جريدة الجرائد

لبنان بات عالقاً بين حوار بلا قرار وشجار إذا توقّف الحوار...

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

&اميل خوري

بات لبنان عالقاً بين حوار بلا قرار وشجار بلا حوار... بين حوار على نصف سلّة تتضمّن رئاسة الجمهوريّة وقانوناً للانتخاب أو سلّة متكاملة يُضاف إليها تشكيل الحكومة وسلاح "حزب الله" لتصبح شبيهة بسلّة "اتفاق الدوحة". فالمشكلة إذاً ليست مشكلة سلة بل علّة في النفوس، ولا هي مسألة اختصار عدد المدعوين للحوار اختصاراً للوقت، إنّما هي في حقيقتها مسألة عجز القادة عن حل ليس في يدهم بل في يد خارج هو حالياً إيران. فلو أن الحل كان في يد القادة في لبنان لكانوا طبقوا الآلية الدستورية لانتخاب الرئيس ولم يضيّعوا الوقت في البحث عن آلية جديدة يختلفون عليها، ولا يتّفقون تالياً على مرشّح للرئاسة، فيعمد من لا يعجبه وصول مرشّح معيّن للرئاسة إلى تعطيل نصاب جلسة انتخابه وهو ما لم يحصل في تاريخ لبنان. ولو أن إيران كانت تريد انتخاب رئيس لكانت طلبت من نواب "حزب الله" النزول إلى المجلس لانتخاب المرشّح الذي تدعمه. ولو أن الدول التي لها تأثير على إيران تريد انتخاب رئيس للبنان لكانت فعلت ذلك وفصلت أزمة الانتخابات الرئاسيّة عن أزمات دول في المنطقة، ولا سيّما سوريا، ولم تربط حل هذه الأزمة بحل كل الأزمات، أو انتظرت نتائج التفاوض مع إيران على الثمن الذي تطلبه للحل في لبنان.

لذلك فإن العودة إلى طاولة الحوار لا جدوى منها إذا لم يكن لدى القادة في لبنان التصميم والإرادة الصادقة للحل بمعزل عن أي إرادة خارجية، وهذا غير متوافر حتى الآن ويا للأسف، لا داخل لبنان ولا خارجه، بدليل أنه مضى على الشغور الرئاسي أكثر من سنتين وثلاثة أشهر، ومضت سنوات من دون الاتفاق على قانون جديد للانتخاب يحقّق التمثيل الصحيح لشتّى فئات الشعب وأجياله.

استناداً إلى ذلك، يمكن القول إن المسألة ليست مسألة عودة الى طاولة الحوار ليعود الدوران في حلقات مفرغة وتبادل تحميل المسؤولية لهذا الطرف أو ذاك، إنّما هي مسألة إرادة داخليّة مفقودة وإرادة خارجيّة مشغولة عن لبنان بأزمات أهم وأكبر. وهذا ما يجعل أقطاب الحوار يختلفون على جدول الأعمال قبل أن يختلفوا على كل موضوع يدرج فيه. فمن مطالب بالاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية وعلى قانون للانتخاب كونه مصدر اعادة تكوين السلطة، ومن مطالب باضافة موضوع تشكيل الحكومة العتيدة، حتى إذا انتخب الرئيس تكون الطريق ممهّدة أمامه بحيث لا يواجه مشكلة الاتفاق على أي من هذه المواضيع، وهذا ما جعل الرئيس نبيه بري يقول بصراحة ووضوح إنه إذا لم يتم اتفاق على المواضيع قبل الرئاسة فلا رئاسة... وقد يرد طرف آخر بطلب إدراج موضوع سلاح "حزب الله" في الجدول وهو مهم أيضاً، لأن عدم التوصّل إلى حل لمشكلة هذا السلاح، فإن الدولة تظل لا دولة، ونتائج الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومة لن تغيّر شيئاً في الوضع الشاذ المشكو منه، لأن الكلمة تبقى للسلاح خارج الدولة، وهو ما شهدته البلاد منذ العام 2005 الى اليوم. ولأن موضوع السلاح خارج الدولة له أهميّته، فإن مؤتمر الدوحة أدخله في جدول أعماله وخصّص له بنوداً عدّة في الاتفاق إلّا أنها ظلّت حبراً على ورق. وقد نصّت هذه البنود على الآتي:

"يتعهّد الأطراف الامتناع عن أو العودة الى استخدام السلاح أو العنف بهدف تحقيق مكاسب سياسية، وتعزيز سلطات الدولة اللبنانية على كافة أراضيها وعلاقاتها مع مختلف التنظيمات بما يضمن أمن الدولة والمواطنين، وحظر اللجوء إلى استخدام السلاح أو الاحتكام إليه في ما قد يطرأ من خلافات، أياً كانت هذه الخلافات، وتحت أي ظرف كان بما يضمن عدم الخروج على عقد الشراكة الوطني القائم على تصميم اللبنانيين على العيش معاً في إطار نظام ديموقراطي، وحصر السلطة الأمنية والعسكرية على اللبنانيين والمقيمين بيد الدولة بما يشكّل ضمانة لاستمرار صيغة العيش المشترك والسلم الأهلي للبنانيّين كافة، وتطبيق القانون واحترام سيادة الدولة في كافة المناطق اللبنانية بحيث لا تكون هناك مناطق يلوذ بها الفارون من وجه العدالة احتراماً لسيادة القانون وتقديم كل من يرتكب جرائم أو مخالفات إلى القضاء اللبناني".

إذا كان "اتفاق الدوحة" المضمون تنفيذه عربياً لم يحترم فمن يضمن تنفيذ "اتفاق دوحة لبنانية"، خصوصاً في موضوع السلاح، سوى خارج قوي ونافذ وهو إيران اليوم كما كانت سوريا من قبل ما دام القادة في لبنان قاصرين وكأنّهم لم يبلغوا رغم عمرهم الطويل سن الرشد...

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف