صراع نيابي ــ حكومي!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
خالد أحمد الطراح
نشرت القبس في 2017/10/4 على صدر الصفحة الأولى خبراً مصحوباً بتحليل تحت عنوان «صراع نيابي ــــ سياسي على المناصب الحكومية الشاغرة»، وهو عنوان يلخص ملفاً نيابياً ـــــ حكومياً تاريخياً، لم يطوِه الزمن على امتداد عقود من العمل السياسي لأسباب معروفة، مصدرها أساساً الحكومة!
لماذا الحكومة؟! الإجابة ومن دون أي تجنٍّ أو محاباة لمصلحة السلطتين التنفيذية والتشريعية: فالصراع هو أساساً مصطلح قائم على سياسة المقايضة والمحاصصة والاستثناءات الحكومية، ولنا في ذلك أمثلة منها على سبيل المثال ما أثير من نقد إعلامي وسياسي حول ما سمي في حينها «المشاورات» التي سبقت أول تشكيل وزاري بعد تولي رئيس الحكومة السابق، وهي تفاصيل معروفة وحصدت نقداً واستغراباً وتساؤلات مشروعة، ففي دولة مثل الكويت ليس هناك سرٌّ، خصوصاً حين يتقلد أي شخص منصباً قيادياً فالعيون تنصب نحوه، فما هي الحال بالنسبة الى منصب رئيس الوزراء؟!
للأسف، ما سُمي «المشاورات» خرج عن مسار المشورة ودخل في المحظور الاجتماعي والسياسي، خصوصاً حين طغت على بعض الاتصالات أبعاد ذات طابع فئوي وطائفي وقبلي، بعضها معروف ومكشوف وبعضها الآخر شبه غامض ومثير للانتباه، وهي من المصادر التي أدت الى صدام سياسي آنذاك.
طبعاً تلك المرحلة لم تكن البداية للتنازلات الحكومية، وإنما سبق ذلك ــــ إن أمكن التعبير عنه ــــ الترويض لبعض الشخصيات التي ارتفع صوتها في السبعينات ضد السلطة الحكومية من خلال تنصيبهم في مواقع رسمية تحت مظلة الثقافة والفكر لحفظ ماء وجه من رضخ لتلك المساومات!
اليوم، وباختصار شديد، ما الجديد في المقايضة النيابية ــــ الحكومية؟
الإدارة التنفيذية تبحث عن سند نيابي لها في أروقة قاعة عبدالله السالم لتنجو من تغليظ المساءلة السياسية والنأي بالحكومة عن أي خسارة محتملة، لذا وجد ـــ ربما ـــ مصطلح «المال السياسي» له مكاناً في الساحة السياسية، فضلاً عما يُثار عن وجود عناصر مهيمنة على الساحة الانتخابية ودعم الموالين للحكومة، حتى لا تصل أغلبية نيابية من الممكن ان تشكّل صداعاً سياسياً، ومن ثم صداماً مع الحكومة.
سياسة الاستثناءات الحكومية والرضوخ لمطالب بعض النواب ومتنفذين لا شك أنهما سيقودان الى فوضى في القرارات والتعيينات وكسر لبعض القوانين، والثمن ستدفعه الادارة الحكومية وحدها، وربما تقود الى استجوابات ومساءلة سياسية مغلظة للحكومة بأكملها.
ثمة قوانين ونظم ولوائح لدى ديوان الخدمة المدنية اعتمدها مجلس الوزراء، وهو ما ينبغي دعمها وليس تجاوزها او التنازل عنها مقابل بعض المساومات النيابية للانهاية!
اي صفقات على المناصب القيادية وتقديم الاستثناءات الحكومية من شأنهما ان يعمقا الفوضى ويفسحا المجال امام المزيد من الفساد الاداري والمالي الذي يئن منه الجهاز الحكومي منذ سنوات!
خطط الاصلاح والتطلعات التنموية لا يمكن ان تتحقق في ظل ضعف القرار الحكومي والتردد في اتخاذ مواقف حاسمة واللجوء الى الانتقائية في القرارات، فاستمرار مثل هذا الوضع والسياسيات يجب أن تكون له نهاية من خلال تبنّي الادارة الحكومية موقفاً حازماً وحاسماً.
من المؤكد ان الحكومة لن تجد نفسها وحيدة في الساحة السياسية، فهناك بعض النواب، حتى لو كانوا عدداً قليلاً، وكذلك صفوف شعبية مؤيدة لسياسة المسطرة الواحدة من أجل استقرار سياسي تستفيد منه الكويت وطناً وشعباً.
لا شك في أن أولى خطوات الاصلاح والتلاقي مع إرادة الشعب هي من خلال ترحيب الحكومة بمبدأ اصلاح النظام الانتخابي الحالي كأولوية سياسية، من شأنها ان تنعكس ايجابيا على المصلحة الوطنية.