ديموقراطية تعليق الدستور!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
خالد أحمد الطراح
قبل أيام معدودة من الذكرى الـ55 من إقرار الدستور الكويتي في 11 نوفمبر 1962، ومصادقة الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، خرجت أصوات نيابية من تحت قبة عبدالله السالم وخارجها تنادي بتعليق الدستور الذي جاء على أيادي نخبة من الأوفياء من الشعب الكويتي، الذين كرسوا حياتهم ونضالهم من أجل ما ننعم به اليوم من حريات ومكتسبات دستورية، بدلاً من تكريس الاحتفاء وطناً وموطناً بالدستور وأعضاء المجلس التأسيسي بمبادرة ودعم نيابي في ذكرى وطنية محل اعتزاز وفخر لجميع أهل الكويت.
نعم، فبدلاً من كلمة وفاء بحق رجالات الكويت، الذين أرسوا قواعد ومبادئ ديموقراطية دستورية، وكذلك من دافعوا عنه بقوة وصلابة، وصمدوا الى اليوم امام كل التحديات المفتعلة من بعض المجاميع أو من الحكومات المتعاقبة ايضا، نجد أنفسنا امام مشهد مؤلم ومشوه للديموقراطية، التي عرفها الشعب الكويتي شيباً وشباباً من الجنسين، فمن تحت قبة مجلس الأمة يتصارع بعض النواب على الدفاع عن الادارة الحكومية بدلاً من مصالح الدولة والشعب، إلى درجة هوس الجرأة بالمطالبة بتعليق الدستور، ناسين هؤلاء النفر أنهم أساساً يجلسون في المقاعد النيابية بموجب مواد دستورية وانتخابات شعبية!
وبدلاً من تصحيح مسار العمل الحكومي وتصويبه، من خلال الأدوات الدستورية، نواجه مخططات لزرع الألغام في النظام الديموقراطي ونسف نضال تاريخي وتضحيات لأسر كويتية من أجل كويت الماضي والحاضر!
حين انتفض الشعب الكويتي منذ عشرات السنوات، بسبب عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، كلما عُلقت مواد الدستور نتيجة الحلول غير الدستورية لمجلس الأمة، كانت النتيجة مواجهات عاصفة وصداماً شعبياً مع السلطة الحكومية من مختلف فئات وشرائح المجتمع الكويتي، إلى أن عادت الأمور إلى وضعها الدستوري الصحيح، بينما المفارقة اليوم أننا نعيش وضعاً مختلفاً عن المحافظة على المكتسبات الديموقراطية، وضعاً انقلابياً على الدستور من بعض نواب الأمة!
أما بالنسبة لما يسوقه البعض من حجج عن التحديات الإقليمية في المطالبة بتعليق مواد الدستور، فالكويت من خلال نظامها الديموقراطي قادرة، حكومة وشعباً، على الصمود والتصدي أيضاً لأي مؤامرات تستهدف أمن وأمان الكويت.
محلياً، الكويت بإرادة شعبها وحكمها الدستوري قادرة على الحفاظ على وحدتها وصلابتها كدولة مدنية، كما حصل إبان فترة اجتياح الكويت في 1990.
من الواضح أن هناك من يحلم ببطولة شعبية من دون إدراك أنها بطولة وهمية، فالانتخابات الدستورية لم يكن هدفها إيصال نواب ليكونوا صدىً لصوت الحكومة أو مدافعين عنها من متنفذين ومنتفعين من حالات تعليق الدستور!
يتجدد اليقين اليوم أكثر من أي وقت مضى بضرورة استعجال تقديم مشروع لإصلاح نظام الصوت الواحد الانتخابي، حتى لا تعم الفوضى السياسية، فما تشهده الساحة المحلية من تطورات ومواقف لا علاقة لها اطلاقاً بالوضع الديموقراطي الدستوري، فمثل هذه الفوضى أكثر خطراً على الكويت وشعبها من أي تحديات أخرى مهما كانت طبيعتها!
ما نسمعه بين الحين والآخر من مطالبات ملغومة من البعض بتعليق الدستور وحل البرلمان ليست سوى عبث وتخريب متعمد من جماعات تسعى إلى نسف مكتسبات ديموقراطية راحت نتيجتها أرواح كويتية في الماضي، واستقر آخرون خارج الكويت ووراء القضبان أيضاً.
حتى في ظل نظام الصوت الواحد الانتخابي، وفي حال عدم تمكن اصحاب الضمائر الوطنية في المجلس الحالي، من تغيير هذا النظام، ينبغي على القواعد الانتخابية، والشعب الكويتي بشكلٍ خاص، توثيق مواقف التخاذل والتآمر على دستور عمره 55 عاماً!
النظام الديموقراطي الكويتي في نصوص دستور 1962، وليس في غيره، وعدم توثيق مجمل الواقع التاريخي لنضال الأجداد والآباء لا يعني الالتفات عن حقائق تاريخية، من بينها المادة الـ6 من الدستور، «نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، والسيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور».