الزيارة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سمير عطا الله
يروى أن الرئيس اللبناني الراحل فؤاد شهاب كان يستقبل وفدًا من المغتربين، وعندما همّوا بالجلوس، اختار أحدهم كرسي الرئيس عن غير قصد، فمازحه شهاب بلهجته الجبلية قائلا: «يا عمي شو بدك بها الكرسي؟ متعبة، وكلها وجع راس».
تضاعفت تعقيداتها ومتاعبها مع وصول الرئيس ميشال عون. فالبلد أشد انقسامًا، والمنطقة أشد اضطرابًا، والدولة اللبنانية أكثر تأثرًا بالتجاذبات الإقليمية التي دخلت بها للمرة الأولى قوة غير عربية هي إيران.
إذ اختار الرئيس عون أن تكون زيارته الرسمية الأولى إلى الرياض، أراد أن يبعث بمجموعة من الرسائل الداخلية والإقليمية. أولها استقلالية القرار الرئاسي وإخراجه من الصراعات المحلية.
وثانيًا إخراج الرئاسة من الصراعات الدولية والإقليمية، والاهتمام فقط بمصالح لبنان، العالق منذ زمن في أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة. من هنا، تقرر أن تكون الرياض وجهته الأولى، الشريكة الاقتصادية الأولى على جميع الأصعدة، بدءًا بالمقيمين اللبنانيين وانتهاءً بالمستثمرين السعوديين.
وكان الرئيس عون يردد أمام زائريه دومًا أن ثمة لبنانًا موازيًا في الخليج، يردف لبنان المقيم، ويجب الحفاظ عليه تامًا كالحفاظ على العلاقة مع دوله المضيفة منذ عقود. وإلى ذلك كان يتحدث دومًا عن مكانة السعودية الإقليمية والعالمية، ومدى ما أفاد لبنان من هذه المكانة، سواء في خلافاته الداخلية أو في الصراع العربي الإسرائيلي.
تعرض التوازن في علاقات لبنان الخارجية إلى الخلل في مراحل عدّة. فالصراعات الداخلية تتأثر فورًا بالصراع الخارجي. غير أن الرئيس عون سوف يستخدم مكانة الموقع الرئاسي من أجل ترميم الضرورات.
يساعده في ذلك رصيده عند «8 و14 آذار» معًا. كما يساعده العنوان الائتلافي الجديد الذي دخلت فيه البلاد أولاً مع انتخابه، وثانيًا مع تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري، التي ستبدأ معها مسيرة الاستقرار والمصالحة، من خلال خطوات كثيرة، أهمها القانون الانتخابي، الذي يشكل الاختلاف عليه عقبة كبرى ودائمة في وجه التراضي الوطني.
في عمله الخارجي سوف يسعى الرئيس عون إلى تحقيق ما لا يحقق على الصعيد الوزاري، أو الحكومي. أي الإفادة من ثقة الدول به من أجل أن يتفهم مضيفوه تعقيدات بلد لا نهاية لها. وفي ما يتعلق بالسعودية والخليج، فهو قد أُبلغ مواقفها مسبقًا.
وقد اختار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إيفاد مستشاره الأمير خالد الفيصل، ليس فقط لكي يحمل رسالة شخصية إلى عون، بل أيضًا لكي يكون مستوى الوفد رسالة معلنة عن مدى ما يعنيه لبنان المستقر للرياض.