جريدة الجرائد

أيها السلفيون: قل هو من عند أنفسكم

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

فهد الأحمري  

السلفية أمامها حل وحيد تجاه ما تعرضت له حاليا وما قد تتعرض له مستقبلا، وهو أن تتراجع عن المبدأ الإقصائي الذي تجرعت مرارته اليوم، وأن تكون لديها المرونة في قبول التعددية المذهبية

ما وجه الغرابة في مؤتمر جروزني في الشيشان؟ المتأمل لحال الخطاب الديني المحلي، بعد أن تم استبعاد السلفية من هذا المؤتمر، يجد ألا غرابة لكونه أمرا متوقعا، نتيجة للإقصاء الواسع للمذاهب الأخرى، وأخص هنا العقدية منها، فلماذا نضيق ذرعا إذاً في حال تم رد فعل متوقع مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه، بحسب قانون نيوتن الثالث.

{أوَلمّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم}. الآية الكريمة تلخص حال السلفية في هذا الشأن.
لا أحد ينكر أن المنابر العلمية والدعوية هنا، الرسمية منها وغير الرسمية، تشن الإقصاء الفكري ضد المخالف وإخراجه من دائرة السنة، فهل نتوقع والحال هذه أن يستقبل الآخر إقصاءنا له بالحفاوة والتقدير أم بإقصاء مماثل؟

إن الطرح الديني المحلي بأشكاله الوعظي منه والعلمي، فضلا عن الأكاديمي، ينحو لقمع المجتمعين في جروزني، كالأشاعرة والماتريدية والصوفية، وبعض تلك الأطروحات تكفرهم تلميحا أو تصريحا. ويزيد المنظرون على من سلف ذكرهم بالتجريح والإقصاء فرقا أخرى، كالشيعة، الإسماعيلية، الزيدية، الإباضية وغيرهم. من هذه المشكاة ينهل المتلقي الفكر الإقصائي الذي ترسّخ في عقول المجتمع بأطيافه. لم يكتفوا بهذا الطرح بل ضمنوا المناهج هذا الاستعلاء والتفرد بالحقيقة، الأمر الذي غذى عقول الناشئة بالتحقير والتفسيق والكراهية للمخالف تارة، وتكفيره تارة أخرى.

العجيب أننا ورغم إقرارنا بأن أصحاب هذه المذاهب العقدية، كالأشعرية والماتريدية والصوفية والزيدية وغيرها هم في دائرة أهل السنة والجماعة، إلا أننا نمارس التشنيع عليهم وندرجهم ضمن القائمة الطويلة لأصحاب البدع والأهواء من الملل والنحل الضالة، وكأننا لا نحسن استثمار نقاط الالتقاء مع الآخرين، بل نكرس جهودنا لخلق خصومات جديدة حتى مع المتفق معنا في دائرة المعتقد والفقه. ما أبلغنا فعلا في تكوين جبهات من العداوات والخلافات مع القريب، فضلا عن البعيد. 

الطامة الكبرى أننا لا نعير للمكونات الكبيرة والسواد الأعظم من المخالف أي اهتمام، فبرغم أن بعض تلك المذاهب هي المكون الرئيس لأهل السنة وبالأخص الأشاعرة الذين يشكلون السواد الأعظم في التوزيع الديموجرافي للعالم الإسلامي في عموم المسلمين وحتى في خواصهم، وبالتالي فإن الفكر السائد هنا يعتبر أقلية في العالم الإسلامي. 

حتى على مستوى علماء الدين، نجد كبار الأئمة وجهابذة أهل العلم الشرعي الذين يعدون فلا يحصون هم على المذهب الأشعري، كالنووي وابن حجر والحافظ المزي وابن الجوزي وإمام الحرمين الجويني والقرطبي والسيوطي وابن حبان والحاكم وابن دقيق العيد والعز بن عبدالسلام، وغيرهم خلق كثير. 

أبوالحسن الأشعري الذي ينسب له المذهب الأشعري، واجه المعتزلة وانتصر لآراء أهل السنة، وكان إماما لمدرسة تستمد اجتهادها من المصادر التي أقرها علماء المسلمين. وقد التف العلماء حوله في زمانه بعد أن ضاقوا ذرعا بالمعتزلة، حينما وضع حدا لهيمنتهم وفتنتهم العقدية، ورغم هذا تجاهل السلفيون تلك الجهود الجبارة وذهبوا يفتشون عن أوجه الخلاف. 
 
نحن نجيد التشنيع على المختلف معنا، بل ونصر على ابتكار مخالفين جدد، بوضع أنفسنا معيارا للحق والباطل ثم نصنف الآخرين بحسب هذا المعيار وكأننا نطالب كل من على ظهر البسيطة بأن يكون نسخة مطابقة لنا.

قد ينسى العالم الإسلامي كثيرا من سقطاتنا، غير أنه لن ينسى تصريحا لأكاديمي في جامعة إسلامية محلية، مدعيا أن الفرقة الناجية ما كان عليه علماؤنا وأهل نجد ومن تبعهم! صحيح أنه اعتذر بعد الضغوط التي مورست عليه.

وأكاديمي آخر شهير جدا حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى بناء على رسالتين، الأولى عن الفرقة الناجية والثانية عن الصوفية!

أحد الأكاديميين الفضلاء كتب مقالا ينفي فيه إقصاء السلفية للجماعات المذكورة، مستدلا بأن جامعاتنا الإسلامية تستقطب كفاءات من الأشاعرة والصوفية، لكنه نسي ما تواجهه تلك الكفاءات بعد الاستقطاب من الهمز واللمز والتحذير منهم، وقد كنت أحد طلاب تلك الجامعات، ثم إن بعض تلك الكفاءات استقطبت بناء على توجهها "الحركي" أكثر من غيره! ثم ذهب فضيلته يغوص في أحداث القرون البائدة وحمولاتها القديمة، مستذكرا ما واجه السلفيون على يد الأشاعرة والصوفيين من عهد السلطان السلجوقي وحرمانهم من الوظائف والتضييق عليهم وكأنه يبرر ما يقدمه الخطاب السلفي حاليا تجاه الخصوم. 

ختاما، فإن السلفية أمامها حل وحيد تجاه ما تعرضت له حاليا وما قد تتعرض له مستقبلا، وهو أن تتراجع عن المبدأ الإقصائي الذي تجرعت مرارته اليوم، وأن تكون لديها المرونة في قبول التعددية المذهبية، ولا يعني بالضرورة التوحد على مذهب واحد، بل التعددية التي هي مزية وليست عيبا أو نقصا. وحول هذا ينقل لنا الزميل عبدالعزيز السويد قول أحدهم "لو تعامل المصلحون بذكاء السياسيين لحققوا الكثير".
 
 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
يداك أوكتا و فوك نفخ !!!
علاء طه فرج -

الوهابية و أذنابها في مصر يكفّرون الأزهر كونه يعتمد المدرسة الأشعرية ، و يسفّهون علماءه بل و شيخه !!! ثم يغضبون مماحدث في مؤتمر الشيشان !!! و يخرج أحد أحفاد ابن عبد الوهاب ليكيل الشتائم لمصر ، و يطالب بترك مساعدة مصر السيسي !!! - الأزهر لم يكن هو صاحب الدعوة للحضور .. - البيان لم يستثن السلفية الوهابية بالإسم ، البيان أدخل المذاهب الأربعة و أهل الحديث ضمن أهل السنة و الجماعة .. و الوهابية أتباع ابن حنبل !!! - الوهابية إذن لا ترضى بغير قيادة العالم السني !!! - ثم على حفيد ابن عبد الوهاب أن يقرأ التاريخ و يستوعبه ليعلم أن مصر أفضالها على العرب أجمعين منذ فتحها عمرو بن العاص ، مصر كانت سلة الطعام لأهل الجزيرة ، فلا يمنن علينا أحد ..

توضيح
عبدالله العثامنه -

ما دخل قانون نيوتن في الموضوع !! أم أنها واحده بواحده اذا أقصيتني أقصيتك واذا قبلتني قبلتكَ !! هذا قانون شوارعي حاراتي يخص الأطفال والقاصرين ،، في المسائل العقديه الموضوع أخطر من ذلك بكثير،، مؤتمر غروزني غايته سياسيه بحته وتوقيته سياسي ومكانه سياسي والدليل قول رمضان قديروف أن الوهابيه أخطر من اليهود وهم الذين قتلوا أصحاب محمد "عليه وأله وصحبه الصلاة والسلام" وكأن كان هناك وهابيه في العصر الاسلامي الأول !! ( الوهابيه ليست طائفه أو مذهب) قديروف ليس جاهلاً كما يظن البعض لكنها اسقاطات سياسيه فلاديميريه بوتينيه مطلوبه زمانا ومكانا،، وقال أن لا مكان في الشيشان الّا للطرق الصوفيه الراقصه التي ترقص وتدور حول نفسها كحمار الساقيه وتعظم القبور وتسأل أصحابها الشفاعه وتيسير الأمور وسعة الرزق وتنسف "اياك نعبد واياك نستعين" بالشرك وعقيدة الحلول والاتحاد !! ،،، السلفيه ليست اقصائيه أو تكفيريه فعندما ترى شخصاً يشرب الخمر وتقول له هذا حرام "وواجبك أن تقول له هذا حرام"هل تكون قد أقصيته أو رميته بالفسوق أو الخروج من المله ؟ أم تكون قد أديت واجبك الذي أمرك به الله وأمرك به رسوله؟؟ هذا في المسائل الفقهيه فما بالك بالمسائل العقديه،، فعندما ترى شخصاً يشرك بالله ويرتكب أمورا كفريه وتنهاه وتقول له إنك على ضلال وانت تنسف عقيدة التوحيد والاسلام قائم على عقيدة التوحيد هل تكون بذلك قد جرحته واهنته وأقصيته أم تكون قد أديت واجبك معه امتثالاً لأوامر الله واتباعاً لسنة نبيه !! يا أخي السلفيون لا يكفّرون ولا يقصون السلفيون يوضّحون ويبيّنون "ما على الرسول الا البلاغ" وبعد ذلك الأمر متروك لصاحب الشأن إما ينتهي وإما يستمر في غيه ،،، لا يوجد مرونه في المسائل العقديه المرونه في المسائل الفقهيه،، من واجب علماء الأمه أن يبينوا ويحذّروا من الفرق الضاله التي شوهت روح الاسلام وأخرجت العباد من عبادة رب العباد وحده الى عبادة العباد والجماد ويقولوا لهم انكم على ضلال اذا بقيتم على حالكم هذا يجب أن تتبعوا منهج الاسلام القويم، بل إني أزعم أن جل مصائبنا من الفرق الضاله التي زاغت عن منهج الحق وراحت تعمل ذبحاً وتفريقاً في المسلمين وخيانةً واستدعاءاً لأعداء الاسلام "والتاريخ يشهد والحاضر يشهد"،،، يا أخي قبول التعدديه شيء ومحاولة تقويمها شيء أخر ...من قال أن الماتريديه والأشعريه والصوفيه في غالبهم ليسوا من أهل السنه

رد على تعليق عبدالله الع
عمرسالم الكندي -

ردي على المغالطات الواردة في رد الأخ عبدالله العثامنه كالتالي 1)- يدعي ان السلفية والوهابية اتت لتخرج الناس من عبادة العباد الى عبادة رب العباد وهذا شي يلغي دور مايقارب 1400عام من نشر الإسلام في ارجاء المعموره لهذا الهدف كذلك يناقض قول نبي الأمه صلى الله عليه وسلم لقد يأس الشيطان ان يعبد في ارضكم هذا بعد عامكم هذا ((خطبة حجة الوداع))2)- التحريض والصدام الذي تنتهجه الجماعات السلفية والوهابية صد كل من لا يوافقها الرأي اما بالتكفير او التهجير او التفجير وهذا واقع نعيشه بأستمرار في معظم البلدان العربية 3)- الم يكن ظهور الجماعات الإسلامية الوهابية الجهادية وفق ظروف سياسية كان يعيشها الوطن العربي وكانت تمول من قبل دول عربية وغربية لأغراض سياسيه