جريدة الجرائد

عثمان العمير الذي «تنبأ» وتركنا!

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

 

محمد الساعد

في 21 مايو 2001، أنشأ الصحفي اللامع، وعراب الصحافة السعودية المهاجرة «عثمان العمير»، صحيفة إيلاف الإلكترونية، كأول صحيفة إلكترونية عربية، لقد كانت حدثا إعلاميا فريدا، وانتقالا مدهشا في عالم الأخبار، من الورق الذي تنتظره صبيحة اليوم الثاني، إلى شاشة جهاز الكمبيوتر الذي تتابع من خلاله الخبر لحظة بلحظة.

المواقع الإخبارية الغربية، كانت قد بدأت بالظهور على استحياء قبل ذلك بسنوات قليلة، ففي العام 1992 أنشأت شيكاغو أونلاين، أول صحيفة إلكترونية على شبكة أمريكا، مستفيدة من ثورة الإنترنت، ومدشنة عصرا جديدا للوسائل الإخبارية، التقطه «العمير»، ونشره

عندما دشن عثمان العمير صحيفته «اللافتة» قال: انتظروا قليلا، فصحافتكم الورقية تعيش آخر أيامها، لم تكن نبوءة فقط، بل كانت حقيقة رآها حفيد زرقاء «اليمامة» لوحده، من ميدان الطرف الأغر في لندن، مخترقا الزمن، الذي سيأتي مصدقا له بعد عشر سنوات فقط.

أطلق شيخ الصحافة السعودية نبوءته ومضى، لكن الزملاء والتلاميذ، بل وحتى المنافسين، بقوا في حيرة من أمرهم، بين نارين، إذا صدقوه هل يستعجلون موت «عشيقتهم» الصحافة، وإذا كذبوه، لعلهم يؤجلون ذلك ما استطاعوا، الكثير لم يستمعوا لنصيحته، أو ربما لم يكونوا يريدون أن يستمعوا له.

قبل أيام استيقظ اللبنانيون، بدون صحيفة السفير، لقد أوصدت أبوابها، وسرحت العاملين، وأعادت الأخبار التي تأتي إليها، وهي التي استمرت لـ 42 عاما متتالية، صحيفة بارزة، اتفقت معها أم اختلفت، إنه الموت البطيء، لكل الصحافة العربية التقليدية، القادم على «شاشات» الشبكة العنكبوتية.

عثمان تركنا نتجادل كثيرا، ومضى في طريق آخر غير طريقنا، بقي على بعد خطوات منا، صديق للصحفيين والمثقفين، ودائما وأبدا قريب من أصحاب «القرار»، يراقب سقوط الصحف الورقية واحدة تلو الأخرى، لا يعلق لكنه يهز رأسه، متذكرا ما قاله ذات يوم، صحيح أن «إيلاف» لم تغير مقعدها من الدرجة الأولى حتى اليوم، لكن النبوءة طالتها، أو ربما هي في الطريق إليها، لعل العمير لم يتوقع أن تصيب لعنة نبوءته الصحف الإلكترونية ومنها صحيفته.

ما حذر منه العمير قبل عقد ونصف، على خلفية اكتساح الإنترنت لعالم الصحف، جاءته آفة أخرى أشد فتكا وأكثر ضراوة منه، أضحت معه كل وسائل الإعلام التقليدية والحديثة في طريقها للزوال، صحفا وتلفزيونات وإذاعات.

انظروا للصحافة الإلكترونية السعودية، التي لم تكمل عشر سنوات من عمرها حتى مات أغلبها، مسكينة تلك الصحافة لم تأخذ فرصتها، فعمرها القصير لم يخرج لنا لا صحافة مقنعة، ولا صحفيين بارزين، كما قدمت الصحافة الورقية، هو أمر لا يعني عدم وجود مواهب، بقدر أن الزمن كان قصيرا ومباغتا، ولم يسمح لها بالعمل المتراكم الضروري في مثل هذه المهن، إضافة للإمكانات الشحيحة والضعيفة التي عملت من خلالها.

أكاد أجزم أن الصحف الإلكترونية العربية – غير الممولة -، ستسبق الصحف الورقية بالخروج من شارع الصحافة، فهي لم تبن المصداقية، ولم تعمل كمؤسسات، ولا قدمت نفسها كبديل إخباري مقنع للإعلام التقليدي.

على بعد أشهر، أو بالكثير سنوات قليلة من اليوم، سنرى أن صحفا سعودية كبرى في طريقها للزوال، ربما تستطيع بعض الصحف الكبرى الانتقال من الصحافة الورقية إلى مواقعها الإخبارية، التي تستثمر فيها اليوم، لتصبح البديل الإعلامي والإعلاني، كما فعلت بعض الصحف الغربية، لكنه أمر مرهون بمستقبل التقنية المتسارع، وبمزاج الجماهير الذي لا يمكن التنبؤ بما يشد انتباهه.

أخيرا يحيرني، ماذا في جعبة عثمان العمير من نبوءات لم يطلقها بعد، وهل ستطال الإعلام، أم السياسة، أم المجتمعات، وهو الذي خبرها وعرف أسرارها وتقنيات عملها، فالعمير ليس اسما عابرا في عالم الصحافة والسياسة، ولا رؤيته للمستقبل يمكن أن تهمل ولا يلتفت إليها، فما يتنبأ به اليوم، قد نشهده واقعا بعد سنوات قليلة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
صاحب نظرة رؤيوية
محمد آل الشيخ -

عثمان العمير صاحب نظرة رؤيوية إلى الصحافة ومستقبلها.

شكوى للعمير
محمد موسوي -

سيدي العمير ان قراء ايلاف متنوعون فكريا وثقافيا فهنا في ايلاف يحجر المنقبون على اي تعليق يعري واقول يعري الفكر الديني ولكن يسمح بشكل عجيب حتى التطاول والسب على الدين برمزيته ..... اي يسمح بانتقاد رموز الدين ولكن لا يسمح بانتقاد الفكر الديني وهذا هو العجب العجاب.ارجو من حضرتكم ايها العمير التعميم بنشر تعليقات كل الاتجاهات والميول طالما انها تعني نقد الفكر كي لا يدوم فكر تنظيم الدولة وشقيقاته واشقاءه من اللطامين والذباحين واخوانهم زمنا طويلا !ارجو النشر

نبوءة جديدة
شكرا العمير -

اتمنى لو يتنبأ لنا الاعلامي الكبير بالخريطة الجديدة للسعودية عام ٢٠٢٠

كفر وهرطقة
جبار ياسين -

ماهذا الكفر والهرطقة ؟ النبوة لمحمد ص فقط . اما المتنبي الهرطوقي الكافر فهو شاعر ولن يخرج من الجزيرة نبي آخر يرتدي البنطلون ويلبس ربطة العنق ويتحدث الإنكليزية و يسافر بالطائرة وغير متزوج لحد اليوم .

...............
مسيلم -

النبوءة الثانية لم يكملها الأستاذ .. ما بديل الصحف الإلكترونية .. هل ثمة ردّة منتظرة للصحف الورقية .

عربيّات هي اول
إيلاف -

تصحيح اول صحيفة عربية إليكترونية هي صحيفة " عربيات "

مدح العصافير
جبار ياسين -

حرية الرأي مثل تمرات جافة في كيس مسافر في الصحراء . تمرة تمرة والمديح أسوأ أغراض الشعر العربي ، فيه فضيحتنا والمتنبي خير شاهد . فكافور سيد وعبد في شعرة هو أيضا لجأ للناسخ والمنسوخ ونحن صرنا الشاطر والمشطور والكامخ بيننا ، يا طويل العمر

مقال يستحق القراءة
مهى بركات -

كما عودنا الأستاذ عثمان رأيه هو السديد ونظرته هي الأكثر وضوحاً واستشرافاً للمستقبل.