جريدة الجرائد

الإرهاب ومنطق لاس فيغاس

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

 محمد الحمادي

 مؤسفة وصادمة تلك المشاهد التي بثتها وسائل الإعلام الأميركية على مدى ثمانٍ وأربعين ساعة لمجزرة لاس فيغاس الإرهابية التي راح ضحيتها 59 شخصاً بريئاً، كل ذنبهم أنهم تواجدوا لحضور حفل موسيقي، في الوقت الذي خطط فيه العجوز الأميركي ستيفان بادوك 64 عاماً تنفيذ جريمته البشعة من نافذة غرفته في الطابق الـ32 في فندق «مانلاي باي» المطل على الساحة المفتوحة للاحتفال، والتي كانت تضم 22 ألف شخص تقريباً.

بدم بارد، ولمدة عشر دقائق تقريباً، استمر السفّاح الشرير بإطلاق النار من أسلحته الرشاشة، وكلما نفدت الذخيرة من إحداها أتى بالأخرى ليكمل جريمته البشعة، والتي أودت بحياة أولئك الأشخاص، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 500 آخرين.

العالم كله تابع هذه الجريمة وتأسف لتلك الأعداد الكبيرة من الضحايا الأبرياء، ولم يتضح بعد السبب وراء هذه الجريمة التي تعتبر الأكبر من نوعها في تاريخ أميركا الحديث، لكن من الواضح أن القاتل قد نفذها مع سبق الإصرار والترصد.

الإعـــــلام والإدارة الأميركيتــان رفضــــــا وصــــــف الجريمــة بـ «الإرهابية»، فحتى يوم أمس، ونحن نتابع تطورات الحدث، كانت التحليلات تتمحور حول وضع القاتل المالي وحالته النفسية وظروفه الاجتماعية، وهذا المنطق الذي ظهر في لاس فيغاس أثار انتباه الكثيرين في المنطقة، فالجرائم الإرهابية التي يرتكبها مجرمون من منطقتنا من الممكن أن تخضع لمثل هذا المنطق أيضاً، بحيث يتحمل الإرهابي بمفرده مسؤولية جريمته، من دون تحميل أهله وأقاربه أو من يحملون أسماء مشابهة لاسمه أو من يدينون بدينه أو هم من عرقه ليتحملوا المسؤولية مع ذلك الإرهابي.

يجب ألا يخجل الإعلام الأميركي بعد اليوم من تسمية الأمور بمسمياتها، فهذا القاتل تنطبق عليه مواصفات وصفات الإرهابي، والتردد في وصفه بذلك لا يساعد العالم في القضاء على الإرهابيين، فالإرهاب لا دين له ولا جنسية ولا عرق ولا لون، وخصوصاً أن الشرطة كشفت عن العثور على أسلحة نارية وذخائر ومتفجرات وأكثر من عشر بنادق في مقر إقامة القاتل.

ومن المهم أن يكون لدى الإدارة الأميركية والإعلام الأميركي معيار واحد للحكم على الإرهاب، فمن يقتل الأبرياء هو إرهابي بغض النظر عن دوافعه سواء كانت دينية أو عرقية أو نفسية أو مادية، وهذا ربما من الأمور التي أثارت انتباه الشارع في منطقة الشرق الأوسط، فالجميع في بداية الأمر تمنوا ألا يكون الفاعل من هذه المنطقة، فقد ملوا هذه التهمة التي أصبحوا يدفعون ثمنها من دون ذنب، وبعد أن تم التأكيد أنه ليس من المنطقة تنفس الجميع الصعداء على الرغم من حزنهم الشديد على ضحايا الجريمة، ولكنهم تساءلوا لماذا لم يوصف بالإرهابي؟!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف