتظرون من الشيخ الإشارة والبوصلة والمعنى، «فمثلاً، كلمة حكمة هل هي سنّة النبي صلى الله عليه وسلم أم هي حكمة اليونان وأقوام آخرين؟».

وقال بولوز إن مؤاخذة أساتذة ومفتشي التربية الإسلامية تنصب على منهجية الاشتغال بالأساس، وإلا فمرونة الإسلام ومفاهيمه وحكمة رجال ونساء المادة الإسلامية كفيلة بتجاوز ما هو سلبي والنفاذ إلى روح المادة ومقاصدها النبيلة، «فليس الدين في أذهان معظم الناس سوى الإسلام».

وافاد بخصوص حذف بعض سور الجهاد، بأنه أصبحت لتلاميذ الإعدادي ست سور بعد أن كانت لهم ثلاث فقط، «ثم القرآن لا خوف عليه فهو محفوظ من رب العالمين، ورواده يزدادون كل يوم، وإن لم يفسر الأستاذ للتلميذ سورة الفتح، فسيجد تفسيرها في فضاءات أخرى، بدءًا من السيرة التي أصبح لها تواجد أكبر في المنهاج الجديد».

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الإصلاح الديني بطيء جدا
محمد الشعري -

هل هكذا يمكن أن تتطور ثقافات الشعوب و أن تنتشر العقلانية ؟ هل أن تغييب أو إخفاء بعض الآيات أو السور عن الأطفال كفيل بتنشئتهم على قيم أكثر صدقا و نزاهة أم أنه يعلمهم التستر على الإجرام المنظم و يصيبهم بالشيزوفرانيا نظرا للتناقض بين ما يتعلمونه في المدارس من جهة و ما يتعلمونه في عائلاتهم و في المجتمع من جهة مقابلة ؟ أعرف أن المسألة محرجة فبالنسبة لغالبية السياسيين في هذه الدول القائمة على الميتافيزيقيا. فالأخلاق في هذه المجتمعات هي الغيبيات. كما أن النظام العام في هذه المجتمعات متمحور بالأساس حول الطقوس و العبادات و ما إلى ذلمك. و هؤلاء السياسيين في غالبيتهم قد وصلوا لمناصبهم من خلال إبداء الولاء و الطاعة لكل من يقول أنه يمثل الظاهرة الدينية. و إن بقاءهم في تلك المناصب الرفيعة حكوميا و حزبيا رهن بتجديد البرهنة اليومية على إسمترارهم في ذلك الولاء و في تلك الطاعة سواء كان من اليسار أو من اليمين و سواء كانوا في السلطة أو في المعارضة. هكذا هي الأمور حاليا في هذه المجتمعات المحكومة من طرف مافيات عريقة ذات صلاحيات مطلقة. و لهذا فإن المساس بالميتافيزيقيا في هذه البلدان قد يؤدي إلى حروب أهلية لا سايق لها في التاريخ. و رغم كل هذا الخطر أعتقد أن هذه الإشكالية، بل هذه المعضلة، قابلة للحل إذا وقع، على مدى عدة أجيال، إحداث تحسينات بسيطة متلاحقة في المناهج التعليمية بحيث يقع التدرج ببطء شديد في إستبدال التربية الإسلامية ليس بالتربية الدينية و إنما بالتربية الأخلاقية و بفلسفة الأخلاق. إن التسرع في هذا الموضوع كارثة مؤكدة. إن هذه القضية تستوجب العمل التربوي طويل الأجل و تقتضي صبرا لا حدود له و عزما قويا و إرادة واضحة و إلا فإن ردود الفعل ستكون فوضى مدمرة و تخريبا شاملا. يجب الحذر أشد الحذر عند التطرق لهذا الموضوع. إنه قابل للإنفجار فورا. فالمافيات في الإنتظار و بالمرصاد للدفاع عن إمتيازاتها الإجرامية و سيطرتها الإيديولوجية و السياسية.