تسوية مرتقبة تطوي استقالة الحريري وتضع البلاد أمام امتحان «النأي بالنفس»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كارولين عاكوم
وضعت اللمسات الأخيرة على البيان الذي سيصدر عن الحكومة اللبنانية ويطوي صفحة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري ومرحلة التريث التي دخل فيها لبنان نتيجة تعليق قراره بانتظار ما ستؤول إليه المباحثات بين الأفرقاء. وتدل المعطيات حالياً على «إعادة إحياء التسوية»، عبر بيان من 4 نقاط رئيسية تتمحور جميعها حول سياسة النأي بالنفس بضمانة رئيس الجمهورية ميشال عون.
وتعقد الحكومة جلسة استثنائية من المفترض أن يعلن في نهايتها البيان المرتقب، لتستأنف بعدها الحياة السياسية الطبيعية. وستكون المحطة الأبرز هذا الأسبوع مشاركة الحريري على رأس وفد وزاري في اجتماع «مجموعة الدعم الدولية» في باريس يوم الجمعة المقبل، بحسب ما أشارت مصادر رئاسة الحكومة، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن صيغة البيان «المكثفة» وضعت بين الرؤساء الثلاثة، وهي ترتكز على 4 نقاط أساسية؛ هي نأي لبنان بنفسه عن الصراعات والنزاعات العربية والحرص على علاقة لبنان بالدول العربية، كما وقف الحملات الإعلامية والمحافظة على اتفاق الطائف.
وتؤكد مصادر رئاسة الجمهورية أن «البيان» المرتقب حظي بموافقة جميع الأطراف بما فيها حزب الله الذي فوّض كما غيره من الأطراف الرئيس عون بهذه المهمة. وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»: «عملياً يمكن القول إن البيان الجديد هو تأكيد للثوابت التي جاءت في خطاب القسم وفي البيان الوزاري». وعن الضمانات اللازمة للتطبيق هذه المرة، بحيث بات الجميع أمام امتحان التنفيذ، تقول المصادر: «رئيس الجمهورية هو الضامن الرئيسي، وعلى من فوّضه وأعلن موافقته على هذه التسوية الالتزام بتعهداته واحترام كلمته سياسياً وعملياً».
وعكست مواقف النائب وائل أبو فاعور الذي التقى أمس الحريري موفداً من رئيس اللقاء الديمقراطي، الأجواء الإيجابية نفسها، آملاً أن تطوى صفحة الاستقالة نهائياً. وقال بعد اللقاء: «الرئيس الحريري منذ الأساس أعرب عن اعتقاده أن هناك قضايا أساسية يجب أن يحسم الرأي فيها، وهي اتفاق الطائف والعلاقات العربية - العربية وعلاقات لبنان العربية والنأي بالنفس، والموضوع الإعلامي أيضاً هو جزء من هذا الأمر»، لافتاً إلى أن «النقاش يدور حول هذه المواضيع، وكيف يمكن تجنيب لبنان تداعيات المنطقة والتدخل فيما ليس له شأن فيه وليس له قدرة عليه». وأكد أن «الأمور تتجه إلى الإيجابية وتكاد تطوى صفحة الاستقالة التي أتمنى وآمل وأتوقع أن تكون أصبحت خلفنا في الأيام القليلة المقبلة بعدما حصل نقاش سياسي على خلفية الأزمة التي أثارتها استقالة الرئيس الحريري، وتم توضيح كثير من النقاط والتفاهمات السياسية التي سيعبر عنها بموقف جامع لمجلس الوزراء».
وكما داخلياً كذلك خارجياً، يبدو أن ضمانات تطبيق «النأي بالنفس» هي أبرز ما يقلق الأطراف والدول المعنية. وفي هذا السياق، نقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر سياسية قولها إن «فرنسا عادت وتحركت في الساعات الأخيرة بشكل مباشر على خط إنهاء الأزمة، وأوفد الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسية برنار ايمييه، الذي يرأس أيضاً خلية فرنسية تتابع الأزمة اللبنانية منذ استقالة الحريري، إلى إيران، والتقى عدداً من المسؤولين الإيرانيين وبحث معهم في التسوية المنتظرة، وفي ضرورة أن تبدي طهران تجاوباً وليونة، وبالتالي أن تطلق مسار سحب حزب الله من الميادين العربية. فالنأي بالنفس يجب أن يكون هذه المرة، فعلاً لا قولاً، وإلا فإن الاتفاق الجديد لن يصمد. كما أن باريس لفتت انتباه الإيرانيين إلى أن البديل من المرونة السياسية سيكون قراراً تحت الفصل السابع يصدر عن مجلس الأمن يضع حزب الله ومصير سلاحه تحت المجهر الأممي والدولي»، مشيرة إلى أنه «على ما يبدو أن طهران فهمت الرسالة الفرنسية وأظهرت استعداداً للتعاون».
وتأتي جهود إحياء التسوية بعدما سلّم الجميع بوضع قضية سلاح حزب الله جانباً وربطه بالاستراتيجية الدفاعية. وكان الحزب أبدى على لسان أمينه العام ومصادره ليونة في مقاربة هذه المطالب، مبدياً الاستعداد للدخول في أي حوار للوصول إلى حل وحماية لبنان، وقالت مصادره: «كما أكدنا عدم مشاركتنا في الحرب باليمن، سبق لنا أن قلنا عندما ينتفي سبب وجودنا في العراق وسوريا سننسحب من المعركة، وهذا ما حصل اليوم في العراق وسيحصل في الوقت المناسب من سوريا».