جريدة الجرائد

نظريات الفساد

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عواجي النعمي  

يقول ابن خلدون «إن انتشار الفساد يدفع بعامة الشعب إلى مهاوي الفقر والعجز عن تأمين مقتضيات العيش، وهو بداية شرخ يؤدي إلى انهيار الحضارات والأمم». 
وكان رأي ابن خلدون مبنيا على أن انهيار القيم والحضارات والتنمية يعود إلى استشراء الفساد في جميع المجالات، والعجز عن محاربته والتصدي له. 
كذلك يرى أن وجود بعض المسؤولين قد يكونون منبعا للفساد عندما يسخّرون القوانين والقرارات لمصالحهم، ويلوون أعناق الأنظمة لتحقق مآربهم. 
ويشير ابن خلدون أيضا إلى أن هذا التفشي من الفساد يدفع بالمنتجين إلى التذمر والضيق، لأنهم يرون قسما كبيرا من جهدهم ينهب منهم، أو يؤخذ منهم دون وجه حق. 
ويسترسل ابن خلدون ويقول، إن المجتمعات لا يصيبها الترهل إلا عندما ينخرها الفساد.
وعليه نستخلص من نظريات ابن خلدون، أن محاربة الفساد محاربة جدية هو السبيل الوحيد لإنقاذ الدول والمجتمعات والحضارات. 
إن الفساد هو آفة تفتك بالمجتمعات، مثله مثل الإرهاب والتطرف والطائفية والعنصرية التي تدمر المؤسسات، وتهدم القيم والمبادئ، وتولد الفقر والجهل والخرافات. 
والفساد هو ظاهرة تاريخية وليس بجديد في أي مجتمع، يساعد في ظهوره وجود النفوس الضعيفة التي تجد كثيرا من المبررات لتغطية فسادها وأطماعها. 
كثير من تلك النفوس تحاول إقناع من حولها بصواب عملها، فيُغرّ بعضهم بأفعالها ويصفون تلك النفس الشقية بالذكية والعصامية، بينما الإنسان الشريف والغيور على الوطن ومقدراته، ليس إلا شخصا جاهلا لا يعرف مصلحته!.
وتنحدر الأمور أحيانا حتى نصل إلى مرحلة أن مجرد مناقشة فكرة الإصلاح ومحاربة الفساد وأدواته، تقابل بالاستهزاء والإنكار والعراقيل. 
ويتفق كثير أن من أهم أسباب تفشي الفساد، هو خلل الرقابة وضعف أجهزة مكافحته وغياب النزاهة وضعف المجتمع في مواجهته ومحاربته. 
إن بداية أي فساد تكون في انحدار المستوى الأخلاقي وغياب الضمير وتلاشي المواطنة. ولمعالجة الفساد بأنواعه المختلفة سواء كان اجتماعيا أو اقتصاديا أو إداريا فلا بد من تطبيق الأنظمة المحاربة للفساد على الجميع دون تفرقة، وعلى الإعلام النزيه القيام بواجبه في التوعية وحشد الرأي العام لمحاربة الفساد والتصدي له، كذلك الإعلان عن حالات الفساد التي يتم اكتشافها وكانت تستنزف الدولة والمجتمع، والإجراءات التي اتخذت حيالها، واختيار الأشخاص لإشغال المناصب بالاعتماد على الكفاءة والتأهيل، وليس على العلاقات الشخصية والواسطة، وتفعيل برنامج الحوكمة الإلكترونية.
وأخيرا، فإن مواجهة الفساد وأسبابه وأشخاصه هي مسؤولية الجميع، فالمجتمع عليه تعزيز دور أجهزة الرقابة ومساعدتها في محاربة منظومات الفساد، والمشاركة الفاعلة في إعادة بناء المؤسسات الوطنية التي ترتكز على مبادئ الاخلاص والوطنية والنزاهة. والمسؤول عليه العمل على تحسين المستوى المعيشي والتعليمي للمجتمع، فالفساد غالبا لا يولد إلا من رحم التخلف والفقر. 

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف