«اللائحة السوداء» تعصف بعلاقة غوتيريس مع التحالف العربي باليمن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حاتم البطيوي
من يتمعن في مسار الأمم المتحدة منذ تأسيسها عام 1945، بهدف دعم السلم والأمن في مختلف أنحاء المعمور الخارج آنذاك من حرب عالمية طاحنة، يستطيع بسهولة التيقن من أنها أخفقت في إحداث أي اختراقات إيجابية حيال القضايا العربية والإسلامية وغيرها من النزاعات الدولية، ولعبت دوما دور المتفرج بشكل كبير في الإخلال بالأسس والمعايير التي أنشئت من أجلها. وعندما تقلد الأمين العام الحالي البرتغالي أنطونيو غوتيريس منصبه قبل سنة، ساد أمل كبير في أن يكون عهده أكثر تميزا وفاعلية من سابقيه، بيد أن الواقع بين أن تقاعس واضمحلال المنظمة الدولية والأمم المتحدة زادت وتيرتهما أكثر من أي وقت مضى، إذ أصبحت المنظمة الدولية رهينة التقارير المغلوطة، ولعل أكبر دليل على ذلك إدراجها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن في القائمة السوداء، محملة إياه مقتل وإصابة 683 طفلا في اليمن، وهو ما جعل التحالف، الذي تقوده السعودية، يرفض المعلومات والأرقام التي وردت في تقرير للأمم المتحدة، ويصفها بأنها «غير دقيقة ومضللة».
ويبرز هذا الإدراج حالة تخبط واضح في سياسات الأمم المتحدة، حيث لم يرتكز القرار، حسب محللين، على أسس قانونية مهنية ومعايير دولية، الأمر الذي لن يساهم فقط في انهيار أخلاقيات المنظمة الأممية، بل في خلق الانشقاقات داخلها بسبب قراراتها التي لا تتماشى مع أبسط قواعد الشرعية والمبادئ الدولية.
أداء مهزوز
ولا يخفي دبلوماسيون خليجيون وغيرهم في نيويورك أن أداء وفاعلية الأمم المتحدة منذ أن تقلد غوتيريس مهامه خلفا لبان كي مون، بدا ضعيفا ومهزوزا، ولم يستطع إعادة الهيبة للمنظمة الأممية التي تمرغت في أوحال كثير من بقع التوتر والنزاع في العالم، حيث أعاد غوتيريس المنظمة الدولية إلى مرحلة التخبط والانهزامية بسبب الإخفاقات في عدد من القضايا، وعلى رأسها الأزمة اليمنية التي استمدت قوتها من القرار الأممي رقم 2216 الذي اعتمد المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار، كمرجعيات لحل الأزمة.
ويسود اعتقاد واسع في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، أن تبني كثير من المنظمات الدولية التابعة لتقارير عبر مصادر معلومات غير موثوقة وغير مستقلة، شكل نقطة ضعف شديد للمنظمة الدولية، وجعلها تتخذ قرارات خطيرة جدا، مثل إدراج التحالف العربي على القائمة السوداء.
ومعروف أن الشكوك بدأت تساور اليمنيين ومعهم دول التحالف العربي إزاء الأمم المتحدة، منذ أن كان الملف اليمني في يد المبعوث الأممي جمال بنعمر.
ومثلما وضعت دول التحالف العربي أداء بنعمر آنذاك بـ«المرتبك»، فإنها لم تخف خيبة أملها في ولد الشيخ، نظرا لكونه لم يحرك ساكنا في هذا الملف الشائك، بل ذهب بعيدا في تعامله من وراء الكواليس مع ميليشيات الحوثي وكتائب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وتقول الرياض إنها عندما تحركت باتجاه دعم الشرعية في اليمن عبر عاصفة الحزم وإعادة الأمل، فإنها قامت بذلك بناء على طلب رسمي من الشرعية اليمنية، والذي تحصل على دعم أممي وفق قرار 2216، ومن ثم فإنها إضافة إلى مساعدتها الحكومة في استعادة الشرعية، قدمت لها ملايين الدولارات من 2015 حتى غشت من العام الجاري.
ولا تخفي الرياض حنقها من أنه رغم وجود كل الأدلة الفاضحة لاستخدام الحوثيين المدنيين كدروع بشرية والزج بالأطفال في المعارك العسكرية، لم تحمل مليشيا الحوثي كل المسؤولية حيال تجاوزاتها. وترى أن الأمم المتحدة ساهمت في تعقيد الأوضاع في اليمن منذ تحركات الحوثي المبكرة عبر مبعوثها بنعمر، وهي الآن تدق الإسفين الأخير في نعش الأمم المتحدة بإدراجها التحالف في القائمة السوداء.
ملاحظات دول التحالف
ولا تتوقف ملاحظات دول التحالف العربي والحكومة اليمنية الشرعية على أداء الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها عند هذا الحد، بل تتناسل لتصل إلى عشرين ملاحظة، وفق ما ذكره مصدر رفيع في التحالف العربي.
1 - الملاحظة الأولى تكمن في تجاهل هذه الأخيرة للحكومة الشرعية في اليمن، وعدم الاهتمام بالمناطق الشرعية، وخلو أجندتها من أي زيارات لعدن. وفي المقابل، تتعامل بشكل فعال ومتواصل مع الحوثيين، وتتعاون مع مؤسساتهم في إيصال المساعدات مثل وزارة التعليم اليمنية، وهي جهة منحازة لكونها تابعة لمليشيات الحوثي والرئيس المخلوع صالح، وسبق لها أن فقدت الكثير من المساعدات ولم تصرح بذلك، وتحولت إلى مجهود حربي وورقة ولاء يستخدمها الحوثيون عبر حرمان المناطق الموالية للشرعية من المساعدات بإيقافها في نقاط التفتيش وتحويلها إلى مناطقهم. وهذا أثر على تقدم العملية العسكرية وحرمان وصول المساعدات لإجبار أهالي تلك المناطق على موالاة الحوثيين ومن معهم باتباع أسلوب العقاب بمنع وصول تلك المساعدات.
2 - عدم التطرق بشكل مفصل في تقارير هذه المنظمات إلى إشكاليات ومخاطر الألغام وتجنيد الأطفال ونقاط التفتيش التي تعيق مرور المساعدات، وسرقتها والاحتماء بالمدنيين العزل وتفجير بيوت المعارضين واعتقال الصحفيين، ناهيك من الانتهاكات التي تجري في سجون صنعاء خصوصا السجن المركزي، والتواجد الكثيف للمسلحين في المستشفيات والمدارس بالشكل الذي يبرز حجم الإشكالية والتغاضي عنها لأسباب يصعب تفسيرها.
-3 المعايير المتبعة في إيصال المساعدات من الصليب الأحمر وأطباء بلا حدود، هي أكثر شفافية ومهنية من تلك التي تتبعها هيئات الأمم المتحدة، كما أن هناك رقابة من قبلهم على الشحنات لضمان وصولها للمحتاجين وعدم تسييسها.
-4 التعاقد مع شركات نقل تابعة لتجار موالين للحوثيين في صنعاء وإرسال المساعدات الإنسانية دون وجود مراقبين أمميين، وعدم تأكيد إيصالها والسكوت عن هذه الانتهاكات خوفا من الحوثيين، وخوفا من الطرد من صنعاء، حسب إفادة احد المتعاونين من التحالف.
-5 عدم القيام بجولات تفقدية للمناطق المحاصرة والخاضعة للشرعية، والاكتفاء بالقيام بزيارات دورية لصعدة والمناطق التي يختارها الحوثيون ومن معهم.
تجدر الإشارة إلى أنه تمت فقط زيارة تعز قبل سنة، ودامت بضع ساعات وتميزت بزخم إعلامي لا يتناسب مع مستوى الزيارة.
-6 عدم التصريح بجهود التحالف مثل التعاون مع آليات الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن UNVIM، وتشويه الحقائق وعدم إيضاحها للجهات الإعلامية والدبلوماسية من قبيل أن التحالف لا يقوم بتفتيش السفن الإغاثية.
-7 إن التحالف يتعاون مع UNVIM لتسهيل مرور البضائع التجارية. وهنا من الضروري الإشارة إلى وجود سوق سوداء للنفط يتسبب في مفاقمة الأزمة الإنسانية.
-8 السكوت عن التجاوزات التي تجري في ميناء الحديدة ومساومات التجار الموالين للحوثيين على البضائع قبل وصولها إلى الميناء، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وخلق سوق سوداء في المشتقات النفطية، مما يزيد في تفاقم الأزمة الإنسانية في ظل غياب أممي عن تلك المسالة، والادعاء أن الميناء هو شريان اقتصاد اليمن دون التركيز على ممارسات تجار الحوثيين على سطح الميناء التي تمول مجهودهم العسكري.
9 - التعامل مع شركات التأجير والاعتماد كليا عليها في عمليات التوزيع وتركها عرضة للابتزاز والسرقة وإعادة التوجيه.
10 - إبراز مشاهد ومعاناة الأسر الموجودة في المناطق الخاضعة للحوثيين وتبريرها بأنها بسبب التحالف، دون إبراز الأسباب الحقيقة الناتجة عن ممارسات الحوثيين. وهنا تبرز إشكالية انتقائية مؤسسات المجتمع المدني المتعاونة مع هيئات الأمم المتحدة التي تقوم بجل عمل الأمم المتحدة ومقرها صنعاء وعدم التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في عدن.
11 - رفض سلك طريق عدن- تعز الأمن، والإصرار على سلك طريق صنعاء -تعز والحديدة - تعز الذي يسيطر عليها الحوثيون رغم تحذيرات اللجنة العليا للإغاثة المتكررة.
-12 عدم وجود مخازن في مناطق الجنوب، وعدم التكافؤ في مسألة توزيع المساعدات بين المناطق.
-13 عدم الشفافية في ما يتعلق باحتجاز الشاحنات وخطة التوزيع بين المناطق بشكل عادل.
-14 خطورة عدم مرافقة مسؤولين من المنظمات القوافل الإغاثية والاعتماد كليا على شركات النقل التي قد تستغل شعارات الأمم المتحدة لنقل الأسلحة بين المناطق.
-15 لا يتم إبلاغ التحالف عن حالات الاحتجاز والتوقف التي تتعرض لها قوافل المفوضية الأممية. وهذا مخالف لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، حيث إنها قد تستخدم كمجهود حربي للحوثيين وورقة ضغط سياسية لكسب ولاءات المحتاجين في اليمن وحرمان المعارضين لهم منها. مما يتم إعادة توجيه القوافل وتوزيعها أو بيعها أو التصرف بها دون إفادة المانحين عن مصيرها، مثل مركز الملك سلمان للإغاثة، والسبب في ذلك هو أنه لا يوجد مراقبين محايدين من الأمم المتحدة لتلك الشاحنات، وأوكل الأمر من دون أي رقابة لشركات النقل في صنعاء التابعة للموالين الحوثيين.
-16 لا توجد شفافية في آلية التعاقد مع تلك الشركات من قبل وكالات الأمم المتحدة.
-17 إدخال أشخاص لا توجد لهم صفة دبلوماسية أو إغاثية عبر طائرات الأمم المتحدة، وهو انتهاك صارخ للامتياز الذي منحه التحالف الخاص بعدم التفتيش وتسهيل مرور الطائرات الإغاثية، كما أن قرار مجلس الأمن رقم 2216 ينص على تسهيل مرور الموظفين الأمميين فقط. أما الشخصيات الأخرى فيمكن لها الدخول بالطرق النظامية وعلى متن الرحلات التجارية (مطار عدن - سيؤون).
إصدار بيانات ضد التحالف دون الرجوع للتحالف والحكومة الشرعية أو مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «اوتشا» بالرياض للتحقق من المعلومات الواردة في البيانات. في حين أن ماكس غايلرد، كبير مستشاري المكتب، كان ينسق مع التحالف قبل إصدار أي بيان.
-18 عدم إبراز المعانات الإنسانية التي تعاني منها المناطق الخاضعة للشرعية، وتوجيه التركيز الدولي على المناطق الخاضعة للحوثيين، وهو ما يبرر ممارساتهم وعدوانهم ووضعهم في صورة أصحاب الحق.
-19 الانخراط في العمل السياسي عبر التواصل مع جهات دولية للضغط على الشرعية، وهذا مخالف للعمل الإنساني، والتجول مع مبعوثي هذه الجهات في مناطق الحوثيين، وإيهامهم بأنهم من يعانون بسبب التحالف من دون إبراز انتهاكات الحوثيين التي تسببت في الكوارث الإنسانية وعدم الحيادية في نقل معاناة المناطق الشرعية. وهو ما يعطي انطباعاً أن الممثل المقيم للأمم المتحدة في اليمن جيمي ماكغولدريك غير محايد في نقل المعلومة.
-20 عدم وجود تمثيل أممي في عدن والضغط لافتتاح مكتب فيها مع ملاحظة وجود الصليب الأحمر وأطباء بلا حدود، هذا مع العلم أن المبعوث الأممي ولد الشيخ سبق له القيام بزيارة عدن أكثر من مرة.
وتبعا للمعطيات السابقة، تظل هناك مسالة أساسية لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، وتتعلق بإشكالية تقييم الوضع الإنساني في اليمن.
غياب التواصل والتنسيق
فالحكومة الشرعية في عدن ترى أن ممثل الأمم المتحدة المقيم لا يتواصل ولا ينسق معها بأي شكل من الأشكال.ومن هنا توجد لدى الحكومة الشرعية ومعها التحالف العربي قناعة راسخة مفادها أن ماكغولدريك يتلقى معلوماته، بحكم وجوده في صنعاء، فقط من مؤسسات المجتمع المدني فيها، وهو ما يؤثر على عملية تقييمه نظرا لاقتصار استماعه على تلك المؤسسات، وعدم تعاونه مع مؤسسات المجتمع المدني في مناطق الحكومة الشرعية. وكنتيجة طبيعية لذلك ستكون المصادر والاستنتاجات والمعلومات غير محايدة.
ويبقى السؤال الذي يطرحه التحالف العربي ومعه الحكومة اليمنية الشرعية هو: كيف لماكغولدريك أن يقيم الوضع الإنساني وهو عاجز عن التحرك هو وفريقه الأممي إلا وفق تصريحات مرورية صادرة عن الحوثيين. في حين لو أرادت قوى الحوثيين إبراز أي تحرك ضد التحالف يتم تأمين مرور الموظفين الأمميين إلى المنطقة المستهدفة، وإذا كانت هناك انتهاكات من الحوثيين لا يسمح لهم بالوصول لتوثيقها.
في سياق ذلك، يرى التحالف العربي والحكومة الشرعية أن السكوت عن الوضع الإنساني المأساوي في تعز، مثل ما حدث في مضايا بسوريا، نقطة سوداء في مهام الأمم المتحدة باليمن. فهي تغاضت عن ذكر الأسباب الحقيقة لعدم وصول المساعدات إلى تعز، وتتمثل في انتشار نقاط التفتيش التابعة لمليشيات الحوثيين خارج ضواحي تعز. هذا دون نسيان أن قوات التحالف سبق لها أن صرحت لشاحنات عديدة بالتوجه إلى تعز بيد أنها لم تدخل للمناطق المحاصرة، ووزعت المساعدات التي تحملها على الأرياف المحاذية لتعز، وهي مناطق موالية للحوثيين. ومن هنا يرى التحالف أن السكوت غير مبرر، وبالتالي من الضروري طلب لجنة للتحقق في أسباب عدم الدخول لمدينة تعز المحاصرة.
وخلاصة القول إن الأمم المتحدة دخلت في أزمة مع التحالف العربي، لا محالة أن أمدها سيطول ما دام غوتيريس موجودا على رأسها لأربع سنوات أخرى.
أخبار اليوم المغربية
التعليقات
القرار والتقرير صح100%!!.
عربي من القرن21 -الفرق شاسع بين دول عظمى في الشرق الأوسط ضمن التحالف وبين قبائل في الصعدة , وأن مسؤولية التحالف ليست فقط متساوية وأنما أعظم وبنسبة لاتقل عن 75% !!؟..