بائع الترمس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سمير عطا الله
مضى أربعون عاماً على ذهاب أنور السادات إلى القدس. لم يصدق أحد التكهنات بالزيارة، ولم يصدق العالم عينه وهو يرى رئيس مصر يترجل بخطى واثقة سلم الطائرة، لكنه أيضاً يمسح تعرّق وجهه بتوتر طوال الوقت. أكثر من كان يشكك فيما يرى، زعماء إسرائيل الذين اصطفوا لاستقباله.
روى نجيب محفوظ في مذكراته إلى رجاء النقاش أن السادات كان قد هاجم توفيق الحكيم ومجموعة من الكتّاب (بينهم محفوظ) الذين أصدروا بياناً دعوا فيه إلى التفاوض مع إسرائيل، «وكانت غولدا مائير تعتبر السادات أعدى أعداء إسرائيل، وقالت ذات مرة إنه أكبر ممثل شاهدته في حياتي، ويستحق جائزة الأوسكار».
وكان محفوظ من دعاة التفاوض «من أجلنا لا من أجل إسرائيل»، وأعطى مقابلة إلى «القبس» الكويتية حول هذا الأمر، نشرتها الصحيفة وفتحت الباب للنقاش. وشارك البعض في النقاش على طريقة المفكرين، والبعض الآخر على طريقته، وقال أحدهم عن أهم روائي عربي: «أحسن لك تروح تبيع ترمس».
ولم يأخذ محفوظ بالنصيحة، بل مضى يكتب الرواية إلى أن حاز نوبل الآداب. وهنا، قال أصحاب بيع الترمس إن سبب منحه إياها هو موقفه من إسرائيل. وقال الترامسة أنفسهم إن بطرس غالي أصبح أميناً عاماً للأمم المتحدة بسبب تأييده إسرائيل. ومن ثم، طردته أميركا من المنصب مستخدمة الفيتو في وجه 14 دولة بسبب موقفه من مجزرة قانا في جنوب لبنان.
قال محفوظ: «لو كان لدى هؤلاء ذرة من التفكير المنطقي الموضوعي لفهموا أنني أنشد السلام من أجل أولئك البسطاء الذين طحنتهم الحروب. لو كنا أنفقنا نصف الأموال التي اشترينا بها السلاح على التنمية، لكانت تكفي، إن لم يكن لإزالة إسرائيل، فعلى الأقل لتحجيمها. فليس شرطاً أن تستعيد حقوقك بالحرب، فقد يكون من الأفضل والأجدى أحياناً استعادتها بالتنمية، كما فعلت ألمانيا واليابان. الدولتان هُزمتا هزيمة منكرة في الحرب العالمية الثانية، واستطاعتا أن تردا على الهزيمة بغير سلاح وغير دمار، وحصلتا على حقوق ما كانتا لتحصلا عليها بالحرب».
لو أمدَّ الله بعمر نجيب محفوظ، لرأى الإرهاب يقتل عسكر مصر في سيناء، ويخرب حياتها واقتصادها، ويزعزع استقرار مصر، ويعكر آمالها ويَمكُرُ على أمنها.