«لوفر النور ولوفر الصحراء»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
محمد الحمادي
سيتذكر التاريخ دائماً يوم الثامن من نوفمبر من عام 2017، حيث شهد العالم افتتاح واحد من أبرز إنجازات البشرية، وواحد من أهم المتاحف في العالم وهو متحف «اللوفر أبوظبي»، وذلك ليس فقط لأنه تم تصميمه بشكل فني رائع وخلاق، ولا لأنه يضم مجموعة من أندر وأثمن القطع الفنية والأثرية والتاريخية في العالم، ولكن لأنه أنجز وافتتح في وسط محيط يتلاطم بالحروب، وعبث الجماعات الإرهابية، وأصحاب الفكر المتطرف والذين يرفضون الآخر، وفِي زمن صارت فيه لغة العقل مفقودة، وفي منطقة صارت فيها صناعة الأمل مطلباً ملحاً.
لقد جاء هذا المتحف ليشع نوراً وسط ظلمة حالكة، وكنفحة باردة وسط صحراء الخلاف والاختلاف، هكذا كان لوفر أبوظبي بالأمس، فكل من حضر افتتاح هذا الصرح الحضاري العظيم شعر بأن الإمارات مصرّة على السير في طريق مواجهة تيارات الظلام والكراهية بالأفعال وبالبناء، وليس بالأقوال فقط، وأنها في هذا الطريق عثرت على الرفيق والشريك الثابت والقوي الذي يمكنه أن يواصل معها المشوار نحو المستقبل الأفضل للبشرية جمعاء، وهذا الشريك هو فرنسا، هذه الدولة العظيمة التي تحترم القيم الثقافية والحضارية والفنية للشعوب، وهي التي ضمت في متاحفها كنوز العالم.
كما قال وأجمع كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والشيخ محمد بن راشد، والشيخ محمد بن زايد في كلماتهم بالأمس بمناسبة افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، إننا بهذا المتحف سنواجه الفكر الظلامي والرجعي في منطقتنا والعالم، وسيكون هذا المتحف منارة لكل من يبحث عن الجمال والمحبة والسلام والحوار والتعايش مع الآخر، تحت قبة اللوفر اجتمعت مختلف حضارات العالم من الشرق إلى الغرب، وفِي أبوظبي نقول من خلال هذا المتحف «إننا نقبل الجميع وندعو الجميع لأن يتعايشوا ويتسامحوا ويقبلوا الآخر فأعداء البشرية يريدون لنا الحرب والاختلاف والقتال».
لقد كان الرئيس ماكرون محقاً عندما قال في كلمته بالأمس إن «هذا هو المكان المناسب للمعركة ضد الظلام»، فهو يعرف قيمة النور، وهو من بلد عانى ويعاني من الإرهاب والتطرف، وعندما يتحد لوفر النور ولوفر الصحراء - كما وصفهما ماكرون - فإننا نكون قد وضعنا لبنة جديدة وقوية في مواجهة الفكر المتطرف والعنيف، وأوصلنا للعالم رسالة صريحة مفادها أننا قادرون على التعاون من أجل دحر الإرهاب، فكما قال ماكرون إنه لم يكن سهلاً على فرنسا أن تتخلى عن تلك القطع الأثرية من مقتنياتها النفيسة، وأنها «تتعذب» وتتألم عندما تقوم بذلك، ولكن من أجل تحقيق هدف سام وهو نشر الثقافة في العالم، فإننا نتحمّل ذلك.
أخيراً ودائماً شكراً صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد لأنك منحتنا والعالم «قطعة من الجمال»، كما قال الرئيس الفرنسي ماكرون، ومتحف لوفر أبوظبي رسالة الشيخ محمد بن زايد للعالم، وهو المتحف الذي وجد ليبقى دائماً وليكون جزءاً خالداً من الإرث الإنساني والحضاري.