عودة العراق وسقوط طهران..
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
هاني الظاهري
من شاهد اللقاءات التلفزيونية التي أجريت مع المواطنين العراقيين الذين زاروا الجناح السعودي في معرض بغداد الدولي قبل أيام، يمكنه أن يفهم بكل بساطة معنى قوة أواصر الدم والتاريخ بين العراقيين والسعوديين، رغم كل الخلافات والتناقضات والقطيعة السياسية التي شهدتها العقود الثلاثة الماضية بين البلدين.
رحب العراقيون بإخوتهم السعوديين ترحيبا كبيرا هو ترحيب الشقيق بشقيقه بعد طول غياب، أحدهم وهو رجل عراقي يبدو في الستينات من عمره أطلق دموعه أمام الكاميرات فرحاً برؤية سعوديين بزيهم الوطني في قلب بغداد بعد 27 سنة من القطيعة، مرددا بأعلى صوته حمدا لله على سلامتكم عدنا لكم وعدتم لنا أنتم قادة الأمة الإسلامية والعربية.
مشاهد قليلة نقلتها وسائل الإعلام لكنها ذات تأثير كبير وتحمل رسائل شعبية تقلق مضاجع كل القوى الإقليمية التي استفادت من قطيعة البلدين وبنت الكثير من المصالح على ذلك وفي مقدمتها حكومة الشر الإيرانية التي اعتقدت أنها انتهت تماما من سلخ عروبة العراق وتحويله إلى ولاية إيرانية تصلي باتجاه طهران.
على المستوى السياسي جاءت زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي للرياض والإعلان عن تأسيس مجلس التنسيق بين البلدين كضربة حقيقية للإيرانيين الذين شعروا أنهم تلقوا صفعة مباغتة ومؤلمة من بغداد، ما دفعهم لتوجيه قادة مليشياتهم في العراق لإطلاق تصريحات ساذجة ولاجدوى منها ترفض التقارب العراقي السعودي.
القلق الإيراني ازداد حدة بعد تصريح وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في المؤتمر الصحفي الذي جمعه بوزير الخارجية السعودي في الرياض، إذ دعا بشكل صريح كافة المليشيات الإيرانية الموجودة في العراق إلى مغادرته فورا، قائلا «إن على جميع المقاتلين الأجانب في ذلك البلد العودة إلى ديارهم»، مضيفاً أن التقارب بين الرياض وبغداد «سيعالج التأثيرات غير المنتجة لإيران داخل العراق».
يأتي كل هذا في الوقت الذي تحولت فيه سياسة واشنطن تجاه طهران من الاتفاق إلى الصدام العلني بكل قوة من خلال إستراتيجية الرئيس ترمب الجديدة في التعامل مع الملف الإيراني التي تؤيدها الرياض، وهو ما أكده تيلرسون في العاصمة السعودية عندما شكر خادم الحرمين الشريفين على تأييده للموقف الأمريكي والعقوبات على الحرس الثوري، متمنيا انضمام أوروبا إلى نظام عقوبات «يحظر بعض أنشطة الحرس الثوري الإيراني التي تثير عدم الاستقرار في المنطقة وتخلق الدمار فيها، كما في حالة مشاركتهم في اليمن ومشاركتهم في سوريا أيضاً».
كل ما سبق يؤكد بدء العد التنازلي لنهاية نظام الشر الإيراني، ويؤكد قبل ذلك على علو كعب السياسة السعودية التي تتفرد اليوم بإعادة تشكيل صورة المنطقة وإخراجها من دوامة الفوضى غير الخلاقة.