ما بني على باطل فهو باطل!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
علي القاسمي
تأتي الأحداث الدراماتيكية في اليمن بين «شريكي/ فريقي» الانقلاب لتؤكد أن اليمن كان آخر ما يفكر فيه هذان الفريقان حتى وإن نثرت دكاكين بيع الكلام أضحوكة أن «اليمن أولاً» في مشاريع التدمير وحكايات التآمر والخداع والالتواء.
الوصول إلى السلطة مع بالغ الخيبة والألم كان يشكل الهدف والأمنية والمراد من هوس الركض بأي اتجاه، وبيد العقول المريضة التي ترى في اليمن مساحة مناسبة وجيدة للذهاب بهدوء نحو أهداف التوسع، مهما كانت كلفة هذا الذهاب المر في حق شعب كان قدره أن يعاني هوس الانقلابيين، وتزايد الخونة، وقسوة العيش في أجواء الحديد والنار. مشوار الخيانة والعمالة هو المشوار الذي عانى معه ومنه اليمن كثيراً، كانت في معيته تصافح جبراً الفقر والمرض والجهل وتفقد المقدرات والمدخرات. ولم يكن الخلاص من هذا المشوار يسيراً لأن التعامل مع الخائنين أو العملاء يكون دوماً تعاملاً منزوع الثقة، ومبنياً على توقع الأسوأ لا سيما أن الأوراق التي تم جمعها مع دورات الأيام وتقلبات الزمن تنسف مصطلح حسن النوايا وتؤجله إلى أن يستقيم فعل صريح يقلب الطاولة ويميل بكفة هذا المصطلح المركون لظروف المرحلة، وأن المؤمن الحق لا يجب أن يلدغ من جحر مرتين.
كان منتظراً ولازماً خروج أبناء اليمن عن صمتهم، ونفاد صبرهم من أن يكونوا أداة في يد من لا يراهم سوى مشروع موقت لخطط التفتيت والتمزيق وإشعال حدود الجوار وزرع الفتن ودق إسفين الخلافات بين الشعوب المتماسكة ذات الأهداف الموحدة والمتعطشة للأمان والسلام. ومن المحزن والمخجل في آن واحد أن تجتهد العمائم لتشويه وجه اليمن الجميل، ويساهم في مأساة التشويه من يرى أن اليمن ليس سوى عنواناً للسلطة وإلا فعليّ وعلى أعدائي.
الرجل اليمني يعرف جيداً ماذا تعني الشرعية، وإن عاني بالغ المعاناة من الذين لم تعجبهم هذه الشرعية ورأوا أن من الواجب طعنها وقهرها ولو على حساب اليمن الذي اقترن اسمه بالسعادة، ثم جاء من لا يعرف السعادة إلا بالضرب على مفاصل بلاده وأباحت الدماء واستبدال السعادة بالعوز والحاجة وفقدان الاستقرار والخسائر البشرية والمادية.
توقفت كثيراً عن الحلم الأنيق الشهي الذي يقول: اللهم أعد اللحن عراقياً، والزيتون فلسطينياً، والقهوة والعسل يمانياً، والياسمين دمشقياً، والعز عربياً. نهوض صنعاء ورفض أهل اليمن أن يظلوا والجرح لصيقين وتحت رحمة المتقلبين والمنقلبين هو النهوض الذي ينتظره التاريخ ليحفظه ويحفظ معه الأبرياء والمغلوبين على أمرهم. اليمن لا بد أن يعود إلى أهله ويتخلص من المتآمرين والمزايدين، فلا بد من صنعاء وإن طال السفر/ التعب.