هل تغادر السعودية خارطة الفشل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
علي سعد الموسى
تصويت المؤسسات العربية الرسمية «حكوماتها» ضد القرار الأممي الأخير بشأن إيران لا يبعث لنا ولا حتى عشر علامة استفهام، بل ألف رسالة يقين ووضوح. كتبتها من قبل بضع مرات: المملكة هي البلد العربي الوحيد الذي يستطيع أن يعيش مستقلا حرا ومكتفيا تماما عن خارطته وجواره وبني جنسه وقومه.
كل من حولنا عالة علينا، وعلى الأقل تعرفنا عليهم وتعرَّت أمامنا مواقفهم ضدنا في كل أزمة، من حرب الخليج إلى أزمة سبتمبر، ولن تكون أزمات لبنان وقطر وفوقهما إيران آخر يقين ووضوح الخذلان. وجهة نظري اليوم هي ذاتها منذ عشرين سنة: تستطيع هذه المملكة العظمى أن تعيش لداخلها ولشعبها، وأن تترك كل الآخرين لسفاهاتهم وحروبهم المتتالية. نحن نملك كل مقومات الدولة المستقلة التي لا تحتاج فزعة شقيق: اقتصاد قوي متكامل، وأمن وطني شامل، وحاكم نثق به ونلتف حوله، وشعب متماسك لم تزده أحداث الخريطة من حولنا إلا وعيا ويقظة لكل ما يحاك حوله. نحن في قلب نادي العشرين الأعلى، ونـحن عصب الصندوق الدولي وعمود البنك الدولي. حاكمنا الغالي يتلقى كل يوم اتصالات ترمب وتيريزا ماي وماكرون وبوتين، فلماذا يسحبنا ميشال عون وروحاني و«حمدين» قطر وبقية الجوقة إلى مستنقعاتهم القذرة. لا يمكن لواشنطن ولندن وباريس وبقية عواصم القرار الكبرى أن تتخذ قرارا دون بصمة الرياض، فما الذي يجبرنا على أوحال الصغار من الدوحة إلى طهران، ومن صنعاء حتى دمشق وبيروت؟. نحن دولة وشعب وصلا إلى ما هو أعلى من الجامعة، فلماذا يسحبنا هؤلاء إلى ألعاب روضة الأطفال التي لم يغادرها هذا العقل العربي المتخلف.
وحين أستمع مثلكم إلى بعض الأصوات الكويتية الناعقة ضدنا أعود إلى الثاني من أغسطس 1990. من أجلهم وضعنا بلدنا في مخاطرة وجود، وهذا لا يعني أن في الكويت الشقيقة نسبة طاغية من الشرفاء. وحين أشاهد مثلكم أيضا أصوات كذبة «القومية» العربية في الشام ومصر، وهم يتباكون في الفضائيات فلا يرتلون علينا سوى الأدبيات الفارسية باللسان العربي، أزداد يقينا أنني سعودي خالص أستطيع في وطني أن أعيش مستقلا حرا لا دخل لي بكل داحس وغبراء ما زالوا يعيشون غبارها منذ خمسين سنة. وحين أتذكر أنني عشت مدرستي الابتدائية كاملة بلا قرش واحد للفسحة المدرسية ثم أدفع ريال فلسطين كاملا، ولن أندم عليه، ولكنني أندم هذا الجحود، ونـحن قدمنا لفلسطين، وبالأرقام، ثلثي ما قدمه كل العرب والمسلمين في تاريخ هذه القضية.