هل ينقذ مؤتمر آستانة روسيا من المستنقع السوري؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
شمسان بن عبد الله المناعي
تعددت وجهات النظر حول تفسير تغير الموقف الروسي بعد معركة حلب في سوريا، بعد أن تم عقد اجتماع ثلاثي في تركيا ضم روسيا وتركيا وإيران، وفيه أعلنت روسيا ضرورة عقد هدنة بوقف الأعمال العسكرية في كافة الأراضي السورية والتوجه إلى عقد مؤتمر في آستانة، والذي يضم المعارضة السورية المسلحة وأطرافًا دولية أخرى، وهذا له كثير من الدلالات؛ أهمها أن روسيا تبحث لها عن خروج مشرف لها كدولة عظمى من سوريا، وخاصة أنها وجدت من يلتقي معها في هذا الاتجاه وهي تركيا.
كان واضحًا أن روسيا بعد معركة حلب أصبحت في سباق مع الزمن لحسم الموقف في سوريا، خاصة خلال الانتخابات الأميركية، وأنها تعد لإيجاد حل لحفظ ماء الوجه، لأنها تدرك أن انفلات الوضع في سوريا يشكل خطرًا كبيرًا على أمنها، ولذا تدخلت بقوة عسكريًا في سوريا بالتعاون مع إيران والنظام السوري والميليشيات التي جاءت من دول متعددة، وكان هدف روسيا هو استغلال الأوضاع الدولية، وخاصة انشغال الإدارة الأميركية بالانتخابات، وجاء في تصريح لنائب رئيس الحكومة السورية المؤقتة التابعة للمعارضة وجيه جمعة لوكالة «جي بي سي نيوز» أن «روسيا لم تستخدم القوة العسكرية من أجل النظام، بل من أجل مصالحها، وترغب حاليا أن تفرض تفوقًا سياسيًا في المنطقة، وفي نفس الوقت تعرف نفسها على أنها قوة عظمى».
ولذا ما إن انتهت معركة حلب التي حققت فيها الدول المتعاونة مع روسيا شبه نصر جزئي تمثل في السيطرة على الجزء الشرقي من مدينة حلب، أصبحت روسيا أكثر إصرارًا على إيجاد حل سياسي في سوريا، وتوجت كل هذه الأسباب التي تقف وراء هرولة روسيا للخروج من الموقف والقبول بالحل السياسي بسبب مهم، هو ما جاء في تقرير نشره معهد ستراتفور الأميركي جاء فيه أنه «حتى عندما كانت القوات الموالية لروسيا قد انتصرت في معركة حلب خلال ديسمبر (كانون الأول) 2016، لكنها بالمقابل خسرت مدينة تدمر لصالح (داعش)، لذا فإن مخططي الدفاع الروسي يدركون أن الحل العسكري سيكون من المرجح أن يتطلب سنوات من التدخل الإضافي، ولكن مزيدًا من سنوات التدخل في سوريا سيؤدي إلى تراجع التصور الحالي للفعالية العسكرية الروسية، ويمكن أن يورط موسكو في مستنقع الشرق الأوسط، ولا يختلف وضعها عن الولايات المتحدة في العراق، لذا تبحث روسيا اليوم عن مخرج».
من جانبها جاءت رغبة تركيا في عقد هذا المؤتمر بسبب أنها تهدف إلى إيجاد حل حتى لا تستغل الميليشيات المتشددة كـ«داعش» الموقف ويشكل ذلك خطرًا عليها، ولذا رغم تنوع الأهداف بين روسيا وتركيا، فإن هذا المؤتمر سوف يخدم الطرفين، ولهذا أجبرتا إيران على أن تذعن لهذا الموقف، خاصة أن إيران تكبدت الخسائر الهائلة في سوريا، وكذلك تكبدها الحزب الموالي لها (وهو حزب الله)، أما عن النظام السوري فله هدف أساسي، وهو الإبقاء على بشار الأسد على رأس النظام لمدة معينة من خلال حكومة انتقالية، فهل يحقق مؤتمر آستانة كل هذه الأهداف؟
لقد تلقت روسيا كثيرًا من الدروس منذ تدخلها العسكري في سوريا، حيث أصبح واضحًا أنها رغم أنها عملت على الإبقاء على بشار الأسد في السلطة فإنها تخوض حرب عصابات تذكرها بحربها في أفغانستان، التي بسببها تفككت الدولة العظمى، وهي «اتحاد الجمهوريات السوفياتية». لقد تأكد لها بعد معركة حلب أنها ليست في مواجهة معارضة كما يقال، وإنما هي في مواجهة ثورة بكل معنى الكلمة، وأنها وإن سيطرت على الأراضي السورية يبقى السؤال الذي يقلقها، وهو من يضمن لها بقاء هذا النظام السوري بعد رحيلها، وأهم من كل ذلك أن روسيا وجدت نفسها في مواجهة موقف دولي، وخاصة الاتحاد الأوروبي ودولا أخرى.
من كل ما سبق نقول إن قبول روسيا بالحل السياسي والجلوس هي والنظام السوري وإيران مع المعارضة المسلحة على طاولة واحدة هو في حد ذاته يعتبر انتصارًا للمعارضة التي أثبتت أنها رقم صعب لا يمكن تجاوزه، ولذا فإن روسيا تريد بكل الطرق الخروج بحل سياسي من مؤتمر آستانة، لأنها وجدت أنه لا بديل لذلك.