جريدة الجرائد

دهاء التاريخ ومكر الجغرافيا..!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

زينب إبراهيم

ربما دفع القلق بعض أسلافنا إلى التفكير في مراحل ما قبل اللغة وما قبل الاختيار والتدبر، غير أن ذلك لا يجعل منه النظام الصحيح لمخلوقات مثلنا تملك القدرة على التفكير. «جاري ماركوس»

الواقع أننا لم نتعود على التفكير وتمحيص كل ما نسمعه أو نقرأه وغربلته والبحث عن مصدره، والتحقق منه، كذلك تعودنا أنه لا يجب أن نتعرض وننتقد أي فكرة تصدر من أعلاَم سواء في الماضي أو الحاضر مع أنهم بشر قابلون للخطأ والصواب، وأتفق مع تولستوي عندما قال: «الحقيقة مثل الذهب لا نحصل عليها من نموها لكن بغسلها وفصلها عن كل ما يشوبها من الأشياء التي ليست من الذهب».

إن التعود على التفكير الناقد والذي تفتقر إليه مؤسساتنا التعليمية بشقيها التعليم العام والعالي يجعلنا أقرب الى صفاء الذهن والحقيقة, وأقصى ما يمكن أن يكون هو الوضوح وعدم الانجراف وراء أي معلومة مضللة. نحتاج تسليط ضوء ساطع على مكمن الخلل الذي لا نلاحظه, نحتاج أن ننقح كل ما يمر بنا, ولكن هذه تحتاج إلى تقنيات علمية وتدريب عقلي كفيل بتبديد ضباب الأسئلة التي لطالما علِقت بعقولنا, والبعض منا يتساءل كيف لي أن أستثمر عقلي وقدراتي في استيضاح الحقائق وعدم التماهي مع القطيع؟ كيف لي أن أحسن من مهاراتي النقدية بطريقة سليمة دون تزييف أو تشويه؟ الأمر لا يحتاج لزخرفة وفلسفة ورصف كلمات، الأمر يحتاج إلى عمل إداري مؤسسي تشترك فيه جميع المؤسسات ويشرك به المجتمع للتعويد على التفكير النقدي وإدخاله في حياتنا وتعليم النشء. ولا ينبغي أن يعترينا الإحباط بفعل رفض بعض الناس لهذا التكنيك العقلي فبعضهم ينمو ببطء في إدراكه للأشياء, يقول سقراط (470 -ق.م 399): «إن أول خطوة نحو اكتساب الحكمة هي أن تدرك مدى قلة معرفتك ومحدوديتها فكان شعاره «اعرف نفسك». الواقع أننا نريد من الحياة ما هو أكثر من مجرد الراحة والرفاهية، نحن نريد أن نعيش بطريقة تتماشى مع التغيرات السريعة حولنا، وتغيير التفكير هو صناعة خريطة للعقل وللروح لتوسيع الأفق واستيضاح الحياة. وفي الحياة هموم أكثر قيمة فهي تجعلنا نختبر قيم التضحية, والجمال, والخير, والتسامح, وفي كثير من الأحيان تقف الراحة عقبة في طريق الحدس الداخلي «لانس أرمسترونج». إن التفكير الناقد المبني على أسس يكسبنا مزيدا من الثقة بما حولنا, نحن نسعى للتفوق والتميز من خلال تكوين عادات جيدة واختبار حدودنا وأخلاقياتنا, كذلك نحن نعرف أن التحولات الأخلاقية تحدث بسرعة أحياناً وغالبا ما تحدث بعد شيء صادم أو مؤلم. نعيد تقييم حياتنا ونعتزم على التغيير, ولو نظرنا إلى العادات العظيمة في العمل نجدها الانضباط الذاتي والمرونة والتفكير بحيادية, وهذا يتطلب عملية تكوين أخلاقية فكرية, ونحن نعيش الآن في المنطقة الرمادية التي لا تعرف الهزيمة أو الانتصار, والسؤال هنا: من سيختار الطريق الأقل ريادة طريق المغامرة الذي يصنع الفارق بيننا ويجعلنا مختلفين؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف