آمال المعلمي ومن يعدل طاولة الفقه الإسلامي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عزة السبيعي
في الحقيقة أودّ شكر القناة التي استضافت الدكتورة آمال، كما أشكر تويتر وآلاف المغردين الذين رتوتوا هذا اللقاء حتى وجدته في كل مكان حتى ظننته فتحا إسلاميا لباريس نفسها.
على كل حال السعوديون -كما يبدون- مؤمنون جدا ويحبون الله كثيرا، ويحبون من يقول إنه سيطيعه بلا شروط، ومع الدكتورة آمال كان ذلك واضحا، فالمذيع رغم أنه مسلم تونسي، هو توفيق مجيد، وهو غني عن التعريف وسبق له طرد أحد ضيوفه عندما شتم السعوديين، لكنه في لقاء آمال تجاوز المحظور وسألها عن رأيها في ما يرونه السعوديون خطوطا حمراء جعله يبدو كأنه يترصد لسيدة سعودية تشغل منصب مساعد رئيس مركز الحوار الوطني.
في الحقيقة ما هو فوق ما حدث، لكن الحقيقة شيء آخر على الأقل بالنسبة لي، فلقد وجدت ردها صادما جدا أولا لأنه بدا كأنه إغلاق وقتل لكل أمل في الحوار حول هاتين المسألتين، وكما تعلمون موضوع الإرث والتعدد مواضيع الساعة في العالم الإسلامي، وهناك حراك فقهي كبير حوله، وكلنا على أمل أن نستفيد منه كنساء مسلمات في صياغة فقه جديد متطور يحمي كرامة المسلمة وحقوقها التي يتطلبها الزمن والعصر الحديث.
لذا اسمحوا لي بنقاش حديثها ذاك مبتدئة بربطها هذين الحكمين بمسألة التسليم في قوله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)، في الواقع هذا النص يتحدث عن واقعة طلاق زينب بنت جحش من زيد -رضوان الله عليهما- وزواج النبي، صلى الله عليه وسلم منها، وصحيح أن الناس جرت عادتهم على الاستشهاد بالنص لإظهار التسليم، لكن ألا ترون أنه حكم ظاهر وواضح جدا أقصد به أمر زواج زينب من النبي، صلى الله عليه وسلم، لا يمكن أن يحظى بخلاف فقهي وحوارات بين العلماء، لذا قال «قضى» أي أنه حكم منتهٍ، وهذا لا يمكن أن نعممه على قضايا كثر فيها الخلاف مثل الأحكام الفقهية، فما حكم الله؟ هل هو ما قاله ابن حَنْبَل أم ما حكم به الشافعي؟ بل هل هو فقه الشافعي في الشام أم فقهه في مصر؟
في الأحكام الفقهية لا نستطيع معرفة حكم الله، لذا من الآداب التي يجب أن يتحلى بها المفتي أن ينسب الفتوى لنفسه ولا ينسبها لله.
ودعوني أذكر بأمر تعرفونه ولا شك، وهو إيقاف عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الحدود في عام الرمادة، فهل لم يكن عمر راضيا بأحكام الله هنا أو عطلها مثلا، أم أن الفقه الإسلامي مرن ونستطيع أن نطوره ونحدث فرقا يصلح لزماننا وعصرنا.
فَلَو نظرنا لحكم مثل حكم للذكر مثل حظ الأنثيين ستجدون أن القرآن جاء به لقوم لا ترث المرأة، بل تورث ولا تصنع المال ولا تحميه، بل ينفق عليها، فلم يرغب في صدمهم بالمساواة، لذا أخذ أخوها ضعفها، ثم وجب عليه نفقتها، بينما في زماننا البنوك تحمي المال ولا أحد ينفق على أخته، وقد تجد أخا لديه أربع خادمات في منزله، كل واحدة راتبها يفوق الألفين، بينما أخته تجاهد لتحصل على 900 ريال من الضمان الاجتماعي.
ألا تجدون أنها فرصة جيدة لنا أن ندعو الفقهاء، رجالا ونساء، لمناقشة هذا وتطوير أحكام الإرث لتراعي المتغيرات العظيمة هذه، ولا نعلن التسليم هكذا بادعاء أنه قضاء إلهي منتهٍ.
أما قضية التعدد فليتكم تبحثون في ما ورد في صحيح البخاري عن قصة محاولة علي -رضي الله عنه- للتعدد ومن وقف ضده، ولعل ذلك يدفعنا كنساء لندعو الفقهاء أيضا لمراجعة الموقف النبوي الكريم الرافض أن تذوق بناته طعم الضرائر.
فلعلنا نخلص إلى قائمة أحكام فقهية تحمي المرأة، وربما جعلوا في يد الأنثى حق الرفض، بل حق العلم بزواج زوجها عليها، وأمور أخرى ربما ترى النساء صالحهن فيها ويتسع الفقه العظيم لتحملها.
في الأخير هناك رأي لابن تيمية في الطلاق، وكما تعرفون الطلاق ورد فيه نص (الطلاق مرتان)، لذا يرى الفقهاء الطلاق بتكرار اللفظ ثلاث مرات كما يفهم من النص القرآني، لكن هذا الفهم اعتبره ابن تيمية فهما سطحيا للنص، فجعل -رحمه الله- الطلاق نوعين بدعي وسني، البدعي هو الفهم السطحي لنص الآية، وهو تكرار لفظ طالق، بينما السني أن يطلقها ثلاثا في طهر لم يمسها فيه.
أجده -أي ابن تيمية- فاتحة خير للمرأة المسلمة تجعلها تتطلع للمزيد من الحقوق، لسبب أنه لم يكتف بالتسليم الذي لا يريده الله لنا، بل يريد منا فقها متجددا متطورا يناسب عرفنا وزماننا.
التعليقات
العدل مساواة أو لا يكون
مراقب -أظن أننا تركنا الأموات يتحكمون في حياتنا أطول مما ينبغي. ابن تيمية، أو من عاصره، لا يستطيع أن يحكم على ظروف معيشتنا ولا يستطيع بالتالي أن يُفتي فيها. وحتى لو بُعث حيّا بيننا وأفتى فهو بشرٌ مثل بقية البشر يخطئ ويصيب.لجميع الأديان نصوص لصيقة بزمن نزولها ومقاصد تلبي طبيعتنا البشرية ونزعتنا الفطرية إلى الرقي بإنسانيتنا. والمنطق يرجّح المقاصد وسموّها على النص وظرفيته.لقد توافقت الإنسانية على أن المساواة الكاملة بين جميع البشر في الحقوق، بما في ذلك بين المرأة والرجل، مسألة أخلاقية ولم يعد في الإمكان العودة إلى الوراء. أما التشبث بحقوق ذكورية مغلفة بغلاف ديني، فسيجرفه التاريخ مثلما جرف ممارسات الرق وملك اليمين أو الاعتقاد بأن الأرض مسطحة.