قيامة «أرطغرل» .. وحلم الخلافة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أحمد الحناكي
لا تملك حقيقة إلا أن تتأمل بأعجاب ما يفعله الأتراك في تمجيد دولتهم، ماضياً كان أم حاضراً! إذ إن لغة الخطاب التركية تشبه نظيرتها الإيرانية، كما تجمعهما المطامع والطموحات السياسية في ما هو أبعد من محيطهم الجغرافي.
ومن يعتقد أن تركيا بريئة كبراءة الذئب من دم يوسف فهو واهم، الفارق الأساس بينها وإيران هو أنهم يعالجون أمورهم بالكتمان، والكتمان هنا تعبير مجازي، أقصد فيه أنهم يعملون من خلف الكواليس، بينما إيران كما يعرف الجميع تعلن تدخلاتها، بل وتتباهى بها.
المسلسل التركي «قيامة أرطغرل» وقبله «وادي الذئاب» هما نموذجان واضحان معبران عن طموحات وتطلعات الأمة التركية، كما يرون أنفسهم، وسبق لي أن كتبت مقالةً عن «وادي الذئاب»، الذي يتحدث فيه السيناريو عن المؤامرات على تركيا في الحاضر من جميع الدول الكبرى، وكيف يستطيع الأتراك من خلال «عبقريتهم» و«شجاعتهم» أن يفسدوا جميع المؤامرات التي تستهدف لجم هذه الدولة العملاقة، كما يصورون أنفسهم.
مسلسل «قيامة أرطغرل» جانب مماثل، لكنه يتغنى بالعثمانيين، من خلال والد عثمان المؤسس، وهو «أرطغرل»، المسمى المسلسل باسمه، فهو شجاع عادل ذكي وسيم محبوب من النساء، وهلم جراً، والهدف معروف؛ من خلال دغدغة مشاعر المسلمين وتحديد في العالم العربي في نوع من الاستعمار الثقافي تمهيداً لاستعمار فعلي.
الأتراك يجيدون اللعبة الإعلامية والمناورات السياسية أكثر من الإيرانيين، الذين يتفوقون بالشعارات السياسية، وكنت أتمنى على العرب، وهم يملكون المادة، أن يستخدموا هذا السلاح الفتاك، فالأفلام والمسلسلات تحدث أثراً لا يوصف في عقول المشاهدين، فمن منا لم يتطلع بإعجاب إلى شخصية صلاح الدين في ذلك الفيلم العظيم «صلاح الدين» الذي مثل دوره أحمد مظهر من إخراج يوسف شاهين؟
من الجميل أن نمجّد الإسلام، أو يمجد المسيحيون ديانتهم، أو حتى اليهود ديانتهم، لكن على ألا يكون ذلك من خلال إبراز أشخاص محسوبين على دول أو تيارات معينة، فيصبح العثمانيون هنا هم الإسلام، بينما غيرهم غير جديرين به. أكرر هنا شكوك ذكرتها من قبل عن أصحاب المطامع السياسية، الذين يمتطون ناصية الآيديولوجيا الدينية أو المذهبية لـ«بثّ» مآربهم الأخرى.
وعودةً إلى المسلسل، فلا أعرف؛ هل أبكي أم أضحك على تناقضات تحدث فيه، مثل أن يتقاتل الأتراك المسلمون بينهم ويمارسون، أو بالأصح الأشرار منهم، كل الموبقات التي لا تتصورها، ثم يذهب بعدها للصلاة وبراءة «الحمل الوديع» في عينيه! أما المرأة فتخاطب زوجها بـ«سيدي» وتساعده في خلع ملابسه وتكاد أن تفرش الأرض له ورداً، ومع ذلك لا تسلم من نظرات تقدح بالشرر إن ارتكبت ما يسميه هفوة.
أعتقد أن الأتراك وقعوا بين سندانين، فهم من جهة يطمعون في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ومن جهة أخرى يستخدمون الإسلاميين ورقة يساومون بها الأوروبيين، بل إن أردوغان وكثير من مسانديه يعتمدون بعلاقتهم مع بعض الدول والأحزاب غير التركية على ورقة الإسلام، وسبق للرئيس التركي أن زار موقع تصوير المسلسل، كما رافقه الممثلون في زيارة له إلى الكويت.
ونقلاً عن «تركيا برس»، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أهمية المسلسل التاريخي التركي «قيامة أرطغرل» (ديريليش بالتركية)، مبيناً أن المسلسل يحظى في الآونة الأخيرة باهتمام وإعجاب الجميع صغاراً وكباراً، وأن أفراد أسرته أيضاً يتابعونه من كثب. جاء ذلك خلال مقابلة أجرتها قناة «تي آر تي» الحكومية التركية، قبيل بدء عرض «المسلسل»، الذي حقق نسبة مشاهدة عالية، في ظل روعة الإنتاج والخيال السينمائي العالي في الدراما التاريخية.
وقال: «إن الشعب التركي، بجميع فئاته، بات يشاهد مسلسل «قيامة أرطغرل» بإعجاب واهتمام في الآونة الأخيرة»، واصفاً المسلسل بأنه بمثابة ردّ هام على أولئك الذين يستخفون بقدرات تركيا وشعبها.
وأوضح الرئيس التركي أن الفريق المشارك في إعداد المسلسل التاريخي سيقدم خلال الفترة المقبلة على إنجاز أعمال جديدة ومتتالية، وأضاف: «حفيدي الذي يبلغ من العمر 13 عاماً، لا يكتفي بمشاهدة المسلسل في موعده، بل يشاهد الإعادة أيضاً، وكذلك بقية أحفادي».