جريدة الجرائد

حكم جديد بإعدام طه حسين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

 محمد علي فرحات  

أثبت معظم المثقفين المصريين حضوراً إيجابياً في أزمات وطنهم، وثمة ما يدهش في هذا الكمّ والنوع من النتاج الأدبي والفكري الذي يصدر من القاهرة على رغم الانسداد السياسي والتهديدات الأمنية الناتجة من تدخلات أجنبية، ومن طموحات «الإخوان» باستعادة حكم فشلوا فيه خلال رئاسة محمد مرسي القصيرة، و «الغنية» بتفجيرات طاولت رموزاً في المجتمع المصري الحديث، فضلاً عن كنائس يتعبد فيها ملايين السكان الأصليين.

ومثلما فجّر إرهابيون تمثالاً لطه حسين، ها هي كاتبة مصرية تسير عكس التيار النهضوي فتفجر صاحب التمثال معنوياً في كتابها «الاختراق الصهيوني لمصر من 1917 حتى 2017». ومأخذ الكاتبة عواطف عبدالرحمن على طه حسين أنه رأس تحرير مجلة «الكاتب المصري» الشهرية في سنوات إصدارها بين 1945 و1948. وهي لا تناقش مادة المجلة، مكتفية بأن مالكيها هم أسرة هراري المصرية اليهودية التي اشتهرت بشهادة القادة الصهيونيين بعدم تعاملها معهم ورفضها الاندراج في إنشاء كيان يهودي استعماري على أرض فلسطين ضد مصالح يهود المنطقة، ومنهم يهود مصر.

أما طه حسين، فأصدر المجلة بما يوافق نهجه النهضوي الليبرالي، مستقطباً كتّاباً مصريين بارزين، ومعهم أوروبيون كتبوا خصيصاً لـ «الكاتب المصري»، أبرزهم الفرنسيان جان بول سارتر وروجيه كايوا.

الكتاب يلوّح بعصا التخويف للمبدعين والمفكرين في مصر، مكرراً كتابات منعزلين ومنكفئين ومتعصبين من جماعات الإسلام السياسي وجماعات اليسار القومي المتشددة، وهؤلاء يختلفون في أمور كثيرة، لكنهم يتفقون على منع الهواء عن الشعب المصري، فيرى المثقف نفسه مدعواً إلى فتح النوافذ عنوة.

ربما لا يستحق الكتاب تعليقاً، لكن صدوره في هذا الوقت بالذات إشارة إلى أن مصر لم تتجاوز ما يسميه البعض مشكلة هوية لا ينتج عنها سوى إشعال حروب صغيرة أو كبيرة، استناداً إلى شعار «أنا ولا أحد غيري» حين يتمسك به كثيرون من أهل التعصب والتحامل، غافلين عن الواقع التعددي للجماعة الوطنية في مصر وغيرها.

لم تعرف مصر الإشكاليات المفتعلة للهوية قبل ثورة 1952، وكانت في نظر أهلها وفي رؤية الأجانب مجتمعاً مستقراً في وادي النيل، له أبعاد متوسطية يحملها العرب والأجانب المتمصرون محركو الطبقة الوسطى، وأبعاد أفريقية وإسلامية وعربية تؤكدها الجغرافيا والدور التاريخي. نذكر هنا نجيب المستكاوي المهتم بالفلسفة الذي شارك في ترجمة كتاب بول هازار «أزمة الضمير الأوروبي» وأصدرته دار الكاتب المصري عام 1948 مع مقدمة لطه حسين، وقد قال لأصدقائه في صيف 1952: «انتهى عصر الفلسفة وبدأ عصر كرة القدم»، مبدلاً اهتمامه ليصبح محرراً رياضياً في «الأهرام».

مزاج قادة ثورة 1952 كثيراً ما تداخل مع مزاج جماعات الإسلام السياسي في العداء للطبقة الوسطى المدينية، فسددوا الضربة الأولى لاستقرار الاجتماع المصري بأوامر التمصير والحراسات والمصادرات، كاسرين ظهر التيار المدني لتتراجع الزراعة والخدمات والتجارة والصناعة الطالعة من الخبرات المحلية، إلى أن دخلت النخبة المصرية شيئاً فشيئاً في ثنائية الجيش- الإخوان.

حكم جديد صدر بإعدام طه حسين، لا ينفع مصر بمقدار ما يجدد نقاشاً عقيماً خارج التعددية الطبيعية للمجتمع وحراكه المدني المنفتح.

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ارهاب فكري مرفوض
من خدام الاستبداد العسكري -

هذا ارهاب فكري للكاتبة هل طه حسين شخصية مقدسة حتى لا تتعرض للنقد ؟! العلمانيون المصريون الملاحدة اعداء الحرية وممارسي الارهاب الفكري وخدام الاستبداد العسكري

مقاله. راءعه
Ahlam akram -

تحمل الأنين المصري الذي يتوق للحريه من استبداد الكلمه. الدكتور طه حسين كاناول الذين أنذروا من الاستبداد الديني. وللاسف لازدواجية نحصد مرا رة الحرمان العقلي من الحريه الفكرية. وكل الحريات.

اعدمه الأزهر قبل ذلك
زارا -

المصريون والأزهر خاصة اعدموا طه حسن ثقافيا حينما عملوا ضجتهم الكبيرة عن كتابه (عن الشهر الجاهلي) وجعلوه يحذف اهم جزء من كتابه. تلك كانت اخطر اعدام ثقافي. خاف الأزهر لأن دراسة حقيقة الشعر الجاهلي كان يعني دراسة حقيقة المجتمع المكي والعربي حينها وهذا يعني وجود تناقضات مع القرآن, فخافوا لأن حقيقة الإسلام كانت ستنسف نسفا. لأن هذا كان سيثبت ان جزءا مما في القرآن (الذي كتبه معاوية بن ابي سفيان وحرق كل النسخ الأخرى غير الذي كتبه) فيه ادخال لأمور لم تكن فيه, وبالتالي تغيير الدين من اساسه.