جريدة الجرائد

هل تلد الكلمة كلمة أخرى فرقاء ، أفرقة ، أفرقاء

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

 عبدالله الغذامي

  تتزاوج كلمتان وتلدان ثالثة ، لم يحدث هذا بفعل فاعل محدد ، يكون أراد ففعل ، ولكنها تحدث وكأنما سيقت الكلمة على الألسنة دون تساؤل ، ولو تساءل جمهور اللغة عنها لمنعوا ولادتها ... فهي تولد إذن وتسير وتنمو حتى ليعجز حراس الجمود اللغوي عن كبحها ، ويعجز قانون ( قل ولا تقل ) عن تحويل مسار النهر المتدفق مهما تشنجت صرخات الباكين على مجد اللغة ، كما يتوهمون طبعا ، ومجد اللغة هو بسلامتها منهم وقدرتها على التمترس بالناس والقرطاس حتى لا تنفذ إليها سهامهم .

اللغة أقوى منهم وهي بكل تأكيد أذكى وأحصف والشاهد على هذا هو تاريخ مسارات اللغة العربية وفتوحاتها الكبرى التي ظلت تواكب فتوحات تاريخنا الأول وتمدده الجغرافي عابر الحدود والألسنة والأذهان ، وإن توقفت الفتوحات عمليا لكن أثرها وتأثيرها يظل فعالا ، ولولا الفتح اللغوي المتصل لما صرنا عربا من المحيط إلى الخليج ، وهو فتح يتعزز كل يوم حسب مهارة اللغة العربية على مقاومة التأكسد والتحجر ، وإن كان بعضنا يحاول أي يحميها بتحجيرها وكتم جسدها بتحنيطه ، وهذه محاولة تتكسر عند كل قفزة لغوية تسخر بهم ومنهم وتتجاوزهم ، وشكرا للفنون الحديثة في الكتابة والتعبير والتخاطب ، ونحن نشهد اليوم الخطاب التفاعلي في المواقع بأنواعها حيث تنطلق اللغة متجاوزة ومتجاهلة المعوقين والمثبطين ، ومنهم من ظهر في تويتر تحت معرفات المصحح اللغوي والمصحح الإملائي ليمارس محفوظاته المدرسية ويلاحق لغة البشر ظنا منه أنه يحمي لغة الضاد ولكن لا أحد يلتفت إليه ، وهم يصدون عنه لا بقرار ذاتي منهم ، لكنهم مدفوعون بسلطان اللغة ومهاراتها في كسر القيد وتحرير العصفور من قفص السجان ، وليس أخطر على الثقافة من سجاني اللغة ، ولو تيسر لهم لكتموا أنفاس اللغة حتى لا تتجاوز معتقلهم المعنوي ، ولا تجرؤ على السير في الشارع ، أو تنسم الهواء والأوكسجين ، وتظل اللغة تلد اللغة ، ولن تقف عن العطاء والإبداع والتجدد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
.................
توفيق -

هذا الكلام الذي أدلى به كانبنا الكريم أظنه ينطبق على كل اللغات إلا اللغة العربية .. لو تم السماح لهذا التمدد والتجدد لتقطعت أوصال لغتنا الجميلة ولربما بعد حزمة من مئات السنين لن يتواجد مخلوق عربي يفهم قرآن ربه .. أمة اللغة الإنجليزية خير مثال .. من عاش منهم قبل خمسمئة عام فقط لو بعث الآن لتاه .