جريدة الجرائد

هل من «طبخة» أميركية للعراق بعد «الورقة» الكردية؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

 هدى الحسيني 

ترفض إيران أن يكون للأكراد دولة (سنعيدكم إلى الجبال. قال لهم قاسم سليماني)، في حين لا تكتفي هي بدولتها، بل تريد التمدد إلى بقية الدول العربية (الدور الإقليمي) قال الرئيس حسن روحاني يوم الاثنين الماضي: وضع إيران الإقليمي لم يكن أقوى مما هو الآن. ويحذر مصدر دبلوماسي من أن «الدولة الإسلامية» (داعش) إلى انحسار، لكن «الجمهورية الإسلامية» (إيران) إلى تمدد، إذا لم يتم صدها للحؤول دون استكمالها مخطط زعزعة استقرار الشرق الأوسط.

إن انهيار قوات البيشمركة تحت ضغط مشترك من العراق وإيران يمكن أن يزعزع استقرار شمال العراق بدلاً من توحيد البلاد. لقد قللت إيران من دور الميليشيات التي تدعمها من أجل إضفاء الشرعية عليها كأدوات بيد الدولة العراقية، والمثير للغضب أن التغطية الإعلامية الغربية، والبيانات التي أدلى بها مسؤولون أميركيون تساعد الخداع الإيراني من خلال إنكار دور الميليشيات الشيعية في كركوك. رغم جولات وتصريحات سليماني، وأبو عزرائيل، والمهندس والعامري.
ما حدث في الأسبوعين الأخيرين سوف يبقى في الذاكرة الحية لأكراد العراق، حيث فقد إقليم كردستان أراضي شاسعة كانت تسيطر عليها حكومة الإقليم منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003. بعد الاستفتاء عانت حكومة الإقليم وشعبه من تدابير انتقامية من بغداد وجيرانها، وأمر رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي بتجمع قوات عسكرية من نظامية وميليشيات خارج كركوك، وتعهد القادة الأكراد بالدفاع عنها حتى الموت.
كانت هناك تكهنات بأن القوات العراقية وقوات البيشمركة – الطرفان مشاركان في التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، ومجهزان بأسلحة أميركية – بأنها ستتجنب أي تبادل عسكري مباشر، وذهب التفكير بأن المواجهة ستكون طويلة الأمد. لكن يبدو أن الحسابات تغيرت، وبينما حاول ضباط الجيش الأميركي على الأرض التوسط بين بغداد والأكراد، بذلوا أيضاً جهوداً للتقليل من حدة الاشتباكات المتفرقة التي وقعت في كركوك. وصرح ناطق باسم الجيش الأميركي: «إن تسليم المدينة كان من المفترض أن يكون منسقاً». وصدر عن العبادي تصريح بأنه أعطى الأوامر للجيش العراقي والبيشمركة للتنسيق معاً في كركوك.
بعد سقوط كركوك، بدأت لعبة اللوم المعتادة في كردستان العراق. وقال مسرور بارزاني ابن مسعود والمسؤول عن الأمن: «إن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني خان كركوك وكردستان، وخضع لإيران وانسحب من الخطوط الأمامية دون قتال». وقال مسعود بارزاني في مؤتمر صحافي حُضّر على عجل، إن خسارة كركوك «كانت نتيجة القرارات الأحادية الجانب لبعض الأشخاص داخل حزب سياسي كردي معين». كان يعني الاتحاد الديمقراطي. وكانت شائعات انتشرت مع سقوط كركوك بهذا الشكل السريع والمذهل، أن اتفاقاً تم بين الحكومة المركزية و«الاتحاد الوطني الكردستاني» بدعم من إيران للانسحاب من كركوك، وهذا ما أكدته الأحداث لاحقاً، حيث غادرت وحدات «الاتحاد الوطني» دون قتال.
إن اتهامات الخيانة والصفقات السرية مع بغداد لها تقاليد عريقة في التاريخ الكردي العراقي. لكن كركوك هي معقل «حزب الاتحاد الوطني الكردستاني»، وكان المحافظ (الفار الآن) نجم الدين كريم الطبيب الشخصي لجلال الدين طالباني مؤسس الحزب.
وربما لا تنظر فصائل في «حزب الاتحاد الوطني» إلى التوصل إلى اتفاق مع بغداد، على أنه خيانة للحلم الكردي بالاستقلال، بل رد فعل على سياسة مسعود بارزاني وطموحاته.
هناك من قال إن بارزاني ارتكب خطأ تاريخياً بالمضي قدماً في الاستفتاء رغم اعتراض كل الأطراف التي يُحسب لها حساب. العرض الأميركي وصل متأخراً، وكان بارزاني ضمناً سعى إلى إجبار «حزب الاتحاد الوطني» و«حزب غوران» والأحزاب الكردية المنافسة بالتلويح بالاستقلال، مع العلم أن الحزبين تاريخياً يميلان إلى التفاوض مع بغداد، بدل الوصول بشكل منفرد إلى حافة الهاوية. وعلى الرغم من معارضة حزب «غوران» مبدئياً على الاستفتاء فإنه و«حزب الاتحاد الوطني» أجبرا على القيام بحملة «نعم» في نهاية المطاف؛ لأنه لا يمكنهما تحمل اتهام بأنهما أعاقا استقلال الأكراد.
من ناحية بارزاني، من المؤكد أنه أراد الاستفادة في جلب خصومه إلى الخط، وباعتباره «والد تصويت الاستقلال» توقع انتصاراً ساحقاً لحزبه في الانتخابات البرلمانية التي كان من المقرر إجراؤها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. هو اعتقد أن الأحزاب المنافسة له في وضع ضعيف لمقاومته، فالاثنان فقدا مؤسسيهما هذا العام، والمؤسسان من القادة التاريخيين للأكراد. نوشيروان مصطفى (غوران) في مايو (أيار) الماضي، وجلال طالباني قبل أسبوعين فقط. لكن بدل المعاناة من الضعف، ولا سيما في «حزب الاتحاد الوطني»، يبدو أن وفاة طالباني تسببت بصراعات داخلية أدت إلى اتفاق الانسحاب من كركوك، وبرز إثر ذلك ابن جلال طالباني بافل، حيث اتهم «زعماء أكراداً من جيل معين بأنهم فقدوا حس الواقع المعيش» (بي بي سي) يوم الأحد الماضي. ودعا إلى الحوار مع بغداد وتوحيد الصوت الكردي. وهكذا مادت الأرض من تحت قدمي بارزاني.
الأكراد منقسمون. فقدوا كل الفرص في مواجهة بغداد. وبدا أن بارزاني وافق على ما لا يمكن بعد تجنبه بعد خسارة كركوك؛ فأمر البيشمركة بالانسحاب من سنجار، ومخمور وخانقين، تقريباً جميع الأراضي المتنازع عليها، وحاولت حكومة الإقليم وصف منطقة القوش بأنها متنازع عليها، فرد السكان المحليون بأنها آشورية ويرغبون في البقاء في العراق. مع خسارة الأكراد 40 في المائة من الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها، حاولت قوات الحشد الشعبي زعزعة كردستان العراق كمنطقة مستقلة ذاتياً. قوى عليا تدخلت وعاد الألمان لتدريب البيشمركة. وأكد الإيطاليون، أن على العالم أن يتذكر أن الأكراد حاربوا «داعش» عندما انهارت القوات العراقية. لكن يعرف العبادي رئيس الوزراء الذي يواجه انتخابات العام المقبل، أن الزخم والمجتمع الدولي إلى جانبه، وأن نوري المالكي في مواجهته، وأن علاقات العراق العربية مطروحة وبقوة. لذلك؛ إذا لم يتوقف الأكراد عند هذا الحد من الانقسام، فقد يشعر العبادي بأن الفرصة مواتية له ليزيد من انقساماتهم ويسحقهم، ووضع حد بالتالي لتطلعات كردية استقلالية أوسع نطاقاً داخل العراق.
هل اعتقد مسعود بارزاني أن لعبته ستبتلع أوراق الآخرين؟ هل هناك لعبة أكبر تلعبها أميركا على مستوى العراق، وأيضاً سوريا، استدعت منها التضحية بالأحلام الكردية العراقية الآن؟ من المحتمل أن هناك شيئاً ما يطبخ، وليس الحذر مطلوباً الآن من الأكراد، بل من رئيس الوزراء العراقي. لقد انتقلت ديناميكية السلطة التي كانت تحدد السياسة العراقية على مدى العقدين الأخيرين مجدداً إلى بغداد. وانقلبت الأقدار رأساً على عقب، وعلى الأكراد الانتباه ألا تصل انقساماتهم إلى أربيل؛ إذ عندها ستقع تحت رحمة حكومة مركزية أقوى وأكثر تصميماً من أي وقت مضى، يجب الاعتراف لبارزاني بأنه حمى أربيل ودهوك من أي نفوذ أو سيطرة إيرانية. لكن الأكراد الآن كمن رمى بالكرة على الحائط فعادت لترتطم بقوة برؤوسهم. والمؤلم أن الخسائر التي مُنوا بها على الأرض، لن تكون نهاية معاناتهم. حتى أسابيع قليلة جداً كان قادتهم يخبرونهم بأنهم على طريق الاستقلال. هذا صحيح، لكن هذه الهزيمة لن تنهي أحلامهم. والأنظار تتجه إلى حيدر عبادي؛ إذ تاريخياً ومنذ 1920، كان العراق كلما شعر بأنه قوي التفت إلى مهاجمة الأكراد. العبادي الآن قوي، لكن لوحظ ارتباكه مؤخراً؛ إذ قال: «إن التدخل في الشؤون الداخلية للدول يجب أن يتوقف». ولم يستفض، المهم أن تحترم إيران السيادة العراقية وحرية الخيارات العراقية، لا أن تدفع بكل قوتها لاستفزاز كرامة العراقيين.
لقد أعاد العبادي البوصلة إلى بغداد، لكن لن يجعل الأكراد يحبون العراق من خلال مهاجمة أراضيهم والتشديد عليهم وإلحاق عقاب جماعي بهم. منذ 1990 لم يشاهدوا جندياً عراقياً واحداً في منطقتهم، وهم لن يقبلوا الآن. على كل الأطراف إنهاء الجنون الداخلي، وعدم الإصغاء للتحريض الخارجي وبدء الحوار.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
محاولة دفاع يائسه
PMSK -

منذ ان اعلن البرزاني بيان الاستفتاء ، في حزيران الماضي ، اخذت السيدة الكاتبة الحسيني بالدفاع المستميت عن هذا القرار ... ومن حقها بيان رايها مرة وثانية ، ولكن تكرار ذلك ، وتوجيه اتهامات للحكومة العراقية ، التي تطالب العمل وفق الدستور والقانون ، يجعل القاريء ، يفكر ان السيدة هدى الحسيني ، تحاول ان تجعل ما تقرره حكومة اقليم كردستان ، هو الصحيح ، رغم مخالفته للدستور العراقي ،ولا نعلم هل ان السيدة الحسيني ، جزءا من الآلة الاعلامية التي تتسلم اموالا من البرزاني لتلميع صورتها ؟ ام انها تريد تشويه صورة الحكومة العراقية وتعتبرها هي المعتدية والمتجاوزه على حقوق الكرد؟ نامل منها ان تعيد النظر في نفسها وتبتعد عن نفسها الطائفي ، باتهامات مريضة ، والعراق عانى من الارهاب منذ سنين ، وبدا يشعر ان ايام الارهابيين في العراق باتت معدودة ،؟ وقبل ايام نشرت مجلة نيوزويك الامريكية تقريرا ، استنادا الى معلومات استقتها من المخابرات الامريكية ، عن علاقات البرزاني وابنه مسرور ، بمجموعات ارهابية ، وكيف ساهموا في ادخال اسلحة ومعدات عسكرية الى مدينة الموصل ، مما ساهم في اغتصابها من قبل الارهابيين ، عام 2014 ... ويجب ان تصحح السيدة الحسيني معلوماتها ، ان المناطق التي سيطر عليها الكرد في الموصل وكركوك وغيرها ، هي مناطق عراقية وفيها مكونات مختلفة ، عربية وكردية وتركمانية ، وعمل الكرد على تكريدها ، بالقوة وهدموا بيوت المكونات الاخرى واستولوا على املاكهم ، بما فيها كركوك ، والاحصائيات السكانية ، 1957 وما بعدها ، تشير الى نسبة سكان كركوك من العرب والتركمان ، يمثلون اكثر من 70% منها ، الكرد اقل من 27% والمسيحيين حوالي 3% وكيف اصبح الكرد بقددرة قادر يسيطرون على كل سلطات كركوك ، من ادارية وامنية وصحية وثقافية ... واسكنوا اكثر من 400 الف كردي ، منذ عام 2003 ، منهم اكراد من سوريا وايران وتركيا وغيرهم وجعلوهم من سكان كركوك ، بعد ان طردوا وابعدوا عشرات الالاف من السكان العرب والتركمان ... عليك يا سيدة الحسيني ، وغيرك ان لا يغيروا الوقائع ويشوهوا صورة العراق المعاني والذي بدا ينهض من جديد من نكساته ويتخلص من الدمار والارهاب ...

Racist No. 1
Raid -

People like you can keep barking lies for all they can but facts remain the same: Kirkuk has and will always be Kurdistan so long as there is one single Kurdish child alive. One thing else, as the writer says, your atrocities and violence will make us hate you and our pathetic Iraq more than ever. We will never ever love your pathetic Iraq or be part of a racist savage people that are Iraqis. As has always been the case, we Kurds may lose a battle or two but does not matter how long it take, we the Kurds will ultimately win and destroy yet another regime in Iraq. Just wait and the days are between us and you will witness how we will make your jahsh al shaabi run in their underwear as IS done to your army in Mosul. Just wait and you will see

البكاء على الاطلال
عراقي مشرد -

الحس الطائفي واضح في هذه المقاله . العراق خرج من كل هذه الصراعات بقوة لايستهان بها . العالم يعيد وجهه نظره عن كل الاصطفافات والتحالفات التي دونها في المراحل السابقه . الماكنه الاعلاميه للانفصاليين الاكراد كانت واضحه وكبيره وسخرت لها اموال عظيمه . حصه المحسوبين على اليسار العراقي كانت حصه الاسد . الى جميع القراء الكرام الانتباه عن ما يكتبه هولاء المرتشون انهم الرتل الخامس في الاعلام .

امريكا تضحي بالاكراد
علي البصري -

امريكا والسعودية تدعم العبادي وتضحي بالاكراد للحسابات الدقيقة في وضع العراق خوفا من ازدياد النفوذ الايراني واستغلاله للورقة الكردية بعد ان استفاد من ورقة محاربة داعش فتمدد في سورية والعراق ،مسعود اجتهد فاخطأ الحساب وامريكا حذرته بانها لاتدعمه فسوف يدفع ثمن خطيئته لوحده العراق على اعتاب انتخابات قادمة واعادة تشكيل قواه السياسية ،الامريكان لم يكن بمقدورهم التحكم في كل الاشياء بطريقة الرموت كنترول بعد تدخل الروس بالمنطقة وتمرد اوردغان على الناتو...

مقال ثمين
كوردى مخلص -

لا يمكن ان تستقر المنطقة وتنعم بالامن والسلام والازدهار ما لم يحصل الكورد على حقوقهم المشروعة في العيش بسلام وحرية وكرامة كباقى شعوب وامم الدنيا ومهما حاول أعداء الكورد والحاقدون على تجربته الناهضة تشويه سمعتهم ومعادات تطلعاتهم المشروعة فسوف يصابون بالنتيجة بالخيبة والخذلان تحية للكاتبة المحترمة على مقالها الثمين وتحليلها الدقيق ورايها السديد وكثر الله من امثالها الشرفاء والاحرار والمخلصين أصحاب المبادئ والقيم وكل ما هو سامى ونبيل لخدمة الإنسانية والمثل العليا ونصره المظلومين الكورد وعبر تاريخهم الدامى والمجيد كانوا ضحايا ومؤامرات ومصالح إقليمية ودولية وخلافات وصراعات داخلية