جريدة الجرائد

كيف تصنع المرأة رجلا إرهابيا؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

نوال السعداوى

جاءت صديقتى لزيارتى ومعها حفيدها الطفل، أرادت أن تشغله عنا باللعب بمسدسه الصغير ، يضغط بإصبعه على زناده، فتنطلق فرقعات وشرارات نارية، تصاحبها صرخات الطفل بالفرح والنشوة ، طاخ طيخ ! إمتلأ بيتى بضجة تشبه معركة حربية، قلت لها أرجوك خذى هذا الطفل الإرهابى بعيدا، لم تغضب صديقتي، فهى تعرف أننى أنتقد التربية التى ينشأ عليها الأطفال الذكور، خاصة تربية الجدة أو الأم ، التى تحرص على أن يكبر الطفل ليكون «دكرا » راجل بمعنى الكلمة، «حمش» يشكم مراته، وتنسى صديقتى أنها تعذبت فى ظل زوج كان يشكمها . 

لا تختلف كلمات صديقتى عن كلمات جدتى وأنا فى السابعة من عمري، وكانت تطلب من أخى الأكبر أن يشكمنى لأخضع له ولزوجى فى المستقبل، لم يستطع أخى أن يشكمنى بسبب قوة شكيمتى الموروثة عن الإلهات المصريات القديمات وتفوقى عليه بالمدرسة أيضا.

كان أخى الأكبر مشكلة فى طفولتى بسبب تدليل جدتى له والعمات والخالات وكل أفراد العائلة، إلا أمى وأبى، لولا إيمان أبى بالمساواة والعدل وصلابة أمى وقوة شخصيتها وثقتها الكاملة بى ربما ضاع مستقبلي، وصرت اليوم أرملة قعيدة البيت، تعانى الوحدة والاكتئاب، أو زوجة عرجاء يهرب منها زوجها الى القاصرات، أو ربما ألقيت نفسى من النافذة ليلة الزفاف، كما فعلت «فاتن . ع» الراقدة اليوم بمستشفى قوص المركزي، مصابة بكسور ونريف بالمخ بعد إلقاء نفسها من الطابق الرابع وهى تردد «مش هتجوز لازم أكمل تعليمي» كنت أردد هذه الكلمات وأنا فى العاشرة من عمرى لكن ارتفاع نافذتى عن الأرض لم يكن كافيا لموتى. 

وتظل الديكتاتورية الذكورية تحكم الأسرة والمجتمع، التى سادت فى الأربعينيات من القرن الماضي، لم تنجح نظم التعليم والثقافة لتغيير هذه القيم الراسخة فى الوجدان البشرى منذ نشوء النظام الأبوى فى التاريخ، بل زادت القيود على البنات منها الحجاب والنقاب، مع تصاعد القوى السياسية الدينية وازدياد الهوة بين الفقراء والأغنياء. 

صديقتى حصلت على درجة الدكتوراه فى طب الفضاء بجامعة نيويورك، وماجستير طب الأطفال بجامعة السوربون، وبكالوريوس الطب بجامعة القاهرة، وهى اليوم أستاذة إستشارية لأكبر المستشفيات، وتكتب بالصحف ضد حوادث الإرهاب، مع ذلك هى تربى حفيدها ليصبح رجلا إرهابيا، ينتشى بفكرة القتل، فالإرهاب يبدأ بفكرة فى المخ تؤيد العنف والطاعة والإجبار ( ليس الحوار والتساؤل والاختيار ) يرسل المخ أمرا الى العقل بالتوقف، والى عضلات الذراع بالحركة، وإلى أصابع اليد لإمساك السيف أو المسدس، والضغط بإصبع واحد فوق الزناد. 

تحول كل شيء فى العالم الى تقاتل وحرب والألعاب الرياضية أصبحت صراعات تنافسية، تراق فيها الأموال وتزهق الأرواح ، وتحولت الاحتفالات بالأعياد الى مباريات نارية، ومفرقعات مع صرخات النشوة الصبيانية، تنفق بلادنا المليارات لشراء البمب ومسدسات الأطفال، لا يربح منها إلا حفنة من تجار السلاح ، مع تأكيد فكرة الإرهاب المسلح فى العقل والوجدان منذ الطفولة، تستمد الرأسمالية الدولية أكبر أرباحها من التجارة بالأجساد والأسلحة والمخدرات وأدوات الزينة والتجميل، على حين تعيش نصف الشعوب تحت خط الفقر. 

أصبح القتل الجماعى وإراقة الدماء منظرا عاديا، وأصبح رئيس أكبر دولة، يقولون عنها رائدة الديمقراطية، هو رائد الإرهاب الأكبر، وقد أصدر «دونالد ترامب» قرارا بتمجيد البطولة الذكورية العنصرية، وتشريع البطش المسلح بالآخرين، فانتفضت ضده الشعوب المقهورة بما فيها الشعب الأمريكي. 

صديقتى من القيادات النسوية محليا وعالميا تنتمى للحركات الصوفية الروحانية التى تعتبر نفسها تحريرية للمرأة، على غرار الحركات النسوية المسيحية واليهودية فى أوروبا وأمريكا، تقول صديقتى إنها «روحانية، علمانية لا دينية » لم تقرأ صديقتى كتب التاريخ، ولا أى كتاب خارج تخصصها الطبى المحدود، لم تدرك أن عبودية الإنسان، خاصة عبودية المرأة، بدأت فى التاريخ البشرى بفصل الروح عن الحسد، وتحولت المرأة من إنسانة كاملة منتجة للفكر والمعرفة، الى جسد مدنس ناقصة العقل، وأصبح الرجل هو سيدها العاقل، وهو الروح المقدس، انهزمت الحضارة الإنسانية القديمة، التى احترمت المرأة والرجل على السواء، بل نالت فيها المرأة احتراما أكبر، وحظيت الأم بشرف أعظم، لأنها هى التى كانت تحمى الأطفال، من أن يأكلهم الأب البدائي، كما حمتنى أمى من أخى الأكبر فى طفولتى . 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اماراتيه ولي الفخر
اماراتيه ولي الفخر -

جاءت صديقتى لزيارتى ومعها حفيدها الطفل، أرادت أن تشغله عنا باللعب بمسدسه الصغير ، يضغط بإصبعه على زناده، فتنطلق فرقعات وشرارات نارية، تصاحبها صرخات الطفل بالفرح والنشوة ، طاخ طيخ ! إمتلأ بيتى بضجة تشبه معركة حربية، قلت لها أرجوك خذى هذا الطفل الإرهابى بعيدا، )<" الطفل الارهابي مره وحده يا ساتر مجرد طفل لا أكثر ولا أقل ! بصراحه هو مين الارهابي الحقيقي الطفل في نظرك أو اللي اخترع المسدس ؟ على فكـره هو اللي يدافع عن بلده من وجهة نظرك ارهابي ؟ اذا كان نعم ارهابي فأنتم يا سيدتي ارهابيين لانكم حاربتم في حرب اكتوبر تحت حجة استرداد سيناء واذا كان الجواب لأ فعلى أي أساس تقولين حق الطفل كلمة ارهابي !الانجليز احتلوا بلدك مصر هل هم ارهابيين والمصريين طردوهم هل اهل بلدك ارهابيين؟ مش تحددي قبل على مين نطلق كلمة الارهابي هذا اذا أنتي كنتي صادقه مع نفسك وتقولي انك شخصيه قويه وما بتخافيش من أي شخص او بتخافي ! " تمسكي القاعده وتتركي راس الهرم " هل هذا هو العدل ؟ اترك اهل الارهاب اللي احتلوا دولنا في حالهم وارتكبوا في حقنى ابشع الجرائم وامسك تقريع وتجريح في اللي يدافع عن ارضه وعرضه حاجه عجيبه لما يتحول الباطل لحق والحق لباطل واضح كل واحد يعمل لغاياته واهدافه /(ع ذلك هى تربى حفيدها ليصبح رجلا إرهابيا، ينتشى بفكرة القتل، فالإرهاب يبدأ بفكرة فى المخ تؤيد العنف والطاعة والإجبار ( ليس الحوار والتساؤل والاختيار ) يرسل المخ أمرا الى العقل بالتوقف، والى عضلات الذراع بالحركة، وإلى أصابع اليد لإمساك السيف أو المسدس، والضغط بإصبع واحد فوق الزناد. )< تعمل ايه المسكينه تحب تقلد الامريكانوا اللي كل افلامهم حروب وقتل وتدمير حتى اللعاب تعلم الطفل كيف يقتل وبعدها يطبقه على اهل بيته وفي المدرسه بالمناسبه هو حلال على امريكا تعلم اطفالهم على الارهاب وحرام على صحبتك ؟ وما تنسيش ان امريكا هي المثل الاعلى والكل يحب يقلدها