السعودية والعراق.. وما بينهما أكبر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أحمد الجميعـة
العراق الجديد لن يخرج من أزماته مع الحروب والإرهاب طوال العقود الأربعة الماضية من دون اقتصاد يحرّك مقدراته، ويعزز حضوره، ويتجاوز معاناته، ومهما حاولت إيران أن تختطفه في مشروع طائفي، وآخر حشدي، وثالث بالتدخل في شؤونه؛ فلا يمكن أن تحقق أهدافها بلا دورة كلية للاقتصاد، وبناء تحالفات تجارية واستثمارية، وتعاون وثيق مع جيرانها وإقليمها على أساس من المصالح المشتركة.
إيران حضرت إلى العراق بعد الغزو الأميركي 2003 بأجندات واضحة، ومشروعات استراتيجية، واستمرت لأكثر من عقد تمارس نفوذها، وتدخلاتها، ولم تنجح إلى اليوم في بناء إنسان العراق، أو تنمية مكانه، بل على العكس ساهمت في الفوضى والانقسام، وكسب مشروعاتها على الأرض بدعم الإرهاب ومنظماته، وزرع الفتنة بين مكوناته، وعزله عن محيطه، وعروبته، والاستفراد بخيراته.
المملكة على العكس تماماً؛ فالخطاب السياسي كان واضحاً في الحفاظ على وحدة العراق، واستقلالية قراره، وعروبته المتجذرة في التاريخ، وشريكاً معه في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي، واليوم حليفاً اقتصادياً تحت منظومة مجلس التنسيق السعودي العراقي الذي يعيده إلى الواجهة، والاستقرار، والتنمية.
إيران دخلت العراق بالسلاح، والمملكة تدخله من أوسع الأبواب بالاقتصاد، ومن يكسب حتماً يقرره المواطن العراقي الذي يريد أن يعيش، ويزدهر، وليس البقاء في دائرة العنف والطائفية التي لن تغيّر من واقعه شيئاً، بل دفع الثمن باهظاً.
المملكة لن تتخلى عن العراق الجار الشقيق، ولن تكون استراتيجيتها قاصرة على أنه صراع مع إيران، ولكن النظرة أبعد وأشمل؛ فالعراق المتاخم لحدودنا علاقتنا التجارية معه محدودة جداً، واستثماراتنا فيه لا تذكر، رغم أنه يمثل لنا سوقاً مهمة للمنتجات والصادرات، والإعمار، وفرصة اقتصادية للنمو، والتبادل التجاري، وكل ذلك سيتحقق مع مجلس التنسيق بين البلدين، وأكثر في تنمية العلاقة الأخوية بين الشعبين، ورسم صورة إيجابية بينهما، وإعادة الروابط التي حفظها التاريخ في رحلات التجارة والسياحة والنسب.
الملك سلمان يتحرك بإيجابية وسياسة منفتحة مع العراق، ويراهن على وحدته أساساً لتنميته، واستقراره، والعيش المشترك بين مكوناته، وعلاقات الأخوة مع جيرانه، وهي تفاصيل مهمة في بناء الشراكة السعودية العراقية الجديدة في جوانب اقتصادية، وأمنية، وعسكرية، وثقافية أيضاً، وهي محددات ينطلق معها قطار التعاون والمصالح من دون أن يوقفه أحد بما فيها إيران؛ لأن المواطن العراقي سوف يتدخل ويقول كلمته التي انتظرناها كثيراً: "السعودية بلدي الثاني"