«داعش» والنساء الأجنبيات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
خليل علي حيدر
الكثير من قصص «إرهابيي» داعش و«إرهابياته» في العراق وسوريا وأوروبا، قد تتحول قريباً إلى أفلام سينمائية، من قبيل قصص الجريمة والرعب والمطاردة والتلاعب بالمصير، أو خليط من كل عناصر الإثارة والصدمة، بعد أن تجاوز تنظيم هذه العصابة كل الحدود الإنسانية، وارتكب كل ألوان الجرائم في كل هذه الدول، على امتداد سنوات ظهوره.. حتى الآن.
خذ مثلاً قصة «سالي جونز»، وهي البريطانية التي جندها تنظيم «داعش» من خلال الإنترنت، ولقيت مصرعها في سوريا مع ابنها البالغ من العمر 12 عاماً خلال هجوم بطائرة «درون» أميركية من دون طيار. وقالت الصحف إن «جونز» من جنوب إنجلترا، وقد اعتنقت الإسلام، وأطلقت عليها الصحافة البريطانية لقب «الأرملة البيضاء» بعد مقتل زوجها جنيد حسين، «العقل الإلكتروني» الذي كان ينتمي للتنظيم أيضاً، وذلك في هجوم بطائرة من دون طيار عام 2015. كان «جنيد» من «برمنجهام»، المدينة البريطانية المشهورة لكثرة المسلمين فيها، وكان يعتبر أشهر «قرصان إلكتروني» لدى التنظيم. وكانت «سالي» قد سافرت عام 2013 إلى سوريا، حيث تزوجت «جنيد حسين» الذي تعرفت عليه من خلال الإنترنت، ونشطت في مجال التجنيد على المواقع الإلكترونية، ونشرت صورة لها على وسائل التواصل وهي محجبة وتشهر سلاحاً صوب الكاميرا.
نفت المخابرات الأميركية أن تكون واثقة تماماً من مقتل «سالي»، إذ أنه لا سبيل لأخذ عينة من الحمض النووي، لكنها - أي المخابرات - أبدت «ثقة» في موتها، غير أنه «سبق وأن أعلنت أجهزة» مقتل متشددين في «داعش»، ثم يتبين لاحقاً أنهم على قيد الحياة». «الشرق الأوسط: 13-10-2017».
وفي الأيام الأخيرة لتحرير مدينة «الموصل» في العراق، كشفت مصادر أمنية عراقية، أن عدد المسلحين المتبقين لـ «داعش» في المدينة القديمة يبلغ نحو 250، غالبيتهم من الأجانب وعوائلهم الذين ينفذون عمليات انتحارية ضد القطعات العسكرية، وانشغلت ألمانيا بخبر العثور على «خمس داعشيات» ألمانيات بين المعتقلات في المدينة العراقية الممزقة.
وفي مناطق أخرى بالقرب من نهر دجلة، وفيما كانت القوات العراقية تتقدم بحذر بسبب كثافة العبوات الناسفة التي زرعها المسلحون في آخر أزقة المدينة، وفيما كانت المروحيات العراقية تقصف بعض المواقع لتجمعات «داعش»، تحدث مسؤول في الاتحاد الوطني الكردستاني عن «استسلام عدد من زوجات مسلحي التنظيم الأجانب بعد مقتل أزواجهن، حيث سلمن أنفسهن طوعاً مع أطفالهن، في حين ألقت قوات الأمن القبض على بعضهن، كما لجأت أخريات إلى تفجير أنفسهن وأطفالهن بالقوات المتقدمة». «19-07-2017».
وتأمل بعض الوقت، هذه القلوب الحجرية في صدور أمهات أوروبيات «اعتنقن الإسلام»، وعشن في ظل دولته الـ «داعشية»، وعرفن حقيقة جرائمه.. ثم يفجرن أنفسهن وأطفالهن في سبيله.. وقد دنت ساعة انهياره!
أوضحت الصحيفة أن جنسيات المسلحات الأجنبيات في «داعش»، تنقسم بين أغلبية روسية وشيشانية، إلى جانب الألمانيات والكنديات والأستراليات والفرنسيات والبريطانيات والأفغانيات، وكذلك نساء أفريقيات وعربيات وبالطبع عراقيات. ومن الأعمال التي قامت بها نساء التنظيم الإشراف على «الحسبة» أو الشرطة النسائية التي كانت تجوب الأسواق والأزقة بحثاً عن النساء المخالفات لقوانين «داعش». ويقال إن من وسائل التعذيب لديهن «العضّاضة»، وهي آلة حديدية شبيهة بمصائد الحيوانات، ضد النساء المعتقلات. وقال المسؤول الكردستاني إن القوات العراقية قبضت مؤخراً على نحو 27 امرأة أجنبية من مسلحات «داعش» نقلن جميعاً إلى بغداد للتحقيق معهن، «معظمهن كن قناصات، لا سيما الروسيات منهن». كما أوقف الجنود العراقيون عشرات الـ «داعشيات» من مختلف الجنسيات مختبئات في أقبية عدد من المنازل، «بعضهن انغماسيات - يفجرن أنفسهن خلال المعارك المباشرة - وأخريات كن قناصات». وقالت المتحدثة باسم الخارجية الألمانية إن «برلين» لا تمتلك معلومات مؤكدة حول خمس ألمانيات من بين نحو عشرين «داعشية» اعتقلن في الموصل.
وحذرت السلطات الألمانية في أكتوبر الماضي، من «خطر انتشار التطرف بين القاصرين»، وبخاصة الأطفال الذين عايشوا الإرهابيين وعادوا مع أمهاتهم أو عوائلهم إلى ألمانيا متشبعين بتعاليم «داعش»، حيث أشارت تقارير إلى انضمام نحو ألف شخص من ألمانيا للتنظيم، 5% منهم من القصر. وأبدت السلطات مخاوفها مما سينجم عن هزيمة «داعش» في سوريا والعراق، إذ من المتوقع أن «تعود الكثير من النساء مع أطفالهن».
وسبق لمتحدثة باسم دائرة الهجرة واللجوء في «نورمبيرج»، أن ذكرت «أن مركز إرشاد العائلات ضد تطرف الأبناء تلقى سنة 2016 نحو ألف مكالمة من عائلات مسلمة تطلب النصح، خشية تطرف أبنائها القاصرين. ويزيد هذا الرقم بمقدار مائة مكالمة عن العام الذي سبقه».
وقد زاد إنفاق الألمان على أجهزة الأمن والاستخبارات لمواجهة التهديدات الجديدة التي تتعرض لها البلاد، وتوظيف المزيد من المتخصصين في وحدة جديدة للشرطة، تعنى بفك الاتصالات المشفرة. كما ذكرت صحيفة ألمانية أن دائرة حماية الدستور ستتسلم قمراً اصطناعياً خاصاً بها، وكانت الدائرة تعتمد في نشاطها على صور الأقمار الاصطناعية التي يلتقطها الجيش الألماني أو أجهزة الاستخبارات الحليفة. وقيل إن التحقيق «سيشمل الأخبار التي تناقلتها الصحافة عن مخبر الشرطة المتخفي بين الإسلاميين الذي شجع المتطرفين على تنفيذ العمليات الإرهابية في ألمانيا». «21-10-2017».
وقد عرّفت الشرطة المخبر بالاسم الحركي «مراد»، وأن له صلات قوية بالتونسي «أنيس العامري»، قائد شاحنة الدهس في السوق ببرلين خلال أعياد الميلاد، وهي عملية إرهابية أودت بحياة 12 شخصاً وجرح العشرات. وقيل إن «مراد كان يشجع المتطرفين على «تنفيذ اعتداءات في ألمانيا بدلاً من السفر للجهاد في سوريا»، وكان يعمل ضمن حلقة العراقي «أبو ولاء» المعروفة باسم «حلقة المسلمين الناطقين بالألمانية»، والتي تُجرى محاكمته بتهمة العضوية في تنظيم إرهابي، وتهمة تجنيد المتطوعين للقتال إلى جانب «داعش».
وكان مراد أكثر أعضاء المجموعة تطرفاً، كما شهد عليه الآخرون، وكان الوحيد الذي يحرض على تنفيذ العمليات داخل ألمانيا، حيث كان يقول لبعض المهاجرين غير القادرين على السفر «هيا، أنت بلا جواز سفر، اعمل شيئاً هنا.. نفذ عميلة»! وقد اعتقلت الشرطة متهماًَ آخر يدعى «إيفان ك»، «12 سنة»، عثروا في شقته، وهو من نفس المسجد الذي كان يزوره «العامري»، ويخطب فيه الداعية العراقي «أبو ولاء»، على مواد تصلح لصناعة قنبلة إنشطارية، إضافة إلى قوس وسهام عالية السرعة يعتقد أنه أراد استخدامها في عملية اغتيال. وكان قد جرى اعتقاله في فبراير 2017، بعد متابعة أمنية، حيث اشترى القوس، لدى خروجه من المخزن، محملاً بعلبة مستطيلة كبيرة، وعند سؤال رجال الأمن صاحب المخزن عن الطرد، قال إنه قوس سعره 250 يورو، يطلق سهاماً سرعتها 148 متراً في الثانية!
وتقولون إسلاموفوبيا!