منتدى دافوس ينطلق غدًا بـ«افتتاحية صينية» وأمل «زعامة مسؤولة»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
نجلاء حبريري
تتحول بلدة دافوس السويسرية الهادئة إلى وجهة النخبة السياسية والاقتصادية والثقافية لمدة أسبوع كل سنة. وبحلتها البيضاء من أعلى جبال الألب، تجمع هذه البلدة آلاف الزعماء والسياسيين والخبراء تحت مظلة المنتدى الاقتصادي العالمي لبحث أبرز القضايا الشائكة على الأجندة الدولية، والتحديات والفرص.
وتحت عنوان «زعامة متجاوبة ومسؤولة»، تنطلق الدورة رقم 47 لمنتدى دافوس الاقتصادي غدا الثلاثاء، والتي تستمر أعمالها حتى يوم 20 يناير (كانون الثاني)، ويتوقع أن تسلط الضوء على حدّة التغيرات التي شهدها الاقتصاد العالمي خلال الأشهر والسنوات الماضية. بهذا الصدد، أوضح يان زوبف، المسؤول الإعلامي للمنتدى، لـ«الشرق الأوسط»، أن المنتدى سيجمع هذا العام ثلاثة آلاف مسؤول اقتصادي وسياسي عالمي، بينهم 250 شخصية إعلامية مشاركة، بالإضافة إلى تغطية صحافية من 250 مراسلا من مختلف أنحاء العالم و250 مصورا وتقنيا.
وفي سابقة أولى، سيحضر الرئيس الصيني شي جيان بينغ، المنتدى ويفتتح أعماله بكلمة ستركز على قيم القيادة في ظل تنامي الحركات الشعبوية في العالم، بحسب ما أعلنه منظمو المنتدى في جنيف، ومشددا في كلمته على طمأنة صناع القرار إلى أن الصين ستكون جاهزة للدفاع عن رؤيتهم للتبادل الاقتصادي. ويرافق الرئيس الصيني أكبر وفد يمثل الصين في هذا المنتدى منذ عام 1979 عندما بدأت بكين المشاركة في هذا التجمع السنوي لقادة السياسة والأعمال من مختلف أنحاء العالم.
وقال لي باودونغ، نائب وزير الخارجية الصيني في تصريح إعلامي إنه «في ضوء التطورات الأخيرة والتحديات الجديدة على الساحة الدولية، سيعرض الرئيس شي رؤية الصين حول العولمة الاقتصادية، ويعرض اقتراحات ومشاريع صينية، وسيثبت أن الصين دولة مسؤولة ذات أهمية كبرى».
وبمقابل الخطوة الصينية التي تسعى إلى مقاربة مع العالم وتواؤم كبير مع العولمة، يتزامن المنتدى مع التنصيب الرسمي للرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب يوم 20 يناير، وهو الرئيس المنتخب الذي بنى نجاحه الانتخابي على أساس مناهضته للعولمة الليبرالية، التي يرى أنها تفقد الولايات المتحدة الكثير من فرص التوظيف.
وهذه العولمة نفسها أفادت قسما كبيرا من القادة الذين سيحضرون إلى دافوس، وسيحاولون تحديد رؤية أوضح لمرحلة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفوز ترامب، وذلك قبل أسابيع من الانتخابات في فرنسا.
وما بين الاتجاهين، تقع مقولة كلاوس شواب، مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي: «لا توجد إجابات بسيطة للتعامل مع التحديات التي نواجهها». وفي تعليق لهو شينغدو، أستاذ الاقتصاد في الجامعة التكنولوجية في بكين، لوكالة الصحافة الفرنسية، قال إن «العالم اليوم غريب. الولايات المتحدة كانت وراء العولمة والصين تعارضها، لكن الآن أصبحت الصين قائدة العولمة والولايات المتحدة تعارضها». بينما يرى كبير الاقتصاديين في مكتب «آي إتش إس ماركت» ناريمان بهراوش المتخصص في شؤون دافوس أن «الصين ترى في الجو السياسي الحالي فرصة لتأكيد دورها المهيمن في آسيا والعالم»، مضيفا أنه «من المبكر الاعتقاد أنه سيكون بإمكان الصين الحلول مكان الولايات المتحدة كمحرك للعولمة».
ويوضح شواب أن «الاهتمام الرئيسي للاجتماع هذا العام سيكون الوفد الصيني الذي سيقوده الرئيس شي»، وأضاف أنه «سيخصص اهتمامًا كبيرًا لقضية بريكست ومستقبل أوروبا»، بينما يتوقع أن تشارك رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في المنتدى، بحسب قائمة المشاركين التي سلمت للصحافة. كما أوضح شواب أن المشاركين «سيتطرقون كثيرًا إلى التوقعات المرتقبة مع وصول الإدارة الأميركية الجديدة إلى البيت الأبيض».
وسيحضر أيضًا الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وكذلك وزراء يمثلون 70 بلدًا، بينها دول مجموعة العشرين. وستمثل أوساط الأعمال بمديرين عموم لنحو ألف شركة. كما ستحضر المنتدى شخصيات عامة وفنية وثقافية، من بينهم الفنانة الكولومبية شاكيرا والممثل الأميركي مات ديمون. وستتمحور مواضيع البحث حول الحمائية وظاهرة الاحتباس الحراري والهجرة والأمن الدولي والتغذية وإمكانية الوصول إلى الموارد.
ويقول شواب: «عالمنا يتغير بسرعة غير مسبوقة... وفي مرحلة التغيرات، أصبحت مبادئنا التقليدية حول المجتمع والعمل والأمة موضع شك، والكثير من الأشخاص يمكن أن يشعروا بأنهم مهددون»، داعيا إلى أن يتحلى قادة العالم «بالمسؤولية».
أما فيما يتعلق بأعمال المنتدى الخاصة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فأوضح مدير المنطقة وعضو اللجنة التنفيذية في المنتدى الاقتصادي العالمي، ميروسلاف دوسيك في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن المنتدى سيهتم بمحورين أساسيين؛ الأول اقتصادي والثاني سياسي.
الشق الاقتصادي يركز على «زخم الإصلاحات» الذي تشهده المنطقة. وأوضح دوسيك أنه «رغم اختلاف دول المنطقة بين منتج ومصدر للنفط، وأخرى مستوردة، وأخرى في مراحل مختلفة من التنمية الاقتصادية، فإنها منخرطة في جهود واسعة النطاق لتطبيق إصلاحات اقتصادية»، لافتا إلى مثالين بارزين هما السعودية وتونس.
وتابع دوسيك: «في المنتدى الاقتصادي هذا العام، قمنا بدعوة 30 رجل أعمال وكذلك مستثمرين في المنطقة لبحث سبل دعم القطاع الخاص لحزمة الإصلاحات الاقتصادية. والهدف من هذه المبادرة هو النظر في عدد من السياسات التي تمس القطاع الخاص بشكل خاص، كقانون الإفلاس والقوانين المنظمة لسوق العمل».
أما الشق السياسي، فيتعلق بتعزيز الجهود الدبلوماسية لحل النزاعات القائمة في المنطقة. وقال دوسيك: «سيشارك عدد كبير من القادة والمسؤولين العرب والدوليين في جلسات المنتدى هذا العام، لمناقشة الجهود الدبلوماسية المتعلقة بحل الأزمة السورية ومناقشة مستقبل العراق». وإلى جانب الجلسات الرسمية، لطالما كان منتدى «دافوس» العالمي منصة للمفاوضات غير الرسمية، والنقاشات الخاصة.
وعن أبرز التحديات الأخرى التي تواجه المنطقة، أوضح دوسيك أن المنتدى الاقتصادي العالمي سيبحث تأثير التكنولوجيا وظاهرة «الميكنة» واستبدال الإنسان بالآلة على اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفيما قد يمثل ذلك فرصة نمو اقتصادي مهمة، إلا أنها تشكل تحديا بارزا لقطاعات الصناعة، والصحة والصناعة المصرفية.
ولفت دوسيك إلى أن تجاهل هذا الجانب الأساسي من ما سماه «الثورة الصناعية الرابعة» قد يؤدي إلى تهميش هذه الاقتصادات، وكشف أن المنتدى يهدف إلى ربط مائة شركة مبتدئة ومستثمر في المنطقة بصناع القرار لبحث سبل الاستفادة من هذه التطورات التكنولوجية.
على صعيد متصل، شدد دوسيك على اهتمام اقتصادات المنطقة بتعزيز التعاون الإقليمي، لافتا إلى أن دولا مثل المغرب تؤكد على هويتها العربية والأفريقية وتقود سياسات اقتصادية لتعزيز حضورها في أفريقيا، إلى جانب مصر. فيما تهتم دول الخليج بالاستثمار عربيا، وفي الاقتصادات الصاعدة المطلّة على المحيط الهندي.