جريدة الجرائد

التبعية وتعطيل العقل المسلم

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عزة السبيعي    

تقول القصة الحقيقية، إن بدويا أُجبر على ركوب الطائرة، بعد محاولات أقربائه بإقناعه أن يوما بالسفر عبر البر سيتم اختصاره لساعتين إلى الرياض، فلما ركب الطائرة ظل واجما لا يكلم أحدا حتى بدأت الطائرة تصادف مطبات هوائية، وبدأ جاره يدعو الله أن يسلّم. 
لاحظ الجار صمت البدوي فسأله: "ما لك يا فلان لا تطلب الله السلامة"؟، فالتفت نحوه بحزن وقال: "والله إني مستحي منه يقول يا عبدي عطيتك الأرض ممتدة تسافر فيها وتعلقت الخضيراء (ركبت السماء) . 
دهش السائل من منطق البدوي لعدم انطباق هذا التبرير على رحمة الله عز وجل بِنَا، والتي لا تخضع لمنطق كهذا.
في الحقيقة، ربما كان يبدو الأمر سخيفا للبعض، لكن على الأقل هناك تبرير لموقف البدوي يمكن نقاشه، مما يجعله في درجة تفكير أعلى من كثيرين حولنا، تتعجب من أن مواقفهم لا مبرر منطقيا أو غير منطقي لها.
إن أي قضية فكرية تحتاج إلى عدة أركان للحكم عليها، وهي: القاضي، ومحامي الادعاء، ومحامي الدفاع، القاضي هنا هو عقلك، وهو كما في الواقع يجب أن يستمع لجميع الآراء، وأن يكون نزيها، بينما يجب أن يجتهد محامو الدفاع والادعاء بإظهار الأدلة والحجج التي تثبت صحة ما يؤمن كل منهما به. 
لذا، حتى لو كان القاضي -أو العقل- نزيها لكن لم يتم البحث جيدا عن أدلة الادعاء، فإنه قد يحكم للدفاع ويكون حكمه غير نزيه، والعكس أيضا صحيح. 
هذه الحالة تحدث مع أصحاب الانتماءات والأيديولوجيات الذين يهتمون بجانب واحد من القضية دون الآخر لمجرد انتمائهم إلى أصحاب هذا الفكر.
هذه الطريقة في التفكير لم يعرفها المسلمون سوى في الحقب التي سبقت الضعف السياسي والسقوط تحت احتلال سلطات سياسية غير مسلمة، أما الفترات التي عاشتها الدول الإسلامية فلم يكن هناك انتماء لأصحاب الفكر، بل مجتمعات تبحث عن الحقيقة، وتشاهد سلوكا يوميا من الاختلاف يعقد في أروقة المساجد عبر المناظرات الفقهية يستعرض فيه كل صاحب رأي حجته مع مبادئ مثل "كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر". "يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال".
هذا الأمر بدأ في الفقه الإسلامي وانعكس على حياة الناس، لأن الفقه كان جزءا من حياتهم، والمادة الأولى التي يدرسها الطفل بعد حفظه القرآن، فتدرب فيه العقل على التفكير المنطقي في مرحلة مبكرة من حياة الفرد، مما انعكس إيجابا على المجتمعات الإسلامية وحررت الناس، مما سمح بتداول المعارف والعلوم، وبالتالي ظهور الحضارة الإسلامية في مختلف شؤون الحياة وليس في الجانب الديني فقط.
الآن، تجد أن قناعات ملايين من الناس لا تستند إلى حجج منطقية، بل فقط لأن ذلك الرجل قال كذا، حتى لو ذكّرته بحديث صحيح للرسول -صلى الله عليه وسلم- سيذكرك هو بفلان وعلان، بل إنه لا يبالي لو تطاول على الآخرين انتصارا لرأي هذا المتبوع، مما يجعلك تتساءل: هل يدخل ذلك في باب التقديس؟
هذه التبعية عطلت العقل المسلم، وجعلته مستغلا من تجار العواطف، وأخّرته بشدة عن ركب الحضارة، وبالتالي القوة والسلطة في هذا العالم الذي ينهار بين أيدينا شيئا فشيئا.

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اماراتيه ولي الفخر
اماراتيه ولي الفخر -

ن أي قضية فكرية تحتاج إلى عدة أركان للحكم عليها، وهي: القاضي، ومحامي الادعاء، ومحامي الدفاع))<< هذا المفروض والطبيعي لكن على ارض الواقع حاجه مختلفه كلهم صف واحد نفس الشكل والعقل والكلام وانت عليك تكون تابع للقطيع حتى لو بترمى في التهلكه واذا فكرت تناقش او تقول راي مختلف عن الجو السائد فبتطلع ببساطه مجرم بدون ذنب وتهمه اصلا اليوم التهم جاهزه ومعلبه أي مصيبه بيرمونها فيك ببساطه بدون أي اعتراض هذي الحقيقه //(لذا، حتى لو كان القاضي -أو العقل- نزيها لكن لم يتم البحث جيدا عن أدلة الادعاء، فإنه قد يحكم للدفاع ويكون حكمه غير نزيه، ) ولماذا لا يبحث قبل لا يصدر حكمه بالباطل طيب وين بيذهب من القاضي الحقيقي قاضي القضاة "" رب العالمين "" وهو محرم على نفسه الظلم وجعله بين الناس حرام وبعدها بعض البشر يقولون من وين تطلع لنا المصايب والمشاكل والهموم كل واحد فيهم عليه يسأل نفسه عن المظالم ويرجعها قبل لا تطلع من حرة قلبه في الدنيا قبل الاخره/(هذه الحالة تحدث مع أصحاب الانتماءات والأيديولوجيات الذين يهتمون بجانب واحد من القضية دون الآخر لمجرد انتمائهم إلى أصحاب هذا الفكر )<< نعم بنو نفقون اللي يحسسونكم عندهم العلم والفهم المطلق وغيرهم مايفهم ومتخلف ويرفض حتى يتحاور معاك ويسمعك وفي الاعلام يقولون يتقبلون الاخر الكذابيين بالمناسبه العلمانيه عليك تتقبل الكل لكن عند بني نفقون يتقبلون نفسهم فقط والباقي كلام في الهواء وهذا سبب عزوف الكل عنهم وحتقارهم في العلن او حتى السر شاهدناها واقع على ارض مصر//(بل مجتمعات تبحث عن الحقيقة، وتشاهد سلوكا يوميا من الاختلاف يعقد في أروقة المساجد عبر المناظرات الفقهية يستعرض فيه كل صاحب رأي حجته مع مبادئ مثل "كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر". "يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال") مساجد أي مساجد اللي بعد ما يخلصون الصلاه تقفل اللي مراقبه بالكيمرات المساجد يقولون عليها اليوم بني نفقون تخرج ارهابيين والمفروض اليوم اللي يتخرج اهل الدعاره والنفاق حتى يتصدرون المشهد العالم ويقودون الامة للهاويه //(مما يجعلك تتساءل: هل يدخل ذلك في باب التقديس؟)<< انا عن نفسي اقدس "" العزيز الجبار "" غيره له فقط الاحترام والسمع والطاعه في الحق اما الباطل مرفوض "" لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ""